رسائل مصرية ـ إثيوبية بشأن السد على المنصة الأممية

آبي أحمد يتعهد «عدم الإضرار» بعد حديث السيسي عن «قلق متصاعد»

TT

رسائل مصرية ـ إثيوبية بشأن السد على المنصة الأممية

بعد أيام من تعبير الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن «قلق متصاعد» لدى مواطنيه بشأن مشروع «سد النهضة»، قال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، أول من أمس، إن بلاده «لا تنوي إلحاق الضرر» بالخرطوم والقاهرة عبر المشروع الذي تشيده على النيل الأزرق وأثار نزاعاً محتدماً على المياه بين البلدان الثلاثة.
وجاءت إفادات السيسي وأحمد، بشكل منفصل، ولكن عبر منصة الأمم المتحدة، خلال كلمات قادة الدول أمام الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للمنظمة الدولية، التي أقيمت عبر الفيديو، فيما لا تزال المفاوضات بين مسؤولي مصر والسودان وإثيوبيا برعاية الاتحاد الأفريقي، تواجه تعثراً في سبيل التوصل إلى اتفاقٍ مُرضٍ.
وأخفقت الدول الثلاث في إبرام اتفاق على تشغيل السد قبل شروع إثيوبيا في ملء خزانه في يوليو (تموز) الماضي، وعادت الدول الثلاث إلى الوساطة التي يقودها الاتحاد الأفريقي.
وقال رئيس الوزراء الإثيوبي: «أود أن أوضح أننا لا ننوي إلحاق الضرر بهذين البلدين... نحن صادقون في التزامنا بمعالجة مخاوف دول المصب، والتوصل إلى نتيجة مفيدة لجميع الأطراف في إطار عملية يقودها الاتحاد الأفريقي حالياً».
لكن السيسي، قال في كلمته نهاية الأسبوع الماضي: «لقد أمضينا ما يقرب من عقد كامل في مفاوضات مضنية مع أشقائنا في السودان وإثيوبيا سعياً منا إلى التوصل إلى اتفاق ينظم عمليتي ملء وتشغيل السد ويحقق التوازن المطلوب بين متطلبات التنمية للشعب الإثيوبي الصديق وبين صون مصالح مصر المائية». وشدد على رفضه استمرار المفاوضات «إلى ما لا نهاية» بهدف «فرض الأمر الواقع».
وتخوض مصر والسودان وإثيوبيا مفاوضات ممتدة منذ سنوات بشأن «سد النهضة» الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق، الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويرعى الاتحاد الأفريقي الجولة الأحدث من تلك المناقشات وسط تعثر في التوصل للاتفاق، إذ لا يزال الغموض يحيط بمسار المفاوضات، بسبب عدم التوصل إلى مسودة موحدة حول النقاط الخلافية لتقديمها لرئاسة الاتحاد الأفريقي.
ودافع آبي أحمد أمام الأمم المتحدة عن المشروع، وقال إنه «يسهم في الحفاظ على موارد المياه التي كانت ستهدر نتيجة التبخر في دول المصب». وأضاف أن «ما نقوم به في الأساس هو تلبية مطالب الكهرباء لدينا بواسطة واحدة من أفضل مصادر الطاقة نظافة. لا يمكن أن نستمر على إبقاء أكثر من 65 مليون فرد من شعبنا في الظلام».
ومع إقرار السيسي في كلمته بتفهم بلاده لمتطلبات التنمية في إثيوبيا ودعمه لها، فإنه أكد أن «نهر النيل ليس حكراً لطرف ومياهه لمصر ضرورة للبقاء من دون انتقاص من حقوق الأشقاء». وشدد على أنه «لا ينبغي أن يمتد أمد التفاوض إلى ما لا نهاية في محاولة لفرض الأمر الواقع».
وكانت إثيوبيا قد أعلنت في وقت سابق، عن إتمام عملية الملء الأولى للسد، من دون التوصل إلى اتفاق مع مصر والسودان، ما أثار حفيظة دولتي المصب. وتسعى أديس أبابا إلى أن يكون السد أكبر المشاريع الكهربائية في القارة الأفريقية. وتخشى القاهرة من تأثير السد على حصتها من المياه.
، والتي تقدر بـ55.5 مليار متر مكعب سنوياً، تحصل على أغلبها من النيل الأزرق، وتؤكد ضعف مواردها المائية، إذ تعتمد بأكثر من 90 في المائة على مياه النهر.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».