احتجاجات في الجزائر ضد سجن معارض طالب بـ«رحيل النظام»

متظاهرون في منطقة القبائل يهدّدون بـ«إفساد عرس الدستور»

TT

احتجاجات في الجزائر ضد سجن معارض طالب بـ«رحيل النظام»

احتج المئات من سكان منطقة القبائل الجزائرية، أمس، في شوارعها على «احتجاز» البرلماني المستقيل حديثا، والمناضل السياسي البارز خالد تزغارت، الذي أدانته محكمة محلية الأحد الماضي بالسجن لمدة عام مع التنفيذ، بسبب قيادته مظاهرة بالمنطقة، طالبت بـ«رحيل النظام». ورفع المتظاهرون بمنطقة تازمالت في بجاية (250 كلم شرق العاصمة) لافتات تستنكر سجن برلماني المنطقة، المعروف بحدّة مواقفه من السلطة، والذي استقال العام الماضي في سياق الحراك الشعبي، الذي أسفر عن استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في الثاني من أبريل (نيسان) 2019. كما حمل المحتجون لافتات كتب عليها «سلطة مجرمة... سلطة مجرمة»، و«دولة مدنية لا عسكرية»، و«ارحلوا. ارحلوا». في إشارة إلى كبار المسؤولين المدنيين الذين طالبهم الحراك الشعبي في بدايته بالتنحي عن مناصبهم.
وسار المتظاهرون في أهم شوارع تازمالت، التي يتحدر منها تازغارت، وأحاط بهم رجال الأمن من دون محاولة منعهم، بعكس تصرفات قوات الأمن مع المتظاهرين في مناطق أخرى، وخاصة في العاصمة حيث يتصدى رجالها لأي محاولة لعودة الحراك الذي علق مظاهراته منذ ستة أشهر بسبب أزمة كورونا. وعرف خالد تازغارت (55 سنة) بنشاط لافت في إطار تعبئة سكان منطقته للاحتجاج ضد السلطة.
وهدد المتظاهرون بـ«إفشال عرس السلطة، المقرر في الفاتح من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل»، في إشارة إلى استفتاء التعديل الدستوري، الذي يعتقد على نطاق واسع بأن يشهد مقاطعة كاملة لسكان منطقة القبائل، التي يتحدث سكانها الأمازيغية، والذين قاطعوا انتخابات الرئاسة التي جرت نهاية العام الماضي.
وتعد المنطقة قلعة معارضة لنظام الحكم منذ الاستقلال عام 1962. وينتمي إليها حزبان كبيران هما «جبهة القوى الاشتراكية»، التي نظمت أمس مظاهرة بمدينة تيزي وزو (كبرى مدن القبائل تبعد عن العاصمة بـ120 كلم شرقا)، بمناسبة مرور 57 عاما على تأسيسها، وحزب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، عدو السلطة اللدود.
في غضون ذلك، تم أمس بالبرلمان إطلاق إجراءات لرفع الحصانة عن رئيسه محسن بلعباس، بغرض متابعته قضائيا في وفاة رعية مواطن في ورشة لبناء مسكنه الخاص، خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي. وصرح بلعباس لفضائية «بربر. تي في»، الناطقة بالأمازيغية، بأن السلطة تتحرش به قضائيا «بسبب مواقفي منها، وخاصة انخراط حزبنا ومناضليه في الحراك الشعبي»، وأعلن بأنه لن يقف بين يدي أعضاء «اللجنة القانونية البرلمانية» للدفاع عن نفسه، في حين أكد أنه سيرد على التهمة الموجهة له أمام القضاء.
يشار إلى أن إجراءات مماثلة تخص رفع الحصانة، اتخذت ضد البرلماني عبد القادر واعلي، المتابع بتهم فساد مرتبطة بفترة توليه وزارة الأشغال العمومية في عهد بوتفليقة.
إلى ذلك، يرتقب أن تفصل «المحكمة العليا» في 18 من نوفمبر المقبل، في الطعن بالنقض الذي تلقته من طرف رئيسي الاستخبارات العسكرية السابق، الفريق محمد مدين، واللواء بشير طرطاق، ومستشار الرئيس سابقا وشقيقه السعيد بوتفليقة، بخصوص حكم بالسجن 15 سنة، أصدرته محكمة الاستئناف العسكرية في فبراير (شباط) الماضي.
وقد أسفرت المحاكمة أيضا عن إدانة لويزة حنون، رئيسة «حزب العمال» اليساري، بالسجن مع وقف التنفيذ، وكانت قضت تسعة أشهر وراء القضبان.
وتتعلق القضية باجتماع حضره سعيد بوتفليقة ومدين وطرطاق وحنون في 27 من مارس (آذار) 2019 لوضع خطة لعزل رئيس أركان الجيش، المتوفى نهاية العام الماضي، الفريق أحمد قايد صالح، غداة مطالبته علنا باستقالة رئيس الجمهورية للخروج من الأزمة، التي بدأت مع انطلاق الحراك الشعبي يوم 22 فبراير من العام نفسه. وصرح دفاع المتهمين بأن التهم التي وجهت لهم «سياسية».



