الرئيس العراقي ينهي عمليا إجراءات تخليه عن جنسيته البريطانية

المتحدث باسم الرئاسة لـ «الشرق الأوسط»: معصوم التزم بالدستور وانسجم مع الرأي العام

فؤاد معصوم
فؤاد معصوم
TT

الرئيس العراقي ينهي عمليا إجراءات تخليه عن جنسيته البريطانية

فؤاد معصوم
فؤاد معصوم

أنهى الرئيس العراقي فؤاد معصوم آخر إجراءات تخليه عن جنسيته البريطانية وذلك استنادا إلى الدستور العراقي الذي ينص على عدم جواز ازدواجية الجنسية لمن يتسلم موقعا سياديـا في الدولة العراقية.
وقال بيان صدر عن رئاسة الجمهورية وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن «رئيس الجمهورية فؤاد معصوم أعاد جوازه البريطاني إلى السلطات في المملكة المتحدة»، مبينا أن معصوم «أبدى شكره للمملكة على الجواز الذي أتاح له حرية التحرك والسفر خلال الحقبة الديكتاتورية». وأضاف البيان أن «سفارة المملكة المتحدة تسلمت رسالة من الرئيس معصوم ومعها جواز السفر الذي أعاده بكل احترام وتقدير»، مؤكدا أن معصوم «كان قد فاتح السلطات البريطانية فور انتخابه رئيسا للجمهورية لإتمام إجراءات إعادة الجواز وسحب الجنسية امتثالا لما جاء في الدستور العراقي بشأن عدم جواز تمتع الأشخاص بجنسية أخرى سوى الجنسية العراقية في حال تم انتخابهم أو تكليفه بمهام سيادية في جمهورية العراق».
في السياق نفسه، أكد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة العراقية خالد شواني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الرئيس فؤاد معصوم وفور توليه منصبه كرئيس للجمهورية اتخذ قرارا بالتخلي عن الجواز والجنسية البريطانية انسجاما مع روح الدستور العراقي الذي نص في مادته الثامنة عشرة على ضرورة تخلي من يتولى منصبا سياديا أو أمنيا رفيعا التخلي عن الجنسية الأخرى ولما كان الرئيس معصوم هو أحد كتبة الدستور العراقي ولكون منصب رئيس الجمهورية هو الأرفع فقد وجه رسالة إلى الجهات المسؤولة في بريطانيا طلب فيها اتخاذ الإجراءات الخاصة بسحب الجنسية والجواز البريطاني».
وأضاف شواني أن «الجواز البريطاني منح للرئيس معصوم خلال فترة معارضته للديكتاتورية وهو ما أتاح له حرية التحرك وهو ما دعاه إلى أن يوجه الشكر للملكة المتحدة بهذا الشأن وهو اليوم يحمل الجنسية العراقية فقط ويتحرك بجواز سفره الدبلوماسي».
وردا على سؤال بشأن الإعلان أمس عن هذا القرار، قال شواني إن «جواب المملكة المتحدة وصل الآن ويتضمن الموافقة على الإجراءات الخاصة بسحب الجنسية من الجانب البريطاني وبالتالي الأمر لم يعد مجرد كلام إعلامي وإنما أصبح أمرا واقعا»، مشيرا إلى أن «الرئيس معصوم انسجم أيضا مع هاجس الرأي العام العراقي الذي يطالب المسؤولين ممن يتسلمون مواقع عليا بالتخلي عن الجنسية الثانية» علما بأن الدستور العراقي وإن نص بالفعل على ذلك إلا أن قانونا ينظم مثل هذه العملية لم يصدر بعد وبالتالي بقي الباب مفتوحا وهو ما منح بعض كبار المسؤولين ممن لم يتخلوا عن جنسياتهم الأخرى ذريعة بعدم التخلي.
من جهته أكد المستشار القانوني أحمد العبادي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «برغم أن الدستور العراقي واضح في مادته الـ18 لكن موضوع ازدواجية الجنسية لم ينضم بقانون حتى الآن وهو ما يجعل مسألة التخلي عن الجنسية الأخرى محكومة برغبة المسؤول»، مشيرا إلى أن «رئيس الجمهورية فؤاد معصوم هو من الناحية العملية أول مسؤول رفيع المستوى يتخلى طواعية عن جنسيته الأخرى ويفاتح البلد الأجنبي ويحصل على الموافقة بذلك».
وكان الجدل القانوني والسياسي لا يزال مستمرا منذ سنوات بشأن ازدواجية الجنسية بين من يريد الاحتفاظ بها من كبار المسؤولين بمن فيهم نواب في البرلمان ووزراء في الحكومة وبين من يطالب بالتخلي عنها. وطبقا للمعلومات المتداولة فإن هناك ما يربو على الـ50 نائبا في البرلمان العراقي إضافة إلى عدد من الوزراء ونائب لرئيس الجمهورية (إياد علاوي) يحتفظون بجنسية أخرى.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.