ديفيد جيمس: لم أشعر قط بأن مسيرتي تعطّلت بسبب خلفيتي العرقية

عندما تولى حارس مرمى المنتخب الإنجليزي السابق ديفيد جيمس قيادة نادي كيرالا بلاسترز الهندي في أول تجربة له في عالم التدريب في منتصف موسم 2017 - 2018، فإنه لم يتعاقد مع المهاجم البلغاري المخضرم ديميتار برباتوف، لكنه وجده بالفعل في صفوف الفريق الذي يلعب في الدوري الهندي الممتاز ولم يكن مقتنعا بقدرته على اللعب بشكل جيد مع الفريق بسبب تقدمه في السن.
يقول جيمس، الذي دائما ما يختار كلماته بعناية: «كانت لدي خطة لكيفية القيام بكل شيء، وكنت أعتمد على مبدأ المساواة بين جميع اللاعبين في كل ما أقوم به. لم يكن لدي نجوم مميزون أو كبار في الفريق، وكنت أعامل الجميع بالطريقة نفسها، وهو الأمر الذي قد لا ينجح في بعض الأحيان». ووفقا لجيمس، لم يكن برباتوف يقترب من نهاية عقده لموسم واحد مع الفريق فحسب، لكنه كان يقترب أيضا من نهاية مسيرته الكروية. لكن النجم البلغاري لم يكن يدرك حقيقة ذلك وكان يعتقد أنه ما زال قادرا على العطاء، وهو الأمر الذي كان يعد مشكلة أخرى. وعلاوة على ذلك، تعتمد كرة القدم الهندية بشكل كبير على اللياقة البدنية والسرعة الشديدة، لكن اللياقة البدنية لبرباتوف قد انخفضت كثيرا نتيجة لتقدمه في السن، بالإضافة إلى أنه لم يكن يتميز بالسرعة يوما ما.
وفي الجولة الأخيرة من الموسم، لم يختر جيمس برباتوف ضمن قائمة المباراة، لأنه كان يفكر في الأسماء التي سيستعين بها خلال الموسم التالي، ولم يكن النجم البلغاري ضمن خططه المستقبلية. يقول جيمس عن ذلك: «لم يكن برباتوف سعيدا بعدم اختياره ضمن قائمة المباراة الأخيرة من الموسم، وأنا أتفهم ذلك تماما لأنني مررت بمثل بهذا الموقف من قبل عندما كنت لاعبا. إنه ليس موقفا جيدا عندما تعتقد أنك ما زلت قادرا على العطاء وأنه بإمكانك أن تخوض مباراة أخرى أو أن تلعب موسما آخر، لكن الحقيقة هي أنك لم تعد قادرا على اللعب كما ينبغي. لقد ساعدناه على تحسين لياقته البدنية، لكن الأمر كان صعبا. هناك اختلاف كبير بين شخصيات اللاعبين، وهو ليس من النوع الذي أنجذب نحوه، لكنني على أي حال كنت متعاطفا معه بدرجة كبيرة».
ويضيف: «كان ويس براون معنا أيضا وكان مذهلاً. لقد كانوا يشاهدون مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز على شاشات التلفزيون، وكان براون معتادا على دعوة اللاعبين إلى منزله لمشاهدة المباريات معه ليلة تلو الأخرى. لقد كان براون شخصية رائعة في حقيقة الأمر». ويضيف: «لقد كانت فترة جيدة للغاية، وقد تعلمت منها كثيرا. لكن فيما يتعلق ببرباتوف، فمن المضحك أنني قابلته العام الماضي، ولعبت معه مباراة ودية في سنغافورة وكنت أنا من ألقيت التحية عليه. لقد حاول تسجيل هدفا في شباكي لكنني لم أسمح له بذلك، وكنت سعيدا جدا بتحقيق الفوز عليه في هذه المباراة!».
