النيابة العامة الفرنسية تكشف تفاصيل العملية الإرهابية ضد «شارلي إيبدو»

القبض على 29 شخصاً لصلاتهم بشبكة لتمويل الإرهاب في سوريا

المدعي العام الفرنسي المختص بشؤون مكافحة الإرهاب جان فرنسوا ريكار يتحدث في مؤتمره الصحافي عن تداعيات هجوم باريس أمس (أ.ف.ب)
المدعي العام الفرنسي المختص بشؤون مكافحة الإرهاب جان فرنسوا ريكار يتحدث في مؤتمره الصحافي عن تداعيات هجوم باريس أمس (أ.ف.ب)
TT

النيابة العامة الفرنسية تكشف تفاصيل العملية الإرهابية ضد «شارلي إيبدو»

المدعي العام الفرنسي المختص بشؤون مكافحة الإرهاب جان فرنسوا ريكار يتحدث في مؤتمره الصحافي عن تداعيات هجوم باريس أمس (أ.ف.ب)
المدعي العام الفرنسي المختص بشؤون مكافحة الإرهاب جان فرنسوا ريكار يتحدث في مؤتمره الصحافي عن تداعيات هجوم باريس أمس (أ.ف.ب)

بعد خمسة أيام على وقوعها، أميط اللثام عن الكثير من تفاصيل العملية الإرهابية التي نفذها مواطن باكستاني لاجئ إلى فرنسا ضد ما كان يظن أنه موقع مجلة «شارلي إيبدو» الساخرة التي أعادت نشر صور كاريكاتورية للنبي محمد بمناسبة انطلاق محاكمة الأفراد الذين كانت لهم علاقة بالمقتلة التي ضربت المجلة المذكورة بداية شهر يناير (كانون الثاني) من عام 2015. وجاءت التفاصيل على لسان المدعي العام المختص بشؤون الإرهاب في باريس جان فرنسوا ريكار ضمن مؤتمر صحافي عقده بعد ظهر أمس فيما تداعيات هذه العملية ما زالت تتفاعل سياسيا، ويرشح أن تستمر على هذا المنوال في الأيام والأسابيع القادمة. وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس إيمانويل ماكرون سوف يلقي خطابا في الثاني من الشهر القادم يشرح فيه خطة حكومته لمحاربة ما يسميه «الانفصالية الإسلاموية». إلا أن ماكرون لم ينتظر هذا التاريخ ليبدي رأيه فيما حصل إذ تناوله أول من أمس مرتين: الأولى في مجلس الوزراء، حيث نقل عنه الناطق باسم الحكومة الوزير غبريال أتال قوله إن «التهديد الإرهابي ما زال جاثما» في فرنسا وإنه «مستعد لإعادة النظر بعدد من التدابير المعمول بها لمحاربته في إشارة إلى رغبته في مزيد من التشدد». والمرة الثانية من فيلنوس، عاصمة ليتوانيا، حيث كان في زيارة رسمية. ومن هناك، أكد ماكرون أنه عازم على محاربة الإرهاب على كل الجبهات، واعتبر أن منفذ هجوم يوم الجمعة الماضي في باريس «كانت لديه دوافع إرهابية»، مضيفا أن أكثر من هجوم إرهابي ضرب فرنسا ولكن دون تحديد المدى الزمني الذي وقعت فيه هذه الحصيلة.
تجدر الإشارة إلى أن وزير الداخلية جيرالد دارمانان أعلن يوم الأحد الماضي أن الأجهزة الأمنية عطلت 32 محاولة اعتداء إرهابية في السنوات الثلاث المنقضية.
توفر تصريحات المدعي العام ريكار أمس، أوضح شرح لتفاصيل العملية الإرهابية بفضل النتائج التي توصل إليها المحققون خلال الأيام الأربعة المنصرمة مع منفذ الاعتداء ومع أفراد من محيطه وبفضل «استنطاق» هواتفه وما تحتويه من تسجيلات واتصالات. وما حسمه ريكار أن الاسم الحقيقي للجاني هو زاهر حسن محمود وليس حسن علي وعمره 25 عاما وليس 18 عاما كما ادعى بداية، وهو مولود في باكستان بداية عام 1995 وليس في 10 أغسطس (آب) من