رجل أعمال سوري معاقب أميركياً يعيد «تمثالاً بريطانياً» إلى وسط دمشق

وسيم قطان تمسك بوضع «رأس الحصان» في ساحة «سيريتل» بعد خلاف مع رامي مخلوف

تمثال رأس الحصان في ساحة وسط العاصمة السورية (محافظة دمشق)
تمثال رأس الحصان في ساحة وسط العاصمة السورية (محافظة دمشق)
TT

رجل أعمال سوري معاقب أميركياً يعيد «تمثالاً بريطانياً» إلى وسط دمشق

تمثال رأس الحصان في ساحة وسط العاصمة السورية (محافظة دمشق)
تمثال رأس الحصان في ساحة وسط العاصمة السورية (محافظة دمشق)

أعاد رجل الأعمال السوري المدرج على قائمة العقوبات الأميركية وسيم قطان، تمثالاً لرأس خيل منسوخ عن آخر في لندن، إلى ساحة وسط دمشق بعد ساعات من إزالته.
وعلق قطان: «اللهم بارك بشامنا» على صور لمنحوتة رأس الحصان التي أعادت محافظة دمشق نصبها في ساحة «سيريتل: بحي المالكي الراقي في دمشق الثلاثاء بعد أقل من 24 ساعة من إزالتها، وسط عاصفة من الانتقادات، ليشكل ذلك مفاجأة جديدة تعادل مفاجأتي نصبه وإزالته قبل يومين، فالساحة التي لا تتجاوز مساحتها 40 متراً والقريبة من القصر الرئاسي في الروضة، استغرق تأهيلها ستة أشهر لتنتهي أعمالها بنصب منحوتة مصغرة (أربع أمتار) عن منحوتة النحات البريطاني نيك فيديان غرين الذي نفذ المنحوتة الأصلية رأس حصان يشرب الماء عام 2011. لتكون أكبر تمثال برونزي قائم بذاته في لندن بارتفاع عشرة أمتار.
وأعلنت محافظة دمشق الثلاثاء عن إعادة تركيب منحوتة «رأس الحصان» في ساحة «سيريتل» بحي المالكي. وقال المكتب الإعلامي في المحافظة إن التمثال الذي وضع يوم الأحد وأزيل يوم الأثنين تمت إعادته الثلاثاء «بعد استدراك بعض المشاكل الفنية التي لوحظت».
وكانت المحافظة قد أعلنت لدى إزالتها رأس الحصان يوم الأثنين بأن النصب «تجريبي وليس نهائياً وقد تمت إزالته لاستدراك بعض المشاكل الفنية»!!
من جانبه، كان رئيس غرفة تجارة ريف دمشق، والمرشح لانتخابات غرفة تجارة دمشق وسيم قطان أول المبشرين بإعادة المنحوتة التي تم تنفيذها بطلب منه، وقد سبق له أن كتب منشوراً عبر حسابه على «فيسبوك» لدى نصبه أول مرة في الساحة تحدث فيه عن العمل الذي تم استنساخه في العديد من الدول. ومما كتبه قطان الحاصل على إجازة كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق اختصاص تصميم: «لرأس الحصان الذي ورد الماء، إلهام مؤثر جداً بفنان مبدع إلى تجسيدها في إحدى حدائق العاصمة البريطانية لندن... وروعة التجسيد أغرت إيطاليا... باستنساخ هذا العمل الإبداعي، كما ألهمت آخرين هناك في أقاصي الدنيا... لاقتباس محبب للروح. كل ما هو جميل وراقٍ فن أيضاً... فتذوق الفن بات مدرجاً في أدبيات الشعوب وله خصوصيته التي فاخر بها كثيرون... فلنوطن ما أمكننا من ملامح الإبداع والجمال... ولنتذوق النتاج الراقي لأننا نستحق أن نتذوق ما يشبهنا».
وقالت مصادر إن قطان المولود في دمشق عام 1976. هو صاحب مبادرة إعادة تأهيل ساحة «سيرتيل»، التي بدأت منذ ستة أشهر. وقد تم تكليف النحات حسام فؤاد جنود الأستاذ السابق في كلية الفنون الجميلة، بتنفيذ نسخة مصغرة عن تمثال رأس حصان الموجود في لندن.
وتمت إزالة إعلان شركة «سيرتيل» من الساحة التي سميت باسمها، بعد خلال رجل الأعمال رامي مخلوف مع ابن خاله الرئيس بشار الأسد. ورجحت المصادر أن يكون تأهيل الساحة من قبل وسيم قطان «تمهيداً لتصدير اسمه كبديل عن رامي مخلوف، سيما وأنه مرشح لرئاسة غرفة تجارة دمشق».
وكانت وزارة الخزانة الأميركية، قد أدرجت اسم وسيم قطان على قائمة العقوبات الثانية بموجب قانون قيصر الصادر في يونيو (حزيران) الماضي، وأوضح بيان وزارة الخزانة أن قطان الذي ظهر اسمه لأول مرة في عالم الأعمال السوري عام 2017. لديه عدة عقود مع الحكومة السورية لتطوير مركز تجاري وفنادق في دمشق. كما أشار إلى «ارتباط القطان بشخصيات قوية من النظام وقد أرست عليه الحكومة السورية مؤخراً كافة المشاريع العقارية الكبيرة تقريباً خارج مدينة ماروتا في دمشق».
ورغم ما يتميز به العمل النحتي من مواصفات فنية أقر بها الفنانون التشكيليون فإن توقيت نصبه جاء مستفزاً، إذ تزامن مع تفاقم أزمة البنزين التي أصابت مناطق سيطرة النظام بالشلل منذ بداية الشهر الحالي، إضافة إلى تفاقم أزمة الخبز وأزمتي الماء والكهرباء في العديد من المحافظات السورية. مهندس في شركة للعمارة الداخلية والديكور اعتبر الإنفاق على تجميل الساحة في ظل «الحصار الاقتصادي والجوع تصرفاً وقحاً ومستفزاً... نحن لسنا بخير وسوريا ليست بخير».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».