«الثنائي الشيعي» يلتزم الصمت وأجواء توحي بتمسكه بـ«المبادرة الفرنسية»

لم يعلق على كلام ماكرون بانتظار كلمة نصر الله اليوم

TT

«الثنائي الشيعي» يلتزم الصمت وأجواء توحي بتمسكه بـ«المبادرة الفرنسية»

بعدما أمهل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زعماء لبنان من 4 إلى 6 أسابيع أخرى لتشكيل حكومة في إطار المبادرة الفرنسية، مصعّداً في خطابه ضد الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل)؛ إذ اعتبر أن «حزب الله ومجمل الشيعة في لبنان أمامهم خيار تاريخي بين الدولة أو الأسوأ»، ينتظر اللبنانيون موقف هذا الثنائي الذي لا يزال يلتزم الصمت، والخيارات التي يمكن أن يسير بها والتي ستأتي على لسان الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله خلال خطابه المقرر مساء اليوم.
ولكن بعيداً من موقف الثنائي نفسه، يرى المحلل الاستراتيجي سامي نادر، أن «لا خيارات إنقاذية أمام هذا الثنائي سوى الذي كان مطروحاً في المبادرة الفرنسية»، وأنه إذا لم يتم تصحيح المسار سيذهب «لبنان إلى نموذج يشبه الفنزويلي والإيراني أو السوري لناحية العقوبات والعزلة الدولية».
واعتبر نادر في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن الثنائي ربما يعتبر أنه يشتري الوقت حتى الانتخابات الرئاسية الأميركية، لكن «هذا رهان خاسر لسببين اثنين، أولهما عدم ضمان حسم الانتخابات الأميركية في شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، هذا فضلاً عن عدم ضمان تغيير السياسة الأميركية تجاه (حزب الله) أو المنطقة في حال نجح المرشح للرئاسة الأميركية جو بايدن وذهب الرئيس الحالي دونالد ترمب».
وأضاف «أما الأمر الآخر الذي يبين عدم صوابية هذا الرهان، فهو عدم قدرة لبنان على تحمل شهرين بلا كلفة باهظة في ظل أزمة اقتصادية والتوجه إلى رفع الدعم عن المواد الأساسية»، معتبراً أن «ثمن التأجيل لشهرين سيكون وحدة لأن هناك من سيخرج من الشعب ضد من اتخذ رهانات خاسرة وأضاع فرصة تشكيل حكومة وبدء الإصلاحات».
ويقول نادر: إذ اعتبرنا أن «حزب الله» لم يسر في خيار ضرب المبادرة الفرنسية ضمن أجندة خارجية، فهو بالتأكيد وقع في فخ المغالاة وسوء تقدير التغيرات الخارجية الحاصلة في المنطقة، فهو - أي «حزب الله» - بالغ بالرهان على سبيل المثال بتقاطع المصالح الفرنسية الإيرانية، متناسياً أن هناك تقاطعاً في المصالح الفرنسية أقوى مع الجانب الأميركي ومع دول الخليج، كما بالغ بتقدير التخوف الفرنسي من تركيا في شرق المتوسط أيضاً في تقييم وزن إيران في المنطقة وسط كل المتغيرات الأخيرة.
وفي حين لم يصدر حتى اللحظة أي موقف رسمي من جانب الثنائي حول تمديد المبادرة، رأى عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم، أنه «لم تقفل الأبواب إلى الحل حتى عن طريق المبادرة الفرنسية نفسها، وأهم دليل على ذلك استمرار هذه المبادرة»، مضيفاً «حكماً، نحن متمسكون بالمبادرة، لكن ضمن الحفاظ على الشراكة».
ورأى هاشم أن المبادرة الفرنسية «حملت الكثير من التأويلات والتفاصيل التي تدخل في صلب التوازن الوطني اللبناني والذي لا يمكن المس به في ظل تركيبة لبنانية قائمة على التفاهم؛ لذلك لا بد من التعاطي مع مفهوم التوازن والتفاهم بدقة توازي دقة المرحلة التي يمر بها لبنان».
