المعارضة التركية تنتفض ضد اعتقال قيادات كردية

رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كيليتشدار أوغلو
رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كيليتشدار أوغلو
TT

المعارضة التركية تنتفض ضد اعتقال قيادات كردية

رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كيليتشدار أوغلو
رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كيليتشدار أوغلو

أعلنت المعارضة التركية رفضها اعتقال قيادات سياسية كردية من أعضاء حزب الشعوب الديمقراطية في إطار تحقيقات حول احتجاجات جرت في عام 2014، رفضاً لحصار تنظيم «داعش» الإرهابي مدينة عين العرب (كوباني) في شمال سوريا. وأعلنت تضامنها مع الحزب مؤكدة أن اعتقالات أعضائه هي عملية سياسية لا قانونية. في الوقت الذي حذر فيه البرلمان والأحزاب الأوروبية الحكومة التركية من الانتهاكات المستمرة للقانون وحقوق الإنسان في تركيا.
وعبر رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، كمال كيليتشدار أوغلو عن دعمه للسياسيين وأعضاء حزب الشعوب الديمقراطية المؤيد للأكراد، وذلك في اتصال هاتفي مع الرئيس المشارك للحزب، مدحت سنجار، تناولا خلاله تفاصيل التحقيق. وقال كيليتشدار أوغلو إن هذه الهجمة تستهدف جميع أحزاب المعارضة، من خلال حزب الشعوب الديمقراطية، وإن هذه العملية ذات طبيعة سياسية لا قانونية وتسعى الحكومة من خلالها إلى الهروب من مشاكلها عبر استهداف المعارضة. كما أجرى رئيس حزب المستقبل، أحمد داود أوغلو، اتصالاً مماثلاً، للتعبير عن التضامن مع الحزب المؤيد للأكراد. وأكد خلاله أن ما جرى في كوباني في 2014 و2015 له أبعاد متعددة ويجب التحقيق فيه، وكذلك الاحتجاجات من 6 إلى 8 أكتوبر (تشرين الأول) في تركيا تحتاج إلى تحقيق محايد فيها.
من جانبه، قال سنجار إن الحكومة تشهد مأزقاً سياسياً كبيراً في الداخل والخارج، وبالتالي فهي تحاول التستر عليه واستعادة السلطة من خلال تسريع هجماتها ضد حزب الشعوب الديمقراطية، مشيراً إلى أن حزبه تقدم بطلب للحكومة للتحقيق في أحداث أكتوبر 2014 لكن لم يتم الرد. وعبر حزب «الديمقراطية والتقدم» الذي يرأسه علي باباجان، عن استنكاره اعتقال قيادات وأعضاء الشعوب الديمقراطية، وقال نائب رئيس الحزب مصطفى ينار أوغلو عبر «تويتر»، إنه «من العبث القول إن هذه الاعتقالات تستند إلى ذرائع قانونية، وإنما هي تصفيات سياسية... الدول تدار بالعدالة لا الظلم». وأصدر المدعي العام في أنقرة أول من أمس، مذكرة اعتقال ضملت 82 من قيادات وأعضاء حزب الشعوب الديمقراطية، في7 ولايات تركية. وشارك المئات من أعضاء الحزب بينهم نواب منه بالبرلمان في وقفة احتجاجية أمام فرعه في منطقة «قاضي كوي» في إسطنبول. مرددين شعارات مثل: «القمع لن يرهبنا»، ورفعوا لافتات مؤيدة للحزب منها: «حزب الشعوب الديمقراطية لا يمكن قمعه وإسكاته». كما شهد العديد من الولايات في مقدمتها العاصمة أنقرة، فضلاً عن المدن ذات الأغلبية الكردية في جنوب شرقي تركيا، وولايات جنوب وغرب وشمال البلاد، مظاهرات احتجاجية تصدت لها الشرطة التي احتجزت العشرات من المشاركين فيها. وصدرت ردود فعل من أوروبا، حيث أدان الاشتراكيون والديمقراطيون، الذين يشكلون ثاني أكبر مجموعة في البرلمان الأوروبي، العملية ضد حزب الشعوب الديمقراطية. وقالت نائبة رئيس المجموعة للعلاقات الخارجية في بيان، إنه على الرغم من تكرار الرسائل الرافضة لحملات الاعتقال من قبل أوروبا والمجتمع الدولي، فإن تركيا تواصل هجماتها على السياسيين المؤيدين للأكراد. وأكدت أن مثل هذه الاعتقالات تمثل خطوة للخلف في مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، مطالبة بإطلاق سراح المعتقلين فوراً.
أما مقرر تركيا الحالي في البرلمان الأوروبي، ناتشو سانشيز، فعبر عن قلقه الشديد بشأن تنفيذ عمليات الاعتقال الجديدة ضد أعضاء حزب الشعوب الديمقراطية، بزعم تورطهم في الأحداث التي جرت في عام 2014، مضيفاً: «يبدو أن السلطات التركية مصممة على الاستمرار في حالة الطوارئ التي طبقتها في الماضي، عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) 2016 والتي استمرت سنتين، وذلك لمواصلة قمع المعارضة والأصوات الناقدة».
وذكّر سانشيز بالرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطية، صلاح الدين دميرطاش، الذي تم اعتقاله هو الآخر على خلفية التورط في هذه الأحداث، والذي ورد اسمه وكذلك الرئيسة المشاركة للحزب فيجان يوكسيكداغ في مذكرة الاعتقال الجديدة.
وفي إشارة إلى أن رئيس بلدية كارص أيهان بيلجين، وهو من بين المعتقلين، قال سانشيز إنه إذا تم تعيين وصي بدلاً منه، فسيكون ذلك «إحدى الهجمات العديدة ضد إرادة الشعب التي ظهرت في الانتخابات المحلية الأخيرة». وأصدر الحزب الاشتراكي الأوروبي بياناً مع الأحزاب الديمقراطية في أوروبا، أدان فيه الاعتقالات. ووصف زعيم الحزب سيرغي ستانيشيف العملية بأنها «انتهاك من نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مرة أخرى لإسكات المعارضة الديمقراطية الشرعية». وأعلن التحالف الأوروبي الحر تضامنه مع حزب الشعوب الديمقراطية، ودعا إلى إطلاق سراح السجناء السياسيين، مشيراً إلى أنه إذا لم تظهر تركيا احتراماً للمعايير الإنسانية والحقوق الأساسية، فإنهم طلبوا من المفوضية فرض عقوبات عليها.
وأعلن المتحدث باسم الحزب الديمقراطي الاجتماعي، فرانك شواب، وهو أيضاً المتحدث باسم مجموعة البوندستاغ الألماني لحقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية، عبر «توتير» رفضه ما جاء في قرار الاعتقال الصادر أمس، عن المدعي العام في أنقرة: «الميليشيات الإرهابية تنظم مظاهرة لحماية مدينة كوباني المحاصرة من تنظيم داعش، وبعد 6 سنوات، تم اعتقالهم. السبب: الاحتجاج المزعوم ضد الدولة التركية وإردوغان»، قائلاً: «هذا أمر غير مقبول».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».