«الدستوري الحر» يقترح قانوناً للعدالة الانتقالية في تونس

عبير موسى رئيسة «الدستوري الحر» خلال مظاهرة ضد الإرهاب الأسبوع الماضي في تونس العاصمة (إ.ب.أ)
عبير موسى رئيسة «الدستوري الحر» خلال مظاهرة ضد الإرهاب الأسبوع الماضي في تونس العاصمة (إ.ب.أ)
TT

«الدستوري الحر» يقترح قانوناً للعدالة الانتقالية في تونس

عبير موسى رئيسة «الدستوري الحر» خلال مظاهرة ضد الإرهاب الأسبوع الماضي في تونس العاصمة (إ.ب.أ)
عبير موسى رئيسة «الدستوري الحر» خلال مظاهرة ضد الإرهاب الأسبوع الماضي في تونس العاصمة (إ.ب.أ)

قدمت كتلة «الحزب الدستوري» الحر المعارض مشروع قانون جديد للعدالة الانتقالية في تونس، وطالبت البرلمان باستعجال النظر في هذا المقترح طبقا للفصل 92 من النظام الداخلي للبرلمان.
وتضمن مشروع القانون دعوة لإسقاط المتابعات القضائية ضد مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان بمرور الزمن، واسترجاع التعويضات المالية عن هذه الانتهاكات في حال ارتكاب أصحابها أعمالا تتصل بالإرهاب، وذلك ردا على دعوة «هيئة الحقيقة والكرامة»، التي طالبت بتطبيق مصالحة شاملة، بعد اعتراف مرتكبيها بانتهاكات في حق الضحايا، واعتذارهم عنها، ومن ثم إقرار مصالحة وتقديم تعويضات مالية للضحايا.
واعتبرت كتلة «الدستوري الحر» البرلمانية أن هذا المشروع يعتبر محاولة لـ«وضع حد للتوظيف الممنهج لملف العدالة الانتقالية»، التي قالت إن الكثيرين يسعون من خلاله إلى «مواصلة سيطرتهم على المشهد السياسي، ومغالطة الرأي العام وإقصاء الكفاءات، واعتماد سياسة الكيل بمكيالين خلال التعامل مع كل من تقلد مسؤولية قبل سنة 2011، طبقا لمصالح شخصية ضيقة، وتنفيذا لحسابات سياسية معلومة»، على حد تعبير رئيسة الكتلة عبير موسي.
ودعا مشروع القانون إلى إقرار مبدأ محافظة السلطة القضائية على كامل استقلالها في التعهد والتحقيق، والبت في الملفات الواردة عليها، وعدم إلزامية آراء هيئة الحقيقة والكرامة وتحقيقاتها، وإبطال كل القرارات الصادرة عن الهيئة نفسها بعد انتهاء مدة عملها، إضافة إلى إحداث لجنة لضمان حق الدولة والمواطنين في التدقيق الشامل للمبالغ المدفوعة من المال العام. علاوة على إحداث قاعدة بيانات للمنتفعين بالتعويضات، وتمكين الدولة من استرجاع ما تم دفعه دون وجه حق، في حال ظهور أدلة جديدة تثبت عدم صحة الوقائع، التي تم الاعتماد عليها لصرف التعويضات، أو في حال اقتراف المنتفع بالتعويضات جرائم متصلة بالإرهاب، وعدم الإضرار بالتوازنات المالية للدولة والمؤسسات العمومية عند صرف هذه التعويضات.
وفي هذا الشأن قال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا المشروع سيلقى معارضة شديدة من قبل المتضررين من فترة حكم الرئيسين السابقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي في حال تطبيق مبدأ إسقاط الدعوات القضائية بمرور الزمن، وهذا الرفض سيكون خاصة من التيار الإسلامي الأكثر تضررا من فترة الحكم السابق، وكذلك من رموز اليسار والقيادات القومية. مؤكدا أن الحزب الدستوري الحر يواصل من خلال هذا المشروع تضييق الخناق على ممثلي الإسلام السياسي، خاصة عند إشارته إلى ضرورة استرجاع الدولة للتعويضات المالية في حال اقتراف المنتفع بالتعويضات جرائم متصلة بقانون مكافحة الإرهاب.
يذكر أن لطفي زيتون، القيادي في حركة النهضة الإسلامية، دعا قبل أيام رئيس الجمهورية قيس سعيد، ورئيس الحكومة هشام المشيشي إلى العفو عن أبناء الرئيس الراحل زين العابدين بن علي وأصهاره، والسماح لهم بالعودة إلى وطنهم الأم، وأن تمنح لهم جوازات سفر تونسية، باعتبارها عنوانا لارتباطهم ببلدهم. وقال زيتون: «إن من عوقب منهم دفع الضريبة، ومن ما يزال فارا فليسمح لأبنائه وزوجته بالعودة إلى بلدهم محفوظي الحقوق، ومن يتابع منهم بقضايا، يجب أن تضمن لهم محاكمة عادلة».
في غضون ذلك، قررت الكتلة الديمقراطية، الممثلة لحزب التيار الديمقراطي وحركة الشعب (38 مقعدا برلمانيا) تعليق نشاطها في لجنة المالية، التي يرأسها عياض اللومي، النائب عن كتلة حزب «قلب تونس». وانتقدت ترؤس اللومي لهذه اللجنة، التي تسند دستوريا لأكبر كتلة برلمانية معارضة، وقالت إن «قلب تونس أصبح بعد تشكيل حكومة هشام المشيشي مواليا للحكومة، وليس من حقه رئاسة هذه اللجنة البرلمانية المهمة».
واعتبر نواب الكتلة الديمقراطية في مؤتمر صحافي أن جميع مشاريع القوانين المصادق عليها داخل اللجنة، والمحالة إلى الجلسة العامة منذ الأول من سبتمبر (أيلول) الحالي «باطلة وغير قانونية»، وقالوا إنهم سيطعنون في قانونيتها أمام المحكمة الإدارية. كما عبروا عن استغرابهم ارتفاع وتيرة أعمال لجنة المالية في هذه الفترة، التي أصبحت تعمل بمعدل 10 ساعات في اليوم، منتقدين صمت راشد الغنوشي، رئيس البرلمان، عن هذا الخرق الواضح للقانون.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».