وكان جيمس لاعبا ومدربا في الوقت نفسه في نادي كيرالا في عام 2014، عندما اشتعلت المنافسة في الدوري الهندي الممتاز في الفترة بين أكتوبر (تشرين الأول) وديسمبر (كانون الأول)، ووصل فريقه إلى الملحق النهائي للفوز باللقب. وعندما عاد جيمس إلى نادي كيرالا في يناير (كانون الثاني) عام 2018 ليتولى القيادة الفنية للفريق خلفا لرينيه مولينستين الذي أقيل من منصبه، سارت الأمور بشكل رائع في البداية، حيث قاد جيمس الفريق لتحقيق الفوز في خمس مباريات والتعادل في ثلاث مباريات في أول 11 مباراة له مع الفريق، ليحظى بثقة مجلس إدارة النادي الذي قرر توقيع عقد جديد معه لمدة ثلاثة مواسم.
لكن قبل انطلاق الموسم الجديد في أواخر سبتمبر (أيلول)، انقلبت الأمور رأسا على عقب، حيث تعرضت ولاية كيرالا لفيضانات مدمرة في شهر أغسطس (آب) ولقي عدد من الأشخاص حتفهم وتعرض الاقتصاد المحلي لمشاكل كبيرة، وهو الأمر الذي كانت له تداعيات هائلة على نادي كيرالا. يقول جيمس عن ذلك: «واجهنا بعض المشاكل المالية، وكثيرا من الصعوبات الأخرى». وواجه حارس المرمى السابق، والبالغ من العمر 49 عاما، صعوبات كبيرة فيما يتعلق بالعديد من الأمور، مثل وجود جدول زمني محدد وواضح للموسم الجديد، ويقول عن ذلك: «لم نكن نعرف متى سيبدأ الموسم الجديد، وعرفنا ذلك قبل انطلاقه بستة أسابيع فقط. وعلاوة على ذلك، تأهلت الهند لنهائيات كأس الأمم الآسيوية التي كان من المقرر إقامتها في يناير 2019، لذلك توقف الدوري الهندي الممتاز لمدة خمسة أسابيع في منتصف الموسم بدءا من منتصف ديسمبر (كانون الأول)، وبالتالي لم نكن نعرف شيئا عن موعد انطلاق الموسم الجديد».
ومن خلال هذه التصريحات، يعطيك جيمس انطباعا بأن كل شيء كان فوضويا. ورغم أن جيمس كان لديه خطة لمدة ثلاث سنوات، لكن الأمور انتهت تماما بعد ثلاثة أشهر فقط، حيث أعلن النادي عن إقالته في بداية فترة الاستراحة بين الدور الأول والثاني لبطولة الدوري، بسبب سوء النتائج؛ نظرا لأن الفريق لم يحقق الفوز إلا مرة واحدة في 12 مباراة. وكان جيمس قد اعتاد على الأوقات الصعبة، بما في ذلك الوقت الذي شهد خلافات مع برباتوف، لكن هذه المرة كانت الصعوبات أكبر من أن يتحملها الحارس السابق للمنتخب الإنجليزي.
يقول جيمس عن ذلك: «كانت التجربة التي خضتها في الهند سيئة للغاية، لأنني لم أكن أعرف ما سيحدث خلال الفترة القادمة حتى أخطط له. ولو كان الأمر أكثر تنظيما وكان من الممكن معرفة ما سيحدث في المستقبل القريب، أعتقد أنه كان من الممكن القيام بأشياء مختلفة». ورغم ذلك، كان جيمس سعيداً في الهند وقارة آسيا بشكل عام، حيث قام بعمل جيد في مجال التحليل التلفزيوني للمباريات. وكان جيمس مستعداً للانتقال إلى هناك بشكل دائم، ويقول إنه لم يفكر في كرة القدم البريطانية ولم يكن يفكر في العمل بمجال التدريب في إنجلترا، لكن هذا الأمر قد تغير تماما الآن. لقد عاد جيمس إلى وطنه منذ عام أو ما يقرب من ذلك. وخلال فترة توقف النشاط الرياضي بسبب تفشي فيروس كورونا، كان لدى جيمس الوقت الكافي للتفكير في مستقبله بشكل واضح، ويبدو أن الجروح التي لحقت به من التجربة التي خاضها مع نادي كيرالا قد التأمت أخيرا.
