اقتحام الأقصى وإغلاق الحرم الإبراهيمي

صورة أرشيفية لاقتحام متطرفين يهود المسجد الأقصى صيف 2019 (إ.ب)
صورة أرشيفية لاقتحام متطرفين يهود المسجد الأقصى صيف 2019 (إ.ب)
TT

اقتحام الأقصى وإغلاق الحرم الإبراهيمي

صورة أرشيفية لاقتحام متطرفين يهود المسجد الأقصى صيف 2019 (إ.ب)
صورة أرشيفية لاقتحام متطرفين يهود المسجد الأقصى صيف 2019 (إ.ب)

اقتحم عشرات المستوطنين، الاثنين، المسجد الأقصى، على الرغم من الإغلاق الشامل الذي تفرضه السلطات الإسرائيلية بسبب تفشي فيروس كورونا، ومصادفة أن الأمس عيد يهودي هو «صوم الغفران» (يوم كيبور).
ودخل المستوطنون إلى ساحات المسجد من جهة باب المغاربة، تحت حراسة مشددة من شرطة الاحتلال التي انتشرت منذ ساعات الصباح في باحات الأقصى، وعند بواباته ومنعت المصلين من الوصول للمسجد، تحت طائلة القانون الذي يمنع التنقل لمسافة لا تزيد عن 500 متر عن المنازل لمنع انتشار فيروس «كورونا». وشوهد المستوطنون وهم ينفذون جولات استفزازية في ساحات المسجد، تلبية لدعوة منظمات «الهيكل» بتنفيذ اقتحامات جماعية للأقصى خلال فترة الأعياد اليهودية.
ودأب المتطرفون على اقتحام الأقصى بشكل منتظم خلال فترة الأعياد اليهودية، للتأكيد على أحقيتهم بالمكان وللمناداة ببناء هيكلهم مكان المسجد، وهي اقتحامات قادت في السابق، إلى كثير من التوترات وتسببت في إطلاق انتفاضات وهبات شعبية.
ويحتفل اليهود، منذ مساء الأحد، ونهار الاثنين، بيوم «صوم الغفران» (يوم كيبور) ويعد من أقدس الأيام في الأعياد والشعائر الدينية اليهودية. ويستمر الصيام فيه نحو 26 ساعة.
وفي هذا اليوم، الذي صادف هذا العام ظروف الإغلاق المشدد، يتوقف العمل في جميع المرافق، باستثناء خدمات الطوارئ، كما تتعطل كل وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية.
وأغلقت السلطات الإسرائيلية، أمس، الحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل أمام المصلين، كذلك شددت من إجراءاتها في محيطه وداخل البلدة القديمة، بحجة تأمين احتفالات المستوطنين بـ«عيد الغفران». وقالت وكالة الأنباء الرسمية إن قوات الاحتلال نشرت جنودها بأعداد كبيرة في محيط الحرم، والبلدة القديمة، وضيّقت على المواطنين الذين يقطنون المنطقة، تمهيداً لاحتفالات المستوطنين.
وقال مدير الحرم الإبراهيمي، رئيس السدنة الشيخ حفظي أبو سنينة: «إن سلطات الاحتلال أغلقت الحرم الإبراهيمي بجميع أروقته وساحاته وباحاته، أمام المصلين، من الساعة الثالثة بعد عصر الأحد حتى الساعة العاشرة من مساء الاثنين»، موضحاً أن المستوطنين نصبوا خياماً في حديقة ومتنزه الحرم.
وعدّ عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد سعيد التميمي، هذه الإجراءات «تعدياً صارخاً على الديانات السماوية، واستفزازاً وإساءة لمشاعر المسلمين في جميع أنحاء العالم، واعتداءً على حقوق الإنسان، وحرية العبادة، التي كفلتها الشرائع والقوانين الدولية كافة». ونوّه إلى أن إغلاق الحرم يتزامن مع اعتداءات المستوطنين بحق المصلين، وسدنة الحرم، إلى جانب منع رفع الأذان عبر سماعاته.
وأكد التميمي أن المسجد الأقصى الذي يواصل المستوطنون اقتحام ساحاته بشكل يومي تقريباً، والحرم الإبراهيمي الذي قسمته سلطات الاحتلال عقب المجزرة المروعة التي ارتكبها المتطرف باروخ غولدشتاين في 25 فبراير (شباط) 1994، كلاهما «مسجدان إسلاميان خالصان بكامل مساحاتهما وجميع أجزائهما وسائر مكوناتهما، ولا علاقة لليهود فيهما، وجميع الإجراءات المتخذة بحقهما باطلة».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».