يتوقع مراقبون بالجزائر إحداث تغيير عميق على التشكيل الحكومي، بعد الاستفتاء على تعديل الدستور، المقرر في فاتح نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، الذي يرتقب أن يكون بمثابة رهان شخصي للرئيس عبد المجيد تبون لقياس مدى «شعبيته» بعد انتخابه نهاية العام الماضي، وسط مقاطعة شاملة لمنطقة القبائل الأمازيغية، ورفض حاد للاستحقاق من طرف الحراك الشعبي.
وتشير تكهنات داخل الأوساط السياسية إلى احتفاظ تبون برئيس الوزراء عبد العزيز جراد، على الأقل إلى غاية تنظيم انتخابات برلمانية مبكرة متوقعة في الثلاثي الأول من العام المقبل. فيما يجري حديث عن الاستغناء عن وزراء «أثبتوا فشلاً في تسيير قطاعاتهم»، حيث تحملهم السلطة أزمات مرتبطة بالعيش اليومي للمواطنين، كانقطاع المياه الصالحة للشرب، ومشاكل في السيولة النقدية في مراكز البريد، المستمرة منذ شهور، والتي حالت دون تسلم الملايين أجورهم ومعاشاتهم، زيادة على اضطرابات متكررة في شبكة الإنترنت تسببت في تعطيل عمل الشركات والهيئات الإدارية.
ومن الوزراء الذين يوجدون في «عين الإعصار»، وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية إبراهيم بومزار، ووزير الموارد المائية أرزقي براقي، ووزير المالية أيمن بن عبد الرحمن. في حين تتوفر مؤشرات عن الاحتفاظ بوزراء «محل ثقة» لدى الرئيس تبون، من بينهم وزراء الداخلية والخارجية والطاقة، كمال بلجود، وصبري بوقدوم، وعبد المجيد عطار.
ويقول مقربون من السلطة المنبثقة عن انتخابات الرئاسة، التي جرت نهاية العام الماضي، إن الدستور الذي سيعرض على الاستشارة الشعبية «سيكون بمثابة انتقال إلى جزائر جديدة». لكن أحزاب معارضة تبدي تحفظا شديدا على هذا المفهوم بسبب مضايقات تواجهها في ممارسة أنشطتها، كرفض الترخيص لعقد اجتماعاتها، واستمرار اعتقال وسجن نشطاء الحراك المطالبين بالتغيير. وهذه الأحزاب ترى أن «جزائر قمع الحريات ما زالت هي السائدة». وقد أعلنت «جبهة القوى الاشتراكية»، أقدم حزب معارض، أمس في بيان رفضها مسعى تعديل الدستور، ووصفته بـ«الانقلاب على الإرادة الشعبية».
ويعيب ملاحظون على الرئيس أنه يحمّل وزراءه أخطاء في التسيير، كانت سبباً في إثارة غضب شعبي، كانقطاع المياه والإنترنت والسيولة، في حين أنه ينبغي، حسبهم، أن يتحمل هو ما يعتبرونه «فشلاً سياسياً» في التخفيف من حدة أزمة متعددة الأوجه، منذ وصوله إلى الحكم قبل تسعة أشهر. فيما يسعى موالون له إلى البحث عن مبررات له، أهمها أن أزمة وباء كورونا «عطّلت مشروعات كانت ستترك أثراً طيباً على حياة الجزائريين، لو تم إطلاقها في وقتها».
في سياق ذلك، صرّح بوزيد لزهاري، رئيس «المجلس الوطني لحقوق الإنسان» (مقرب من الحكومة)، لوكالة الأنباء الحكومية بأن التعديل الدستوري «أحدث نقلة نوعية كبيرة في مجال الحقوق والحريات، كما جعل من شعار الجزائر الجديدة، الذي حمل مطالب الحراك الشعبي الأصيل، واقعا مدسترا». وقال إن قضية حقوق الإنسان «حظيت باهتمام كبير، بدءاً من ديباجة الدستور، التي أضيفت لها فقرة جديدة تنص على تمسك الجزائر بحقوق الإنسان كما هو معمول به في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، إلى جانب التأكيد على احترام ثلاثية حقوق الإنسان، وهي السلم والتنمية». مشيراً إلى أن ديباجة الدستور الجديد «تعطي دلالات قوية على أن فلسفة الحكم في الجزائر تقوم على أساس احترام حقوق الإنسان وترقيتها».
وبحسب لزهاري فإن العديد من الحقوق التي لها صلة بمجال حقوق الإنسان «كانت موجودة سابقاً. غير أن الدستور الجديد حرص على تقويتها، ومنها التأكيد على حرية التنقل إلى خارج التراب الوطني، وتعزيز عناصر حرية الصحافة، بما في ذلك الصحافة الإلكترونية، إلى جانب تعزيز واجب الدولة تجاه الفئات، واعتماد نظام التصريح بدل الترخيص بشأن التظاهر السلمي، وإنشاء الجمعيات، وهو أمر معمول به في الكثير من الدول المتقدمة».
الجزائر: أنباء عن تعديل حكومي «عميق» بعد الاستفتاء على الدستور
ترقب إقالة وزراء بسبب فشلهم في تسيير قطاعات حساسة
الجزائر: أنباء عن تعديل حكومي «عميق» بعد الاستفتاء على الدستور
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة