عشائر الناصرية تدخل على خط أزمة المخطوف العراقي

مخاوف من إخفاق «جهاز مكافحة الإرهاب» في تحريره

عشائر الناصرية تحتج على اقتحام منزل شيخها كاظم آل شبرم (تويتر)
عشائر الناصرية تحتج على اقتحام منزل شيخها كاظم آل شبرم (تويتر)
TT

عشائر الناصرية تدخل على خط أزمة المخطوف العراقي

عشائر الناصرية تحتج على اقتحام منزل شيخها كاظم آل شبرم (تويتر)
عشائر الناصرية تحتج على اقتحام منزل شيخها كاظم آل شبرم (تويتر)

لا يزال الغموض يحيط بقضية الناشط سجاد العراقي الذي قامت مجموعة مسلحة باختطافه، السبت الماضي، وتحولت إلى ما يشبه الأزمة الأمنية الاجتماعية، خصوصاً بعد دخول بعض عشائر الناصرية على خط القضية بين مؤيد ومعارض لعمليات «جهاز مكافحة الإرهاب» الذي أُرسل من بغداد لتنفيذ عملية إطلاق سراح الناشط واعتقال المتورطين.
ورغم معرفة القوات الأمنية بالعناصر الضالعة في الاختطاف ومعرفة أماكن سكنهم وإصدار القضاء مذكرات قبض بحق اثنين منهم، وعمليات الدهم والتفتيش المتواصلة، فإن جهود القوات الأمنية وفي مقدمتها جهاز مكافحة الإرهاب لم تسفر عن نتائج ملموسة على الأرض، ما تسبب في إحراج كبير للحكومة وجهاز مكافحة الإرهاب الذي يعد من أرفع الأجهزة الأمنية من حيث التجهيز والتدريب والانضباط.
وصدرت في اليومين الأخيرين انتقادات غير قليلة ضد قرار الحكومة الاستعانة بجهاز مكافحة الإرهاب وتوريطه في قضية اختطاف الناشط، ما قد يؤدي إلى كسر سمعته القتالية، إن أخفق في مهمته.
وزاد من تعقيد أزمة الاختطاف، الموقف المتشدد الذي صدر أول من أمس (الثلاثاء)، عن عشيرة «العساكرة» ضد الحكومة وجهاز مكافحة الإرهاب بعد قيامه (مساء الثلاثاء) باقتحام منزل شيخ العشيرة كاظم آل شبرم، ما دفع العشيرة إلى مطالبة الحكومة بتقديم اعتذار رسمي. كما طالبت بـ«إيقاف حملات وطلعات الطائرات فوق أجواء القبيلة» في إشارة إلى استعانة الجهاز بطائرات مروحية في إطار حملتها للبحث عن الخاطفين. ورغم تعرض المطالبة بوقف الطلعات الجوية فوق «أجواء القبيلة» لسخرية وانتقاد كثيرين، فإن أحزاباً وفصائل مسلحة مناوئة للحكومة انتقدت إجراءاتها ضد العشائر وصارت تحذّر من إمكانية قيام حرب «شيعية – شيعية».
وفيما تتحدث مصادر سياسية في بغداد عن تقديم الحكومة العراقية اعتذاراً لشيخ العشيرة، أفادت الأنباء الواردة من الناصرية بانسحاب القوة المكلفة بالبحث عن الناشط من جهاز مكافحة الإرهاب إلى مركز مدينة الناصرية وتركها مناطق العشائر في الأطراف. وتحدث ناشطون عن وقوع «مشادة كلامية بين أحد أفراد عشيرة العساكرة وضابط القوة، بسبب اقتحامهم للمنطقة دون إذن مسبق، ما دفع الشيخ إلى توجيه نداء لأبناء قبيلته للحضور والاحتجاج على سلوك عناصر مكافحة الإرهاب».
وقال رئيس جهاز مكافحة الإرهاب الفريق عبد الوهاب الساعدي، أمس، في تصريحات لراديو «الناصرية» المحلي إن «الهدف الأول الذي تعمل عليه القوة هو البحث عن المختطَف سجاد العراقي». وذكر أن «عناصر جهاز مكافحة الإرهاب وقطعات الشرطة المحلية في المحافظة هي قوة عراقية تسعى لتنفيذ القانون وأي تجاوز عليها سيواجه رداً بمستوى فعل التجاوز».
وفي مقابل الانتقادات التي وُجهت لجهاز مكافحة الإرهاب من عشيرة «العساكرة»، أشاد الشيخ فرهود شعلان آل سليمان، شيخ عشائر بني زيد في العراق، بتضحيات جهاز مكافحة الإرهاب، وطالب الحكومة بـ«حصر السلاح بيد الدولة والبدء بالأحزاب والحركات العسكرية».
ووجه الشيخ آل سليمان كلامه في بيانه، أمس، إلى أبناء عشيرته وبقية العشائر قائلاً إن «الحكومة تحترمكم وتعلم علم اليقين أن مضايفكم لا تؤوي القتلة والخارجين عن القانون وتعدّكم الركيزة المهمة في الدفاع عن العراق».
وأضاف أن «الأحزاب وميليشياتها، وبعد أن قطع أبناؤكم منتسبو جهاز مكافحة الإرهاب الأبطال السبلَ عليها وضيقوا الخناق عليها، راحت تشعل فتيل الفتن لتوقعكم وأبناءكم في فتنة، ولتخفف عنها ما هي فيه».
بدوره، أكد قائد شرطة محافظة ذي قار العميد حازم الوائلي، أمس (الأربعاء)، استمرار عمليات البحث والتحري عن المختطَف سجاد العراقي. وأشار في تصريحات صحافية إلى «وجود تنسيق ما بين جهاز مكافحة الإرهاب وقيادة الشرطة وأن هناك أهدافاً مهمة تعمل الأجهزة الأمنية على الوصول إليها وتحرير المختطَف».
من جهته، يقول الناشط رعد الغزي، إن «المبالغات كانت سيدة الموقف فيما حدث خلال اليومين الأخيرين في الناصرية وبقية المدن، بعض الجهات الميليشياوية الخاسرة من عمليات فرض القانون تسعى لاستغلال قضية العشائر لخلط الأوراق». وأضاف الغزي لـ«الشرق الأوسط»: إن «عملية إطلاق سراح المختطَف سجاد العراقي ليست سهلة رغم الجهد الأمني المكثف، ورغم معرفة المتورطين، نظراً لطبيعة المنطقة ووجود مناطق الهور والأحراش الممتدة، حيث يمكن للخاطفين أن يتنقلوا فيها بسهولة». ورأى الغزي أنه «كان بإمكان الحكومة أن تعالج القضية بطريقة أخرى، لكن الأمر يبدو بالنسبة لي يتجاوز حدود إطلاق سراح مختطَف ويتعداه لأهداف أخرى ربما. لا أعرف، ربما تبحث الحكومة عن قائمة طويلة من الخارجين عن القانون».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.