«الهجرة المضادة».. شباب المهجر إلى سوريا والعراق

الوجه الآخر للعولمة خلق إرهابا أكثر حداثة

«الهجرة المضادة».. شباب المهجر إلى سوريا والعراق
TT

«الهجرة المضادة».. شباب المهجر إلى سوريا والعراق

«الهجرة المضادة».. شباب المهجر إلى سوريا والعراق

يشكل ظهور تنظيم داعش بالعراق والشام بزعامة البغدادي، بداية جديدة لشكل آخر من جيل الحركات الإرهابية المتجدد؛ فجماعة البغدادي لم تكتفِ بتأويل الدين تأويلا آيديولوجيا متطرفا، بل جعلت من آيديولوجيتها عقيدة دينية قتالية. ورغم أن الكثير من الباحثين في قضايا الإرهاب يعتبرون «داعش» حركة متخلفة، فإنهم لم ينتبهوا في وقت مبكر لمظاهر الحداثة في التنظيم الإرهابي. كيف تحولت إذن «داعش» من تنظيم عسكري مغلق إلى تنظيم عالمي التكوين والتمويل؟ وهل الطابع المحلي للتنظيم الإرهابي استطاع استيعاب العالمية أم العكس؟
إن أي محاولة تقصد الإجابة عن مثل هذه الأسئلة الملحة لا بد أن تستحضر أن موجات الإرهاب وعمل المنظمات الإرهابية، هو نفسه جزء من مسار الدولة محليا ودوليا. فكما تتأثر الدولة القطرية بعوامل التحولات العالمية، فإن جزءا من ذلك التغير السلبي أو الإيجابي يمس الظاهرة ومنظمات الإرهاب المحلية والعالمية. ولعل أهم هذه التحولات المعاصرة، ما أطلق عليه العولمة؛ فهذه الأخيرة التي هي وليدة مسار الحداثة الغربية، لم تحرر فقط الاقتصاد والتجارة وسوقها العالمية، بل أنتجت أشكالا جديدة من التطرف، مما جعل من ظاهرة الإسلاموفوبيا، والنازية الجديدة، وآيديولوجية اليمين المتطرف في الغرب، مظاهر جديدة «للصراع الإسلامي - الغربي» في أوروبا وأميركا الشمالية وغيرهما.
ورغم أن الإسلاموفوبيا ليست سياسة رسمية للدول الغربية، فإن الحركات المتطرفة المناهضة للمسلمين والأجانب في ازدياد وتأخذ بعض الأشكال العنيفة. تصاحب هذا العامل المتنامي والجديد، مع التغيرات المهمة بالجاليات المسلمة، ودورها الاجتماعي والسياسي الذي اكتسب زخما مهما ومتزايدا في العديد من الدول الغربية، مما مكنها من بناء مؤسسات متعددة، بعضها مدني ديني، وأخرى ذات نشاطات سياسية واضحة.
ولأن حركة التموقع وبناء النفوذ الاجتماعي والسياسي للمسلمين المهاجرين والأصليين بالدول الغربية في تزايد، فمن الطبيعي أن يلقى ذلك رد فعل قويا وعنيفا أحيانا من اليمين المتطرف، ويظهر ذلك بوضوح في الحملات الانتخابية المحلية والبرلمانية.
هذا الوضع الجديد استغلته بعض المنظمات المتطرفة الإسلامية الموجودة بالغرب، لإنتاج وتطبيق استراتيجية دينية على مستوى الاستقطاب والحشد، وبناء آيديولوجية تتبنى وتدعو للمواجهة والقتال، وتعتبر الغرب ودوله «دارا للكفر»؛ فأصبحت بذلك فكرة «البراء» من الدولة والوطن الأم، جزءا من عقيدة بعض الشباب المسلم المولود بالغرب والمتمتع بحقوق ومواطنة الدولة الأوروبية.. وغيرها.
وهكذا أصبحت الظاهرة الإرهابية ظاهرة معولمة، وأضحى الشباب المسلم بالغرب يشد الرحال لمناطق التوتر العربية لممارسة العنف السياسي الإرهابي. يفعل ذلك وهو يعتقد أنه على المنهج الإسلامي الصحيح، وأنه يحارب أعداء الدين. فإذا كانت الموجات السابقة تشهد هجرة الشباب العربي تجاه دول غير عربية، فإننا في موجة ما بعد احتلال العراق 2003م نشهد تحولا في المسار الجهادي، كما نشهد تنوع الفاعلين الإرهابيين، سواء كانوا دولا أو جماعات، يجمعها تنظيم واحد أو يجمعها هدف مشترك.
ومما قوى هذا التنوع الإرهابي، وساهم في تشكله وانتشاره، الظهور القوي والمثير لوسائل التواصل والإعلام الجديد؛ فقد أصبحت الظاهرة الإرهابية ظاهرة كوكبية الانتماء، وعالمية الفعل، وتملك قدرة فائقة وسريعة في التواصل، على المستوى الداخلي للتنظيم الواحد، وعلى مستوى التنظيمات العنقودية الإرهابية الجديدة. كما أن هذه التنظيمات تتمكن من ترويج أفكارها وإيصالها للعموم، بشكل يقترب من إمكانيات الدولة نفسها، وقد يتفوق عليها حرفية ومهنية.
