على الرغم من الأنباء المتشائمة في واشنطن حول تجميد المفاوضات بين تل أبيب والخرطوم، أكدت الحكومة الإسرائيلية، في وثيقة رسمية، أنها تدير مفاوضات متقدمة مع السودان حول اتفاق سلام بين البلدين. جاء هذا التأكيد في رسالة إلى محكمة العدل العليا في القدس الغربية، التي تبحث في التماسين مقدمين من حركات إسرائيلية حقوقية، يطالب أحدهما بإصدار قرار يلزم الدولة العبرية بالاعتراف باللاجئين السودانيين من دارفور كلاجئين، ويطالب الالتماس الثاني بمنحهم إقامة مؤقتة.
وطلبت المحكمة من الحكومة أن تقدم رداً لها على الطلبين. فتوجهت الحكومة، في الأسبوع الماضي، بطلب تأجيل تقديم ردها. وعللت الطلب بوثيقة سرية تقول فيها إن هناك «تطورات جديدة في المحادثات السياسية السرية الجارية مع السودان، قد يكون لها تأثير على نتائج الالتماس».
وجاء في مذكرة الحكومة الإسرائيلية إلى المحكمة، أن هناك اتصالات من أجل التوصل إلى اتفاقية تطبيع علاقات مع السودان، يتم في إطارها بحث مسألة هؤلاء المهاجرين. وسيأخذ موقف الدولة بالحسبان التغييرات الداخلية التي طرأت في السودان، وتأثيرها على قدرة السودانيين الموجودين في إسرائيل على العودة إلى دولتهم والعيش فيها بأمان. وأوضحت المذكرة أنه «في الأسابيع الأخيرة، حصل تقدم في المحادثات على صعيدي إعادة طالبي اللجوء في إسرائيل إلى السودان، والاتفاق المبدئي على تطبيع شامل للعلاقات بين البلدين. وبما أن مثل هذا الاتفاق يعتبر حاسماً في موضوع اللاجئين، تطلب الحكومة تأجيل بلورة الموقف الحكومي من الالتماسين».
وقد رفض أصحاب الالتماسين طلب التأجيل، مؤكدين أن حتى لو تم توقيع اتفاق سلام بين البلدين، فإن مسألة اللاجئين تبقى قائمة. فالالتماس يستند إلى ميثاق اللاجئين في الأمم المتحدة، الذي «يقضي بحظر طرد شخص إلى مكان تكون فيه حياته أو حريته في خطر. والخطر ما زال ماثلاً. وفقط في الأيام الأخيرة نشرت أنباء جديدة حول عدة حالات وقعت فيها مذابح في السودان. وحسب إيضاحات مفوضية اللاجئين الأممية خلال الأشهر الأخيرة، فإنه في حال إبرام اتفاق تطبيع علاقات بين الدولتين، ستبقى إسرائيل ملزمة بالنظر في طلبات اللجوء، التي امتنعت عن النظر فيها حتى اليوم».
واتهم مقدمو الالتماسين، الحكومة الإسرائيلية، بالخداع والتضليل، إذ إن المطلوب منها الآن منحهم إقامة مؤقتة تتيح لهم العيش حياة طبيعية، والحصول على مصدر رزق يوفر لهم العيش بكرامة. وأكدوا أن عودة اللاجئين إلى السودان ستكون محفوفة بالمخاطر، إذ إن أحداث العنف الشديد لم تتوقف، والمجلس السيادي المؤقت في السودان يضم جنرالات عديدين ممن كان لهم دور في العنف، بمن في ذلك عبد الفتاح البرهان، الذي شغل منصب قائد قوات في الجنوب.
لكن قضاة المحكمة الثلاثة الذين نظروا في الالتماسين، الرئيسة إستير حيوت والقاضيين ياعيل فيلنر وجورج قرا، تفهموا طلب الحكومة، ووافقوا على التجاوب معه، وقرروا منح الحكومة الإسرائيلية مهلة إضافية حتى شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، لعرض موقفها، قبل إصدار قرار حكم في الالتماسين.
المعروف أن الالتماسين جاءا لحل مشكلة حوالي 30 ألف أفريقي لاجئين في إسرائيل هرباً من العسف السياسي، بينهم 6285 مواطناً سودانياً، والباقون من إريتريا وإثيوبيا. وحسب الالتماسين، فإن هؤلاء يطلبون اللجوء السياسي في إسرائيل، لأنهم هربوا من السودان إثر المجازر المرتكبة في إقليم دارفور وجبال النوبا والنيل الأزرق، في عام 2003، ومروا في رحلة عذاب شديدة في الصحراء المصرية، واجتازوا الحدود إلى إسرائيل من سيناء وسط خطر على حياتهم. وقدم 4500 منهم طلبات للحصول على لجوء سياسي في إسرائيل، منذ سنوات طويلة، وبعضهم منذ أكثر عشر سنوات، لكن السلطات الإسرائيلية لم تُجب على أي من هذه الطلبات، باستثناء رد إيجابي على طلب واحد فقط. ولذلك فإن طالبي اللجوء السودانيين يوجدون في إسرائيل من دون أن تكون لديهم مكانة قانونية أو حقوق، وازداد وضعهم سوءاً منذ اندلاع وباء «كورونا».
كانت صحيفة «نيويورك تايمز» قد ذكرت، أمس الأحد، أن السودان يشهد خلافات داخلية حادة حول التطبيع مع إسرائيل. فهناك قوى سياسية لا تحتمل قراراً كهذا في الوقت الحاضر، والمجلس العسكري المؤيد للتطبيع مع إسرائيل لا يوافق على دعم أميركي بمليار دولار، ويطلب 3 - 4 مليارات، تعويضاً عن سنوات الحصار الماضية.
المحكمة العليا الإسرائيلية تؤجل البت في وضع لاجئي دارفور
الحكومة أبلغتها بمفاوضات متقدمة مع السودان
المحكمة العليا الإسرائيلية تؤجل البت في وضع لاجئي دارفور
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة