البرلمان العراقي يحاول حل «عقدة» قانون الانتخابات

عقد البرلمان العراقي، أمس (السبت)، جلسة لمناقشة قانون الانتخابات البرلمانية وخيارات الدوائر الانتخابية، لإنجاز «قانون عادل ومنصف» لإجراء انتخابات مبكرة «تلبي تطلعات الشعب وتعبّر عن إرادته»، بحسب ما تَعِد به الحكومة العراقية.
ولفتت «وكالة الأنباء الألمانية» إلى أن انعقاد جلسة البرلمان العراقي يأتي بدعوة من رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بهدف حسم خيارات شكل الدوائر الانتخابية لإنجاز قانون الانتخابات البرلمانية المبكرة، المقرر إجراؤها منتصف العام المقبل. وذكرت مصادر عراقية أن القوى السياسية في البرلمان أجرت خلال الأيام الماضية حوارات للتوصل إلى اتفاق بشأن تحديد شكل الدوائر الانتخابية من حيث العدد والحدود الجغرافية لكل محافظة، حيث تتباين الآراء بين اعتماد الدوائر الواحدة أو المتوسطة أو المتعددة لكل محافظة، ومنع حالات التزوير.
وتسعى الرئاسات الثلاث في العراق إلى إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة في منتصف عام 2021 بنظام انتخابي يضمن حقوق الجميع، دون وقوع عمليات تزوير، وبإشراف دولي.
وبعد أكثر من شهرين على إعلان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي تحديد يوم السادس من يونيو (حزيران) 2021 موعداً لإجراء الانتخابات النيابية المبكرة، لا تزال القوى السياسية العراقية تدافع عن خياراتها حيال العقدة المستعصية، وهي الدوائر المتعددة. فعلى مدى الدورات الانتخابية الأربع، بدءاً من عام 2006 إلى عام 2018، كان القانون الذي تم اعتماده طوال كل تلك الانتخابات هو قانون «سانت ليغو» الذي جرى تعديله مرات عدة بما يناسب حجم الكتل والأحزاب الكبيرة التي بقيت مهيمنة على المشهدين السياسي والانتخابي حتى الآن. لكن المتغيّر الحاسم الذي لم تكن قد حسبت له الكتل والأحزاب الكبيرة حساباً هو الانتفاضة الجماهيرية الكبرى التي اندلعت في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وأدت إلى إقالة حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي وتغيير قانون الانتخابات وقانون مفوضية الانتخابات.
وبينما تم حسم مفوضية الانتخابات من خلال استقدام قضاة ليكونوا هم أعضاء مجلس المفوضين حتى تخرج الانتخابات من هيمنة الأحزاب الكبيرة، فإن تلك القوى والأحزاب لا تزال تدافع عن خياراتها حيال القانون الجديد الذي خصص البرلمان جلسته أمس لمناقشة العقدة الأهم فيه، وهي تعددية الدوائر.
وفي هذا السياق، يقول الرئيس السابق للدائرة الانتخابية عادل اللامي إن «القوى السياسية المختلفة اتفقت على أن توزع المحافظات إلى أربع دوائر انتخابية ضمن الجلسات المقبلة». وأضاف أن «الدائرة الانتخابية يجب أن تكون فردية، أي لكل نائب دائرة انتخابية، وتوزع الدوائر على عدد مقاعد مجلس النواب». وأوضح اللامي أن «تلك التوجهات السياسية تخالف رأي المرجعية والمتظاهرين بشأن الدوائر وحرية اختيار الافضل في الانتخابات لإحداث تغيير».
من جهته، يقول الخبير القانوني أحمد العبادي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الشارع العراقي يبحث بالدرجة الأساس عن انتخابات نزيهة، ولا يهمه بالضرورة نوع نظام الانتخابات، لأن نوع النظام الانتخابي ليس هو الهدف بقدر ما هو وسيلة للوصول إلى الهدف الحقيقي المتمثل بانتخابات نزيهة». وتابع أن «العزوف الذي حصل في انتخابات عام 2018 لم يكن بسبب نوع النظام بقدر ما كان إحساس الناس بأن هناك إرادة مسبقة للتزوير». وأوضح أن «الدوائر المتعددة تهدف إلى أن كل شخص في منطقة صغيرة يتم اختياره بطريقة صحيحة، لأنه معروف تماماً ويرون (أي من ينتخبه) أنه قادر على تقديم خدمة لهم». وأكد أن «الشرط الأهم بالنسبة للانتخابات لأي شخص أن تكون لديه بطاقة بايومترية، وليست إلكترونية، حتى لا يحصل تزوير ولا يحصل عزوف كبير أيضاً».
أما آراس حبيب كريم، عضو البرلمان العراقي عن محافظة بغداد، فيقول لـ«الشرق الأوسط» إن «القوى السياسية ولكي تكون على قدر الالتزام الذي قطعته على نفسها بإجراء انتخابات مبكرة، لا بد لها من حسم قانون الانتخابات وتعديل قانون المحكمة الاتحادية». وأضاف: «ليس من المصلحة الاستمرار في المماطلة والتسويف تحت أي ذريعة أو مبرر، لأن البلد في حال لم يتم استكمال أسس الانتخابات بدءاً من القانون فإنه يمكن أن يذهب إلى المجهول، وبالتالي لا ينفع بعدها الندم».
في السياق نفسه، يرى عضو البرلمان العراقي عن تحالف «عراقيون» حسين عرب أن «الاتفاق النهائي على شكل الدائرة الانتخابية محسوم والأقرب إلى الإقرار هو الدوائر المتوسطة». وقال عرب في تصريح صحافي أمس السبت إن «الكتل السياسية وأعضاء مجلس النواب عقدوا العزم على إقرار القانون لأننا أمام موقف وطني حقيقي لإقرار الدوائر المتعددة». لكن رئيس كتلة «المشروع العربي» أحمد الجربا قال، من جهته، إنه يمكن التوصل إلى اتفاق بين الكتل البرلمانية على الدوائر الانتخابية وعددها. وقال الجربا في تصريح له إن «هناك مقترحات بشأن عدد الدوائر وتقسيمها على المحافظات وحسب النسب السكانية»، مشيراً إلى أن «عقد جلسة البرلمان المخصصة للتصويت على ملحق قانون الانتخابات واختيار الدوائر الانتخابية مرتبط بالتوافق السياسي للكتل النيابية».