إسرائيل و«حماس» تستعدان للحرب مجدداً في غزة

دبابات إسرائيلية متمركزة قرب حدود قطاع غزة في 2 مارس الحالي (رويترز)
دبابات إسرائيلية متمركزة قرب حدود قطاع غزة في 2 مارس الحالي (رويترز)
TT

إسرائيل و«حماس» تستعدان للحرب مجدداً في غزة

دبابات إسرائيلية متمركزة قرب حدود قطاع غزة في 2 مارس الحالي (رويترز)
دبابات إسرائيلية متمركزة قرب حدود قطاع غزة في 2 مارس الحالي (رويترز)

أجرى الجيش الإسرائيلي تدريبات، ووضع خطةً لاحتلال سريع لمناطق في قطاع غزة، على خلفية المهلة التي أعطتها إسرائيل لحركة «حماس»، التي تنتهي خلال 10 أيام، لقبول خطة مبعوث الرئيس الأميركي، ستيف ويتكوف، القائمة على تمديد وقف النار دون الانتقال إلى المرحلة الثانية، وهي الخطة التي رفضتها الحركة.

وقالت «القناة 12» الإسرائيلية، إن القوات الإسرائيلية تستعدُّ للعودة إلى القتال و«استكمال الإنجازات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة»، وقد أجرت تدريبات قتالية، باعتبار أن القتال سوف يستأنف الأسبوع المقبل.

صورة مأخوذة من جنوب إسرائيل لمبانٍ مدمرة في قطاع غزة في 2 مارس الحالي (أ.ب)

وأكدت القناة الإسرائيلية أنه حتى قبل انتهاء وقف إطلاق النار، كانت القيادة الجنوبية في حالة تأهب قصوى، وتم إصدار أوامر للجنود بالاستعداد لتجديد القتال خلال وقت قصير، وفي الأيام الأخيرة، أجرت القوات تدريبات قتالية، مع توجيه بأن الجيش يجب أن يكون جاهزاً لمجموعة متنوعة من أساليب العمل ضد الأهداف المتبقية في قطاع غزة، جواً وبحراً وبراً.

وفي المرحلة الأولى، يخطِّط الجيش لاحتلال سريع لمناطق في قطاع غزة، خصوصاً تلك التي انسحب منها الجيش في بداية وقف إطلاق النار، بما في ذلك محور نتساريم في وسط القطاع.

وتستعدُّ إسرائيل للعودة إلى الحرب خلال 10 أيام، بحسب مصادر سياسية إسرائيلية.

طفل فلسطيني يصافح مقاتلين من «حماس» خلال عملية تسليم محتجزين إسرائيليين برفح في 22 فبراير 2025 (إ.ب.أ)

وقالت المصادر إن القيادة السياسية اتخذت قراراً بالعودة إلى القتال إذا لم تتجاوب «حماس» مع مقترح ويتكوف، بحلول نهاية الأسبوع المقبل على أبعد تقدير.

ومطلع مارس (آذار) الحالي، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، التي استمرَّت 42 يوماً، وكان يفترض أن يتم الانتقال إلى المرحلة الثانية، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنامين نتنياهو، رفض ذلك، وأعلن أن إسرائيل تتبنى مقترح ويتكوف، الذي ينصُّ على إطلاق «حماس» سراح نصف الرهائن المتبقين (الأحياء والأموات) في اليوم الأول من وقف إطلاق النار الممتد، خلال رمضان وعيد الفصح اليهودي (منتصف أبريل/ نيسان المقبل)، وإطلاق سراح الرهائن المتبقين في نهاية الفترة إذا تم التوصُّل إلى وقف دائم لإطلاق النار.

وتناقش المرحلة الثانية، وقف إطلاق النار والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة، وإنجاز صفقة تبادل أسرى مرة واحدة.

وخلال المرحلة الأولى حصلت إسرائيل على حصتها من الأسرى (33) قبل أن تنتهي حتى، وبذلك تبقَّى لدى «حماس» 59 محتجزاً، بينهم 34 قتيلاً على الأقل، يفترض أن يُطلَق سراحهم جميعاً في المرحلة الثانية.

