طهران تعلن مقتل أحد مستشاريها العسكريين لدى الجيش العراقي

مسؤول أمني عراقي لـ «الشرق الأوسط» : إيران تشارك بمستشارين ومتطوعين

طهران تعلن مقتل أحد مستشاريها العسكريين لدى الجيش العراقي
TT

طهران تعلن مقتل أحد مستشاريها العسكريين لدى الجيش العراقي

طهران تعلن مقتل أحد مستشاريها العسكريين لدى الجيش العراقي

أعلن الحرس الثوري الإيراني أمس مقتل ضابط عسكري إيراني كبير في العراق، حيث كان يشارك في مهمة استشارية لدى الجيش العراقي الذي يقاتل تنظيم داعش.
وقال بيان صادر عن الحرس الثوري الإيراني، نشر على موقعه الإخباري الرسمي «سباه نيوز»: «استشهد البريغادير جنرال حميد تقوي خلال مهمة استشارية لدى الجيش العراقي والمتطوعين العراقيين لقتال إرهابيي (داعش) في مدينة سامراء» التي تبعد نحو 110 كيلومترات إلى الشمال من العاصمة العراقية بغداد. وأوضح البيان أنه سيتم تشييع جثمان تقوي يوم الاثنين في طهران في مسجد يقع داخل مقر القيادة العامة للحرس الثوري الإيراني.
وتؤكد إيران أن التصدي لتنظيم داعش هو مهمة العراقيين، ونفت باستمرار أن تكون قد أرسلت قوات برية إلى العراق، كما رفضت المشاركة في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، لكن طهران أقرت بإرسال أسلحة ومستشارين عسكريين إلى العراق لمساعدة القوات الحكومية.
وبحسب الصحافة الإيرانية، قتل الكثير من الجنود الإيرانيين في العراق وفي سوريا أيضا، حيث شاركوا في تقديم المشورة لجيشي البلدين ضد المتطرفين. ونشرت وسائل الإعلام الإيرانية صورا تظهر الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، وهو يقف إلى جانب مقاتلين أكراد عراقيين يقاتلون تنظيم داعش، من دون توضيح متى وأين التقطت الصورة، كما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لسليماني مع وزير النقل العراقي السابق هادي العامري، زعيم منظمة بدر، الذي يقود حاليا مجموعة من الميليشيات الشيعية التي تقاتل تنظيم داعش.
في السياق نفسه، أعلن مسؤول أمني عراقي أن «إيران كانت من أوائل الدول التي ساعدت العراق في حربه ضد (داعش) من خلال قيامها بإرسال مستشارين عسكريين إلى جانب القوات العراقية». وردا على إعلان طهران مقتل قائد عسكري إيراني كبير في العراق، حيث كان يشارك في مهمة استشارية على حد قول البيان الإيراني، قال المسؤول الأمني في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، شريطة عدم الإشارة إلى اسمه، إن «هناك نوعين من الوجود العسكري الإيراني في العراق الأول يتمثل بالمستشارين العسكريين الذين أرسلتهم طهران لمساعدة القوات العراقية في إطار حربها ضد تنظيم داعش، وهناك المواطنون المتطوعون الذين لبوا فتوى المرجعية الشيعية بالجهاد الكفائي، وهذا أمر لا يلزم الحكومة الإيرانية، بل هم يأتون إلى العراق على مسؤوليتهم، ويتركز وجود هؤلاء أكثر ما يتركز في مدينة سامراء بهدف حماية مرقد الإمامين العسكريين».
وردا على سؤال بشأن المهمة الاستشارية التي تتطلب أن يكون المستشارون على غرار المستشارين الأميركيين في مناطق بعيدة عن القتال، بينما قتل هذا الضابط الإيراني الكبير في المعارك، قال المسؤول الأمني: «من الناحية الرسمية لا توجد قوات إيرانية على الأراضي العراقية، أما في ما يخص مقتل هذا العميد فلم يجرِ التأكد حتى الآن مما إذا كان هذا الضابط من المتطوعين ممن يقاتلون مباشرة أو أن مهمته استشارية، كما لا نعرف بعد ظروف مقتله».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.