بالتوازي مع فشل هجوم ميليشيات الحوثي على محافظة مأرب، دخل الصراع بين الحكومة الشرعية وهذه الميليشيات مرحلة حاسمة، من شأنها أن تضع حداً للعبث الحاصل في سعر الريال مقابل العملات الأخرى، أو أنها ستفضي إلى اتفاق يسعى له مبعوث الأمم المتحدة لتحييد البنك المركزي عن الصراع، أو أن تفرض ميليشيات الحوثي واقعاً انفصالياً في مناطق سيطرتها.
مسؤولون يمنيون ذكروا لـ«الشرق الأوسط» أن ميليشيات الحوثي التي كانت تخطط للوصول إلى منابع النفط والغاز في مأرب، وحشدت لذلك الآلاف من مقاتليها وأبرز قادتها، أيقنت بفشل هذا المخطط، فذهبت نحو تصعيد آخر على الجانب الاقتصادي؛ فأصدرت تعميماً للبنوك وشركات الصرافة، ومنعت التحويلات المالية الداخلية مع مناطق سيطرة الشرعية بالريال اليمني، حتى تحبط مساعي الحكومة لسحب الطبعة الجديدة من العملة، وإرغام الميليشيات على إلغاء قرارها بمنع تداول الطبعة الجديدة من هذه العملة.
ومع رفع الميليشيات رسوم التحويلات المالية إلى مناطقها إلى 40 في المائة، أصدر البنك المركزي اليمني تعميماً اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، تضمن جملة من القرارات لمواجهة المضاربة بسعر العملة المحلية، حيث حدد الحوالات الداخلية بالريال اليمني فقط، كما أغلق جميع شبكات التحويلات المالية الإلكترونية بعد اكتشاف قيام عدد من الشركات بممارسة أعمال خارج اختصاصها، مثل فتح حسابات واعتمادات مستندية للتجار، وممارسة عملية المضاربة في أسعار العملة، ما تسبب في تراجع قيمة الريال أمام الدولار بشكل غير مسبوق، على أن يتم إنشاء شبكة إلكترونية موحدة للحوالات تكون مرتبطة بالبنك المركزي.
ولكن أهم الخطوات التي اتخذها البنك هي حصر استيراد المشتقات النفطية عبر البنك المركزي في عدن، على أن يُلزم الموردون بدفع جميع الرسوم الجمركية والضريبية إلى البنك، وهي خطوة ستجبر تجار الميليشيات على توريد العائدات إلى الشرعية بدلاً من الحساب البنكي في فرع البنك المركزي في الحديدة، الذي تعرض للسطو من قبل الحوثيين، كما أنها ستجبر المستوردين في مناطق الميليشيات على دفع تلك الرسوم بالطبعة القديمة من العملة؛ ما يمكّن البنك من سحبها من السوق وإرغام تلك الميليشيات على إلغاء قرارها بمنع تداول الطبعة الجديدة من العملة، وفق ما أكده مسؤول رفيع في البنك المركزي.
وحسب هذا المسؤول، فإن خطوات أخرى ستُتخذ، ومن شأنها سحب الطبعة القديمة وفرض الطبعة الجديدة، حيث سيتم بيع مادة الغاز المنزلي المنتج من مأرب بالطبعة القديمة، ليتم بعد ذلك سحبها من التداول، وهو الأمر الذي سيتسبب في أزمة سيولة حادة، ولن يكون أمام ميليشيات الحوثي غير القبول بالطبعة الجديدة للعملة أو الموافقة على مقترحات مكتب المبعوث الأممي مارتن غريفيث بشأن تحييد البنك المركزي من الصراع والالتزام باتفاق استوكهولم بشأن توريد عائدات ميناء الحديدة إلى حساب خاص برواتب الموظفين المدنيين، وإعادة المليارات التي نهبتها ميليشيات الحوثي من ذلك الحساب.
هذه المواجهة ترافقت مع مواصلة ميليشيا الحوثي تنفيذ حملة نهب ومصادرة لملايين الريالات من الطبعة الجديدة من مختلف أسواق ومراكز المديريات الواقعة على خطوط التماس مع مناطق سيطرة الشرعية، حيث صادرت ملايين الريالات من مديريات دمت الواقعة في شمال محافظة الضالع على حدود محافظة إب، كما نفذت حملة دهم ومصادرة للمحلات التجارية في مديرية جبن الواقعة على حدود محافظة الضالع مع محافظة البيضاء، وامتدت هذه الحملة إلى مديريتي الحشا على الحدود الغربية للضالع مع محافظتي إب وتعز، قبل أن تداهم المحلات التجارية والأسواق في مديرية ماوية شرق محافظة تعز، ما اضطر التجار ومالكي المحلات إلى إغلاقها احتجاجاً على تلك الممارسات ونهبها الأموال، التي يقوم مشرفو الميليشيات ببيعها لتجار مقابل عملة كبيرة، ويقوم هؤلاء بنقلها إلى مناطق سيطرة الشرعية على حد تأكيد مسؤول محلي في المديرية الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
تنامي حرب العملة بين الحكومة اليمنية والحوثيين
تنامي حرب العملة بين الحكومة اليمنية والحوثيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة