عشرات الإصابات برصاص إسرائيلي في المناطق الفلسطينية

إقامة صلاة الجمعة على أبواب القدس القديمة

جانب من احتجاجات الخليل في الضفة الغربية ضد الاستيطان أمس (إ.ب.أ)
جانب من احتجاجات الخليل في الضفة الغربية ضد الاستيطان أمس (إ.ب.أ)
TT

عشرات الإصابات برصاص إسرائيلي في المناطق الفلسطينية

جانب من احتجاجات الخليل في الضفة الغربية ضد الاستيطان أمس (إ.ب.أ)
جانب من احتجاجات الخليل في الضفة الغربية ضد الاستيطان أمس (إ.ب.أ)

في الوقت الذي فرضت فيه إسرائيل الإغلاق التام على المناطق الفلسطينية ومنعت الدخول والخروج منها، طيلة فترة الأعياد، أُصيب عشرات الفلسطينيين، أمس (الجمعة)، جراء إطلاق جنود الاحتلال الرصاص المعدني والمطاطي، خلال مواجهات متفرقة في قرى ومواقع مختلفة في الضفة الغربية، كما أصيب العشرات منهم بالاختناق، بعد استنشاق الغاز المسيل للدموع، الذي أطلقه الجنود لقمع المظاهرات والمسيرات الشعبية السلمية.
ففي محافظة قلقيلية، شمالي الضفة، أُصيب سبعة فلسطينيين بالرصاص المعدني والعشرات بالاختناق في مسيرة كفر قدوم الأسبوعية. وهاجم جنود الاحتلال المشاركين في المسيرة باستخدام الرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع. وكان المواطنون قد خرجوا في مظاهرتهم الأسبوعية المعادية للاستيطان، بعد صلاة الجمعة، ومعهم عدد من المتضامنين من الإسرائيليين اليهود والأجانب.
وأفاد شهود محليون بأن أهالي القرية كانوا قد عثروا في ساعات الفجر على كاميرا مراقبة ثبتها الاحتلال قرب «مسجد عمر بن الخطاب» الذي تنطلق منه المسيرة الأسبوعية. وتوقع الفلسطينيون هجوماً من جنود الاحتلال فحرصوا على جعلها مسيرة سلمية، لكن القوات الإسرائيلية أصرت على قمعها، فأُصيب سبعة مواطنين، بينهم الصحافي نضال أشتية، بالرصاص والعشرات بحالات اختناق.
وشهدت منطقة باب الزاوية، وسط مدينة الخليل، مواجهات بين فلسطينيين، وجنود الاحتلال، أسفرت عن إصابة فلسطينيين بالاختناق، نتيجة استنشاقهم الغاز المسيل للدموع، الذي أطلقه الجيش. وقد اعتلى جنود الاحتلال أسطح بعض منازل القرية، وأطلقوا الرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، باتجاه الشبان الفلسطينيين.
وفي محافظة نابلس، قمع جنود الاحتلال فعالية حراثة الأراضي المهددة بالاستيلاء في قرية عصيرة القبلية، ما أدى لإصابة 3 شبان بقنابل الغاز المسيل للدموع بشكل مباشر في منطقة الوجه والصدر والقدم، وجرى نقلهم للمستشفى لتلقي العلاج. وأفادت شهادات محلية بأن مستوطنين هاجموا القرية، واعتدوا على المواطنين الفلسطينيين الذين كانوا في محيط الأراضي المهددة بالاستيلاء. وقد أُصيب عدد من المواطنين، خلال هذا القمع.
وأفاد رئيس المجلس القروي حافظ صالح، بأن الأهالي كانوا يدافعون عما تبقى من أراضيهم من اعتداء المستوطنين القاطنين في مستعمرة «يتسهار» المجاورة، فدهمتهم قوات الاحتلال بالقمع. وقال إن هذه المستوطنة تقوم على أراضي البلدة والبلدات المجاورة لكنها لا تكتفي بما نهبته وتسعى للمزيد. وقد هبّ المواطنون، بدعوة من هيئة مقاومة الجدار والاستيطان ولجان المقاومة الشعبية وفصائل العمل الوطني في محافظة نابلس، لحماية الأراضي المهددة بالاستيلاء. وهذا ليس حقاً فحسب بل واجب وطني وإنساني.
يُذكر أن صلاة الجمعة أُقيمت أمس على أبواب القدس القديمة، بعد منع غير ساكنيها من الدخول إلى المسجد الأقصى ضمن إجراءات وإغلاقات عامة بقرار من الحكومة الإسرائيلية للحد من انتشار فيروس «كورونا»، فيما خلا المسجد من المصلين وبدت ساحات ومصلياته فارغة. وأوضحت دائرة الأوقاف الإسلامية أن 1200 مصلٍّ أدّوا صلاة الجمعة في المسجد الأقصى نفسه، وهم من سكان البلدة القديمة وموظفي دائرة الأوقاف الإسلامية.
ونشرت سلطات الاحتلال منذ ساعات الصباح أفراد الشرطة والضباط والقوات الخاصة في كل الطرقات المؤدية إلى المسجد الأقصى وعلى أبوابه وفي القدس القديمة، ونصبت الحواجز الشرطية، ومنعت المواطنين من الرجال والنساء من غير ساكنيها من الدخول إلى البلدة القديمة والوصول إلى الأقصى، وداهمت العشرات من المقدسيين الذين تمكنوا من أداء الصلاة على أبواب الأقصى، وأمهلتهم مدة 10 دقائق فقط للصلاة وإلا سيتم مخالفتهم واعتقالهم. ثم حررت مخالفة مالية للشبان بقيمة 500 شيكل (150 دولاراً).



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم