معارض جزائري بارز يتهم السلطة بـ«معاقبتي سياسياً»

اعتبر رئيس حزب بارز في المعارضة الجزائرية أنه يتعرض لـ«عقاب سياسي» على أثر إطلاق إجراءات لرفع الحصانة البرلمانية عنه، لمتابعته قضائياً في وفاة مغربي كان يعمل في ورشة لبناء مسكنه الخاص.
وسُجن نواب عدة العام الماضي، بتهم فساد، في سياق حملة متابعة مكثفة ضد رموز فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
وقال رئيس «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» محسن بلعباس، أمس، لصحافيين في العاصمة، إن «القضية سياسية... كلما أطلقت تصريحات لا تعجب السلطة، يتخذون إجراءات سياسية ضدي»، في إشارة إلى موقفه المعارض لمسعى تعديل الدستور الذي سيعرض على الاستفتاء في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وأكد بلعباس، وهو نائب في «المجلس الشعبي الوطني» (البرلمان) عن العاصمة، أنه استجاب لاستدعاء وصله من جهاز الدرك، بخصوص حادثة وفاة مغربي في ورشة بناء مسكنه بالضاحية الجنوبية للعاصمة، «ولم أتحجج بأنني محمي بالحصانة البرلمانية».
واستمع محققو الدرك لرئيس «التجمع» في يونيو (حزيران) الماضي، لكن لم يعرف للقضية بعدها تطورات تذكر. وشاع في أوساط الحزب، أن القضاء تخلى عن متابعة بلعباس، طالما أن تحقيقات الدرك تحركت في البداية بأمر من النيابة التي كانت ذكرت، قبل أشهر، أن المغربي المتوفى لم يكن يملك ترخيصاً بالعمل.
وحسب بلعباس، عادت القضية من جديد إلى الواجهة «بسبب مواقفنا القوية ضد مسعى السلطة تفصيل دستور على مقاس (الرئيس عبد المجيد) تبون»، في إشارة إلى احتفاظ رئيس الجمهورية بالصلاحيات والسلطات المتضمنة في الدستور الذي عدله الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة ثلاث مرات، كان آخرها في مطلع 2016.
واجتمع مكتب البرلمان، أول من أمس، ليدرس طلبين من وزير العدل بلقسام زغماتي، لإلغاء الحصانة عن بلعباس وعن وزير الأشغال العمومية سابقاً النائب عبد القادر واعلي المتابع بتهمة الفساد. ويرتقب أن يحال الطلبان على النواب للتصويت عليهما في جلسة عامة، كما حصل مع نواب عدة العام الماضي، بعضهم أدانه القضاء بأحكام قاسية بالسجن. وتوفي أحدهم في السجن، متأثراً بفيروس «كورونا»، هو وزير البريد السابق موسى بن حمادي.
ومنعت سلطات ولاية الجزائر الترخيص للحزب بعقد اجتماع لـ«مجلسه الوطني»، أمس، في فندق غرب العاصمة، بذريعة «وجود خطر على الصحة العامة له علاقة بوباء (كورونا)». غير أن السلطات نفسها سمحت في الأشهر الماضية، لأحزاب مقربة من السلطة بتنظيم اجتماعاتها في أماكن عامة. كما يجري حالياً عقد لقاءات مكثفة بحضور عدد كبير من الأشخاص، ينتمون إلى جمعيات وأحزاب بغرض الترويج للدستور الجديد.
واضطر «التجمع» إلى نقل اجتماع كوادره إلى مقره بأعالي العاصمة، حيث قرأ رئيسه خطاباً قال فيه إن «استدعاء الهيئة الانتخابية (الأسبوع الماضي) لتزكية مشروع تعديل دستوري، من إعداد إدارة مسؤولة عن الكارثة التي حلت بالبلد، استفزاز بكل المقاييس».
وقال إن «نوّابنا ورؤساء بلدياتنا ومنتخبينا المحليين، انتُخبوا بفضل أصوات المواطنين، تحديداً بفضل الأصوات التي لم تطلها عمليات تزوير البوليس السياسي. وحتى وإن لم نكن ممّن يحبذون تسمية المسؤولين بأسمائهم، فإن تبون... أظهر أنّه وبعد قرابة السنة من ممارسة الوظيفة الرئاسية، اختار التموقع في جانب المشكلة، وليس في جانب الحل. وبطبيعة الحال، هناك دائماً من يطمع منه نيل منصب أو حصة في المجالس الشعبية، إذا ما رأت سلطة الأمر الواقع نفسها قادرة على تنظيم مهازل انتخابية جديدة».
يُشار إلى أن «التجمع من أجل الثقافة» هو الحزب الوحيد الذي صرح قادته بأنهم لا يعترفون بنتائج الانتخابات التي جرت نهاية العام الماضي. ولم يتعرض بلعباس، في خطابه، لموضوع رفع الحصانة، فيما قال محامون قياديون في الحزب إنهم يتوقعون خوض معركة قانونية طويلة الأمد.