{فلسطينيو 48} يطالبون إسرائيل بمحاكمة قتلة 13 مواطناً

في الذكرى السنوية العشرين لهبة أكتوبر 2000

الذكرى العشرين للانتفاضة الفلسطينية الثانية في طوباس شمال الضفة الغربية (أ.ف.ب)
الذكرى العشرين للانتفاضة الفلسطينية الثانية في طوباس شمال الضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

{فلسطينيو 48} يطالبون إسرائيل بمحاكمة قتلة 13 مواطناً

الذكرى العشرين للانتفاضة الفلسطينية الثانية في طوباس شمال الضفة الغربية (أ.ف.ب)
الذكرى العشرين للانتفاضة الفلسطينية الثانية في طوباس شمال الضفة الغربية (أ.ف.ب)

باشر المواطنون العرب في إسرائيل (فلسطينيو 48)، الاثنين، سلسلة نشاطات لإحياء الذكرى السنوية العشرين لأحداث أكتوبر (تشرين الأول) عام 2000 (عُرفت بهبة أكتوبر) التي خرجوا فيها بعشرات ألوفهم إلى الشوارع للاحتجاج على قتل مصلين في المسجد الأقصى المبارك، فاعتدت عليهم الشرطة، وقتلت 13 شخصاً منهم.
وكان زعيم المعارضة اليمينية الإسرائيلية آنذاك، أرئيل شارون، قد قام بزيارة استفزازية للحرم في القدس الشرقية المحتلة، وهو موقع شديد الحساسية الدينية. وفي اليوم التالي، قُتل أول الفلسطينيين، وانطلقت بعدها شرارة الانتفاضة الثانية في غزة والضفة.
وقال مركز «عدالة» القانوني، في بيان بالمناسبة، إن الضمان الوحيد لمنع تكرار جرائم كهذه أن تغير الشرطة توجهها العدائي نحو العرب، وأن يدفع القتلة ثمن جرائمهم. وقال المركز إن لجنة التحقيق الرسمية التي تشكلت بعد هذه الأحداث، في حينه، برئاسة القاضي ثيودور أور، خرجت باستنتاج مفاده أن الشرطة تنظر إلى المواطنين العرب في إسرائيل بصفتهم أعداء، وهذا ما جعلها تستسهل إطلاق الرصاص القاتل.
وكانت تلك الأحداث الدامية قد شكلت انعطافاً حاداً للأسوأ في العلاقات داخل إسرائيل، وجعلت العرب يشعرون بالخطر على وجودهم في وطنهم الذي لا وطن لهم سواه، وجعلت اليهود يشعرون أن العرب، بمن فيهم فلسطينيو 48، أعداء لهم. وبدأت مسيرة تعاون وتنسيق بين القوى الوطنية العربية أسفرت عن تشكيل «القائمة المشتركة» لهذه الأحزاب في سنة 2015، وحصولها على 13 مقعداً (في عام 2015)، ثم 15 من مجموع 120 مقعداً في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) في الانتخابات الأخيرة. ويطالب العرب وقادتهم السياسيون طيلة 20 عاماً بإعادة فتح التحقيق في ملفات قتل 13 شخصاً من صفوفهم برصاص الشرطة. وجاء في مذكرة أصدرها «مركز عدالة»، أمس، أن «عشرين عاماً مضت منذ أن أطلقت الشرطة الإسرائيلية النار على المتظاهرين الفلسطينيين في أكتوبر 2000 داخل الخط الأخضر، فقتلت 13 منهم، وجرحت المئات. ورغم الاستنتاجات الحاسمة التي توصلت إليها لجنة أور للتحقيق ضد ضباط وقادة الشرطة الإسرائيليين المتورطين، فقد تم إغلاق جميع الملفات، ولم يتم توجيه الاتهام إلى أي متورط، ولا حتى مساءلته.
ويأتي إحياء ذكرى هبة أكتوبر (تشرين الأول) 2000 في وقت يشهد مستجدات تتعلق بقتل الشرطة الإسرائيلية في عام 2017 المعلم يعقوب أبو القيعان، وهو في الخمسين من عمره. وهناك صلة مباشرة بين إغلاق ملف أبو القيعان وملفات أكتوبر (تشرين الأول) 2000، إذ يعتمد كلاهما على السياسة نفسها المتمثلة في عدم توجيه تهم جنائية ضد سلطات إنفاذ القانون، بما في ذلك الشرطة، في القضايا التي تتعلق بقتل المواطنين الفلسطينيين في البلاد.
وتقود هذه السياسة إلى الإفلات التام من العقاب وانعدام المساءلة، حتى في الحالات التي يوجد فيها بيّنات واضحة على الاستخدام المفرط غير القانوني للعنف من قبل الشرطة.
وفي حالة أبو القيعان، ابن قرية أم الحيران في النقب، أعلن المفتش العام للشرطة الإسرائيلية روني الشيخ، ووزير الأمن الداخلي جلعاد أردان، أنه «مخرب» حاول دهس ضباط الشرطة. ولكن نتيجة للصراعات السياسية الداخلية بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزارة القضاء، تم الكشف مؤخراً عن أدلة بشأن مقتل أبو القيعان تشير إلى أن سلطات إنفاذ القانون لجأت إلى جميع الوسائل الممكنة للحيلولة دون اتهام أي ضابط أو قائد شرطة، بما في ذلك إخفاء الأدلة وانتهاك القانون في هذه العملية.
ويعود «عدالة» إلى تقرير لجنة أور للتحقيق في أحداث أكتوبر (تشرين الأول) 2000 التي تلقت 500 إفادة خطية، واستمعت إلى 430 شاهداً وشاهدة، إلى جانب 4.275 بيّنة، وأصدرت تقريرها في الأول من سبتمبر (أيلول) لسنة 2003. وجاء فيه أن «الشرطة الإسرائيلية أطلقت النار على المتظاهرين بشكل غير قانوني، واستخدمت العنف المفرط». كما أكدت أن أياً من المتظاهرين الضحايا لم يشكل خطراً مباشراً من شأنه أن يبرر إطلاق النار. بالإضافة إلى ذلك، وجدت لجنة أور أن الشرطة استخدمت لأول مرة القناصين ضد المتظاهرين، وهي خطوة غير قانونية تسببت في مقتل وإصابة العشرات.
وطالب «عدالة» في الذكرى السنوية العشرين لهبة أكتوبر (تشرين الأول) 2000 بما يلي: تشكيل لجنة مستقلة من أعضاء معروفين بمصداقيتهم ومهنيتهم، يتم اختيارهم بموافقة القيادة السياسية العربية في إسرائيل، وتكون قرارتها ملزمة قانونياً، وصلاحياتها كما يلي: فحص الإخفاقات والمخالفات القانونية في جميع التحقيقات في ملفات أكتوبر (تشرين الأول) 2000، وفحص مجمل عمل جهاز التحقيقات. والتوصية بتوجيه الاتهام إلى المسؤولين عن القتل وجرح المئات. والتحقيق في قضايا القتل الفردي لمواطنين فلسطينيين في إسرائيل منذ عام 2000 التي أغلقها ماحاش.
كما طرح «عدالة» مطلباً يتعلق بقضية قتل أبو القيعان، وهو «إصدار لوائح اتهام فورية ضد المسؤولين عن القتل، وكذلك ضد أفراد سلطات إنفاذ القانون لعرقلتهم سير التحقيق والعدالة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».