وانطلاقاً مما تقدم رأى هاشم أنه «لا بد من البحث عن تسوية للوصول إلى مساحة مشتركة لأنه لا يمكن أن يكون هناك حكومة خارج التوازن الذي أرسته الأعراف والدستور في بعض الأحيان»، معتبراً أن اللعبة الديمقراطية القائمة في لبنان «لن تتعذر في الوصول إلى الحل، لكن المطلوب «تدوير الزوايا واحترام مبدأ التوازن والتفاهم».
وأضاف هاشم، أن لبنان وبسبب تركيبة نظامه لطالما كان بلد الأزمات والتسويات «فهو لم ينجح مرة في الوصول إلى حلول جذرية». وفي حين رأى أن تحميل الثنائي الشيعي مسؤولية عدم التوصل إلى حكومة هو «جزء من سياسة عامة»، اعتبر هاشم أن من يتحمل المسؤولية «كل السياق السياسي والنظام بتركيبته وكل القوى السياسية ولو بنسب متفاوتة، لكن بالتأكيد لا يمكن تحميل المسؤولية لفريق واحد».
وذكر هاشم أيضاً بالتصويب الأميركي على المبادرة الفرنسية باعتبار أن واشنطن لم «تستسغ وجود (حزب الله) على طاولة واحدة مع الفرنسيين، فحاولت ضرب المبادرة والعقوبات خير دليل على ذلك».
بدوره، رأى عضو «اللقاء التشاوري» (يضم نواباً مقربين من الثنائي الشيعي) النائب الوليد سكرية، أن «لا خيار أمام أي طرف سياسي في لبنان سوى الإسراع بتشكيل حكومة تعمل على إنقاذ لبنان الذي لم يعد يملك ترف الوقت للبدء بالإصلاحات ومكافحة الفساد ومعالجة الوضع الاقتصادي».
واعتبر سكرية في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن حكومة حسان دياب المستقيلة «كانت بدأت بالعمل، إلا أن هناك من انقلب عليها وفضّل مصالحه على المصلحة العامة ووقف مع المصارف ضد الحكومة فطارت الحكومة»، وبعدها أتت المبادرة الفرنسية و«دخلت العقوبات الأميركية على الخط، بالإضافة إلى سوء المقاربة في بعض النقاط ومحاولة الرئيس المكلف المعتذر مصطفى أديب جعل الأطراف المضي معه من دون نقاش، فتعثر تشكيل الحكومة». ومن هنا يرى سكرية، أن الانطلاق يجب أن يكون «من تعديل طريقة محاكاة الأفرقاء عبر مقاربة هواجسهم التي بعضها داخلي مثل المحاصصة، وبعضها له بعد إقليمي وخارجي».
وكان وزير المالية السابق، النائب في كتلة التنمية والتحرير علي حسن خليل رفض التعليق على كلام ماكرون. وقال في حديث تلفزيوني «لا اتصالات أو مشاورات حالياً على المستوى الداخلي في الشأن الحكومي»، لافتاً إلى أن لا شيء يمنع التشاور بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري. وأضاف «لا تعليق على ما ورد في مؤتمر الرئيس الفرنسي والمبادرة التي اتفق على تفاصيلها مكتوبة وموزعة ومعروف ما ورد فيها».
وكان المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان رد على كلام ماكرون الذي اعتبر أن فيه ظلماً سياسياً مطالباً بضمانات لتطبيق المبادرة. وقال قبلان «المطلوب اليوم هو تشكيل حكومة وزن وطني وليس حكومة وكالة دولية، وما عرضه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالأمس فيه ظلم سياسي فادح، فمن يخوض معركة حماية لبنان هو مقاومة وليس ميليشيا، والمبادرة الفرنسية يجب أن تمر بالثقل التمثيلي للمكونات الوطنية، والانحياز الفرنسي يجب أن يكون للبنان وليس لفريق وظيفته قطع الشوارع أو الضغط بالاقتصاد واللعب بالدولار». وأكد في الوقت نفسه «نحن منفتحون جداً على المبادرة الفرنسية، لكننا لن نقبل بأقل من مصلحة المكون الوطني والتهديد فيه عيب كبير، والشكوك تزداد..».
، والمطلوب ضمانات وليس إعلانات». واعتبر قبلان في بيان، أنه «كان على المبادرة أن تبدد قلق بعض المكونات اللبنانية، وليس الاعتماد على نزعة فريق سياساته أغرقت لبنان».



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».