هيئة حقوقية مغربية تطالب بضمان حق التظاهر السلمي

TT

هيئة حقوقية مغربية تطالب بضمان حق التظاهر السلمي

دعا «المجلس الوطني لحقوق الإنسان» بالمغرب، في تقريره حول الاحتجاجات التي شهدتها مدينة جرادة سنة 2017، إلى احترام حق التظاهر السلمي، وطالب بفتح تحقيق بخصوص الجرحى من المحتجين خلال فض احتجاجات 14 مارس (آذار)، ونشر نتائجه، مشدداً على ضرورة مراجعة قانون المسطرة الجنائية والنصوص ذات الصلة بها، لملاءمتها مع الالتزامات الدولية. واعتبر التقرير أن منع السلطات العمومية بعض الاحتجاجات غير المصرح بها، أو التي لم يتم الإشعار بها من أي جهة منظمة، يمس بالحق في التظاهر السلمي. كما طالب المجلس بتجريم العنف غير المشروع، بما يضمن ممارسة الحق في التعبير والتجمع والتظاهر السلمي، فضلاً عن تنفيذ المطالب الاستعجالية ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي للسكان.
وبخصوص محاكمة المعتقلين، أوضح التقرير أن بعض المعتقلين قالوا إنهم وقّعوا على محاضر الشرطة القضائية دون قراءة محتواها، ونازع بعضهم في اعترافاتهم الواردة في محاضر الدرك الملكي، لكونهم لم يوقعوا على المحاضر التي قدمت إلى المحكمة، بل وقعوا فقط على تصريحات دونت في دفتر التصريحات.
وحسب تقرير المجلس، فإن المحكمة اعتمدت في بناء قناعتها بدرجة كبيرة على محاضر الشرطة القضائية، وما تضمنته من اعترافات للمتهمين، ومحاضر معاينة أنجزتها الشرطة القضائية تفيد بوجود المعتقلين في أماكن وقوع الاحتجاجات ومشاركتهم في المظاهرات، رغم قرار المنع من طرف السلطات، وتفريغات الصور والفيديوهات الموثقة للاحتجاجات، وتصريحات عدد من الضحايا؛ فضلاً عن الشهادات الطبية التي أدلى بها الضحايا.
وبخصوص المحاكمات، جدد المجلس دعوته إلى ضرورة مراجعة قانون المسطرة الجنائية، والنصوص ذات الصلة بها، لملاءمتها مع الالتزامات الدولية، وطالب بتقوية دور الدفاع خلال مرحلة ما قبل المحاكمة، بحضوره أثناء مرحلة البحث التمهيدي، وإدماج الحق في الطعن بكافة القرارات المتعلقة بسلب الحرية، خصوصاً قرار الوضع في الحراسة النظرية (الاعتقال الاحتياطي).
ويقدم التقرير، الذي تمت صياغته خلال الفترة الممتدة بين ديسمبر (كانون الأول) 2019 وفبراير (شباط) 2020، التي اعتمدت فيه اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة الشرق بشكل كبير، على المعطيات التي توفرت لدى المجلس، بما فيها ما يتعلق بملاحظة المحاكمات وأعمال الرصد والتتبع والتفاعل مع السلطات المعنية والمجتمع المدني والفئات المتضررة.
ويهدف هذا التقرير، حسب بيان للمجلس، الذي تمت المصادقة عليه بالإجماع من طرف الجمعية العامة للمجلس، إلى رصد الأحداث وتتبعها وتوثيقها، وتقييم آثارها على الحقوق والحريات، وفقاً للمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، والضمانات التي يوفرها الدستور والتشريعات الوطنية. كما يروم تقديم مقترحات مبنية على مقاربة حقوقية، من شأنها المساهمة في معالجة القضايا المتصلة بمطالب احتجاجات جرادة من جهة، واستخلاص النتائج للحيلولة دون تكرارها في سياقات مشابهة، من جهة أخرى.
وأكدت رئيسة المجلس، آمنة بوعياش، في تقديم التقرير، أن احتجاجات جرادة «تعد أحد تمظهرات إشكالية الانتقال من مرحلة استغلال المناجم في المدن، التي تعتمد على النشاط المنجمي، إلى ما بعد استنفاذها، حيث كان ينبغي أن تشكل فرصة للتفكير في بناء استراتيجية وطنية استباقية لتدبير التحولات الاقتصادية، والاجتماعية والبيئية بمدينة جرادة والمناطق المشابهة لها، التي تجعل الانتقال إلى ما بعد استغلال المناجم مسألة حتمية، باعتبار أن لها مدة زمنية افتراضية لتتوقف عن الإنتاج».
وأضافت بوعياش أن المجلس نبه إلى ضرورة تبني استراتيجية تعتمد الإنذار المبكر فيما يتعلق بانتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، نظراً للعواقب التي يمكن أن تنجم عنها، والتي قد تؤدي في بعض الأحيان إلى وقوع توترات اجتماعية، حيث يكتسي العمل الاستباقي والمبكر أهمية خاصة في ضمان اتخاذ إجراءات وقائية مناسبة لحماية السلم المدني.
وتتوزع التوصيات، التي قدمها المجلس بين توصيات عامة وتوصيات خاصة، مقدمة إلى السلطات العمومية والبرلمان وجهة الشرق، فضلاً عن التوصيات المتعلقة بملاحظة محاكمات المتابعين على خلفية احتجاجات جرادة، والإشعار والعمل على تطوير المبادئ التوجيهية الوطنية، التي تؤطر تدخل القوات العمومية.
واندلعت أحداث جرادة بعد وفاة شقيقين أثناء استخراج الفحم من منجم عشوائي، لتتحول إلى مظاهرات ومسيرات تطالب بتحسين ظروف العيش، وتوفير فرص عمل لسكان المدينة، وقد استفاد المعتقلون على خلفية تلك الاحتجاجات من عفو ملكي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.