عام 2002 وفق ما ادعى للأجهزة الإدارية، حتى يتم اعتباره قاصرا، ويحظى بالرعاية الاجتماعية ولا يطرد من فرنسا. وقد وصل محمود إلى فرنسا في عام 2018 برفقة شقيقيه الأصغر سنا منه وكلاهما أوقفا للتحقيق معهما. إلا أن القضاء أفرج أمس عنهما وعن الآخرين الذين قبض عليهم في المناسبة نفسها لضرورات التحقيق، ولمعرفة ما إذا كان الجاني قد استفاد من دعم من قبلهم بأي شكل من الأشكال. وأكد المدعي العام أن الأخير لم يكن معروفا لدى الأجهزة الأمنية بتطرفه الإسلاموي وليس موجودا على أي لائحة لأشخاص يمثلون تهديدا للأمن في فرنسا. أما بالنسبة للعملية الإرهابية التي قام بها في الشارع الذي تقع فيه المكاتب السابقة للمجلة الساخرة، فقد أفاد المدعي العام بأن زاهر حسن محمود قام بعمليته «عن سابق تصور وتصميم»، وبأنه كان ينوي الدخول إلى مكاتب المجلة وإحراقها. ولهذا الغرض، فقد اشترى مطرقة وساطورا من مخزن في مدينة سان دوني، الواقعة على مدخل باريس الشمالي وزجاجتين من سائل «وايت سبيريت» شديد الاشتعال. وقد وجد ذلك كله في حقيبة تحمل على الظهر قريبا من مكان العملية. واعترف محمود أنه قام بمراقبة الموقع ثلاث مرات «في 18 و22 و24 سبتمر» أي أن المرة الأخيرة حصلت قبل يوم واحد من العملية. لكن المدعي العام لم يشرح سبب تغيير خطة العملية، إذ إن الجاني لم يحاول الدخول إلى المكاتب السابقة ولم يستخدم المطرقة لخلع الباب الخارجي بل إنه جال في شارع نيكولا أبير، حيث موقع المجلة جيئة وذهابا ثم هاجم رجلا وامرأة بساطوره وكانا يدخنان سيجارة على مدخل شركة الإنتاج التلفزيوني «ليني بروميير» التي يعملان فيها وقد أصابهما بجروح بليغة استدعت إجراء عدة عمليات جراحية لإنقاذهما. خلال التحقيق معه، وفق تصريحات ريكار، قال محمود إن قيام «شارلي إيبدو» بإعادة نشر الصور الكاريكاتورية قد وضعه «في حالة من الغضب» وإنه قرر «تأديب هذه المجلة».
وتجدر الإشارة إلى أن «تنظيم القاعدة» أصدر بيانا في 11 سبتمبر (أيلول) في نشرته «أمة واحدة» هدد فيها المجلة الساخرة بأنها «ستكون مخطئة إذا ما اعتقدت أن اعتداءات 2015 كانت لمرة واحدة» في إشارة للعملية التي قام بها الأخوان كواشي في 7 يناير من عام 2015 حيث هاجما مقر المجلة وقضيا على غالبية محرريها ورساميها والعاملين فيها. كما جاء في بيان «القاعدة» أن رسالتها للرئيس ماكرون هي نفسها الرسالة التي وجهتها للرئيس السابق فرنسوا هولاند الذي كان رئيسا للجمهورية الفرنسية في عام 2015. واتهمت «القاعدة» حكومة ماكرون بأنها «أعطت الضوء الأخضر» لإعادة نشر الرسوم المسيئة. وكانت عملية الأخوين كواشي بداية انطلاق عشرات العمليات الإرهابية التي ضربت فرنسا في السنوات الخمس الماضية، وأفضت إلى قتل 160 شخصا وجرح عدة آلاف. بيد أن النيابة العامة والمحققين توصلوا إلى خلاصة مفادها أن زاهر حسن محمود قام بعمليته الإرهابية من غير تواصل مع الخارج ومنفردا. وكان مقررا أن يقدم الأخير إلى قاضي تحقيق ليوجه إليه رسميا تهمتين: القيام بمحاولة قتل إرهابية، والانتماء إلى عصابة إجرامية ذات غرض إرهابي.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».