دبابات إسرائيلية متمركزة قرب حدود قطاع غزة في 2 مارس الحالي (رويترز)

ويريد نتنياهو الحصول على باقي أسراه، لكن «حماس» رفضت وأصرَّت على تطبيق الاتفاق والدخول إلى المرحلة الثانية.

وبناء عليه قرَّرت إسرائيل أنه إذا استمرَّت «حماس» في موقفها، فإن القتال سيتجدد الأسبوع المقبل.

وتم تحديد ساعة الصفر استناداً إلى عاملين رئيسيَّين: الأول، تسلم رئيس الأركان الجديد، إيال زامير، مهام منصبه هذا الأسبوع؛ والثاني، الزيارة المرتقبة لويتكوف إلى المنطقة.

وتدرك إسرائيل أن احتمال موافقة «حماس» ضئيلة للغاية. وقال مصدر سياسي للقناة 12: «نحن في طريق مسدود».

وبحسب التقرير، حصلت إسرائيل على ضوء أخضر أميركي من أجل العودة للحرب، بل إن مسؤولاً بارزاً في إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، قال لمسؤول إسرائيلي رفيع المستوى: «اقضوا عليهم جميعاً حتى آخر رجل. (حماس) في غزة عقبة أمام التطبيع».

وحالياً تنتشر فرقتان في منطقة غلاف غزة، وهما مسؤولتان عن الدفاع: «الفرقة 252» في الشمال، و«الفرقة 143» في الجنوب، في حين تنتشر قوات كبيرة أيضاً في مدينة رفح، لكن تم أيضاً تم تحويل كتائب إضافية عدة إلى الجنوب قبل أيام قليلة.

دبابة إسرائيلية تتحرك قرب حدود قطاع غزة في 2 مارس الحالي (رويترز)

وكانت إسرائيل أغلقت المعابر على قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى، ومنعت إدخال البضائع والمساعدات، في محاولة لإجبار «حماس» على قبول خطة ويتكوف، وتلوح الآن بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، بإمكانية إجبار السكان الذين عادوا إلى شمال قطاع غزة على العودة إلى الجنوب، مرة أخرى.

وقال مصدر أمني إسرائيلي مطّلع على التفاصيل: «اذا تمسَّكت (حماس) بموقفها فلن نتردد في العودة (إلى الحرب) قريباً جداً».

وبينما يحاول الوسطاء نزع فتيل الأزمة، وطلبوا من إسرائيل بضعة أيام أخرى لمحاولة التوصُّل إلى اتفاقات جديدة، وقرَّرت إسرائيل الموافقة على الطلب، يبدو أن «حماس» كذلك بدأت تستعد لاحتمال استئناف الحرب.

واتخذت قيادات من «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، إجراءات أمنية مشدَّدة، مع استمرار التهديدات الإسرائيلية باستئناف القتال.

وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن تعليمات مركزية صدرت لقيادات سياسية وعسكرية ونشطاء بارزين في الأجنحة العسكرية للتنظيمين بالاختفاء الكامل، والامتناع نهائياً عن استخدام الهواتف الجوالة.

وحذَّرت تعميمات داخلية بشكل واضح، من احتمال شنِّ إسرائيل سلسلة عمليات اغتيال غادرة مقدمةً لبدء الحرب.

ولوحظ في الأيام الأخيرة تكثيف إسرائيل تسيير طائرات مسيّرة استخباراتية بأنواع مختلفة.

وقال مصدر ميداني لـ«الشرق الأوسط»: «واضح أنهم يعززون محاولات جمع المعلومات الاستخباراتية. بعض الدرون (المسيّرات) من طراز حديث يعمل على جمع معلومات عبر استخدام خوارزميات معينة من خلال الذكاء الاصطناعي؛ لتحديد أماكن المطلوبين ومحاولة الوصول إليهم». أضاف: «لذلك صدرت أوامر بالابتعاد عن استخدام التكنولوجيا بما فيها الهواتف الجوالة، والعودة إلى الطرق المتبعة خلال الحرب».

ومنذ وقف الحرب، كشفت أجهزة أمنية حكومية وأخرى تابعة للفصائل الفلسطينية، كثيراً من الكاميرات والأجهزة التجسسية التي زُرعت في كثير من المناطق داخل القطاع، التي أسهمت في سلسلة من الاغتيالات وضرب أهداف كثيرة، كما كانت كشفت مصادر من المقاومة لـ«الشرق الأوسط» سابقاً.