ولأن الظاهرة الإرهابية المعاصرة هي في حقيقة الأمر جزء من صرح العولمة العنيف، فإنها استطاعت أن تتكيف مع منتجات الحداثة الغربية، وأن تستثمرها لصالحها. من ذلك مثلا استعمال «داعش» لوسائل التواصل الاجتماعي بلغات مختلفة، عن طريق بناء شبكات متفرعة ومتنوعة يصعب تعقبها، وكذا اعتمادها على الصوت والصورة في الدعاية لأفكارها وأعمالها الإرهابية.
كل هذه التغيرات المشار إليها أعلاه، مكنت التنظيمات الإرهابية من احتلال مكانة مؤثرة في زمن العولمة، وضمن مسارات الحداثة الغربية. ولم يعد الإرهاب والحركات الإرهابية، وليدة بيئة محلية عربية شرقية، بل أصبح العنصر البشري الغربي جزءا فاعلا في قيادتها؛ فهي تعتمد في هيكلها، وفي الكثير من أعمالها الميدانية القتالية واللوجيستكية على شباب غربي متعلم، متعدد التخصصات واللغات، من مهندسين وأطباء وحتى القانونيين، وفي الوقت نفسه يحمل هذا الشباب آيديولوجية دينية متطرفة، تعتمد على القتال والعنف لتحقيق تصوراتها.
وهكذا لم يعد من الغريب أن تصبح «داعش» منظمة «متعددة الجنسيات»، تتكون من مقاتلين بشمال أفريقيا كتونس وليبيا والمغرب ومصر، ومن الأردن والعراق والشام...؛ ومن الشيشان وفرنسا وبلجيكا وبريطانيا والسويد وألمانيا والولايات المتحدة الأميركية وهولندا. وقد أشارت تقديرات أجهزة الأمن الأميركية والأوروبية إلى أن عدد المقاتلين الغربيين في صفوف جماعة البغدادي يناهز نحو 1000 مقاتل؛ فيما ذهبت تقديرات أخرى إلى أن العدد يصل إلى نحو 3 آلاف مقاتل، واضعة بعين الاعتبار إمكانية ارتفاع هذا العدد مع توافد مقاتلين جدد إلى معسكرات «داعش» على الجانبين السوري والعراقي. أما بعض الإحصائيات الرسمية للنصف الأول من سنة 2014، فتقول إن عدد المقاتلين الفرنسيين في صفوف «داعش» بلغ نحو 700، فيما يقاتل في التنظيم نفسه نحو 400 بريطاني، و320 مقاتلا من ألمانيا، و250 بلجيكيا، و200 أسترالي، و130 من هولندا، و100 مقاتل من كل من كندا والولايات المتحدة، و51 إسبانيًّا. ورغم أن هذه الإحصائيات تقريبية، فإن ما تتوجب الإشارة إليه، هو أن التنظيم ظل يستقطب المئات من الشباب المسلم بالمهجر، رغم أن التضييق مس بعض قنوات المرور، خاصة تلك المعتمدة على تركيا.. فإنه يمكن القول إن هذا التنظيم الإرهابي جذب عددا من المقاتلين خلال 3 سنوات، يقارب العدد الذي تدفق على أفغانستان خلال عقد من الزمن.
لقد تمكنت الظاهرة الإرهابية من التكيف مع التغيرات العالمية، ومكنتها بعض الأدوات الحديثة التواصلية الإعلامية من الإفلات من الحصار الذي فرض على الحركات الإرهابية في القرن العشرين؛ فرغم أنها ما زالت تعتمد في تجنيدها على العلاقات العائلية والمعارف، فإنها كذلك تجيد استعمال وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد، مما جعل هويتها تأخذ طابعا عالميا، وإن كان نشاطها البارز يظهر في مناطق جغرافية بعينها. كما أنها استطاعت أن تخرج من دائرة الاستقطاب المبني على الحرمان الاجتماعي والاقتصادي، لتنتقل إلى دمج الشباب المسلم الغربي المتعلم والمتعدد التخصصات واللغات في صفوفها، وهو ما يشكل إيذانا بميلاد نموذج جديد من الحركات الإرهابية، تخلط بين العالمية والمحلية. ولا يمكن التغلب على هذه الحركات ومجنديها بسحب جوازات سفر المشتبه بهم، بل بتكثيف الجهود الدولية على أساس مصالح مشتركة، تروم القضاء على الإرهاب وليس استغلال موجاته لتحقيق مصالح الدول الكبرى.
* أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».