يقول جيمس: «سوف أتقدم للوظائف التي أرى أنها مناسبة لي في عالم التدريب، فأنا أريد أن أعود للعمل في هذا المجال مرة أخرى. أنا أحب العمل ناقدا رياضيا، لكن الناقد الرياضي لا يمكنه أن يغير أي شيء، وأنا أحب التغيير وأحب أن تتاح لي الفرصة لتحقيق النجاح. لكن لا يمكنني أن أفعل ذلك وأنا أعمل ناقدا. قد أكتب بعض الكلمات التي يقرأها الجميع ويعجبون بها كثيرا، لكنها لن تغير أي شيء في نهاية المطاف. لكن عندما تعمل في مجال التدريب أو تشارك في أي شيء على هذا المستوى فستكون هناك فرصة لإحداث تغيير. لذلك، لدي رغبة هائلة في العودة لمجال التدريب مرة أخرى».
وهناك انتقادات كثيرة لعدم التمثيل المناسب لأصحاب البشرة السمراء والآسيويين والمنتمين للأقليات العرقية المختلفة في مجال التدريب والوظائف الإدارية المختلفة، لكن جيمس - الذي حصل على جميع الدورات التدريبية في مجال التدريب وحصل على رخصة التدريب للمحترفين من الاتحاد الدولي لكرة القدم في يونيو (حزيران) 2018 - يتساءل عما إذا كان عدد كاف من أصحاب البشرة السمراء والآسيويين والمنتمين لأقليات عرقية مختلفة يتقدمون بالفعل للحصول على الدورات التدريبية أم لا. وفي عام 2012. أثار جيمس جدلاً كبيرا عندما قال إن قلة الفرص التي تتاح لأصحاب البشرة السمراء لم تكن بسبب العنصرية، ولكن بسبب قلة مشاركة أصحاب البشرة السمراء في البرامج التدريبية المطلوبة.
يقول جيمس عن ذلك: «عندما كنت أحصل على دورة التدريب للمحترفين من الاتحاد الدولي لكرة القدم، طرحت السؤال التالي: كم عدد المدربين من أصحاب البشرة السمراء الذين اجتازوا دورة التدريب للمحترفين؟ لكن المعلومات المطلوبة للإجابة عن هذا السؤال لم تكن متاحة. عندما تتقدم بطلب للحصول على وظيفة في مجال التدريب، لا يتعين عليك أن تتحدث عن خلفيتك العرقية، لأن هذه الوظيفة تتوقف على المؤهلات التي تملكها، وليس على خلفيتك العرقية».
ويضيف: «إذا كانت لديك مجموعة من الأشخاص الذين اجتازوا الدورات التدريبية بدرجات عالية ولم يحصلوا على فرص في مجال التدريب، فيتعين عليك حينئذ أن تتحدث عن عدم حصول أصحاب البشرة السمراء على الفرص المناسبة. لقد حاولت التعرف على الإحصائيات المتعلقة بهذا الأمر لكنني لم أتمكن من ذلك، ومن دون وجود مثل هذه الإحصائيات يكون الأمر صعبا».
ولم يتقدم جيمس من قبل بأي طلب للحصول على وظيفة في مجال التدريب في بريطانيا، ويقول عن ذلك: «لم أشعر قط بأن مسيرتي قد تعطلت بسبب خلفيتي العرقية. قد يقول الناس إنني مدرب سيئ، وفي هذه الحالة لا يمكنني أن أجادل مطلقا، لكنني على الأقل سأفكر في كيفية التغلب على هذا الأمر، وسيكون الأمر متوقفا علي كشخص وليس على أي شيء آخر».