الجزائر: حكم بسجن 6 رجال أعمال مقربين من بوتفليقة

وقفة احتجاجية نظمها صحافيون وسط العاصمة تضامناً مع الصحافي خالد درارني (د.ب.أ)
وقفة احتجاجية نظمها صحافيون وسط العاصمة تضامناً مع الصحافي خالد درارني (د.ب.أ)
TT

الجزائر: حكم بسجن 6 رجال أعمال مقربين من بوتفليقة

وقفة احتجاجية نظمها صحافيون وسط العاصمة تضامناً مع الصحافي خالد درارني (د.ب.أ)
وقفة احتجاجية نظمها صحافيون وسط العاصمة تضامناً مع الصحافي خالد درارني (د.ب.أ)

أدانت محكمة ابتدائية بالعاصمة الجزائرية، أمس، 6 إخوة رجال أعمال بالسجن بين 12 و20 سنة، بتهم فساد، مع مصادرة كل أملاك العائلة التي قدرها مهتمون بشؤون المال بنحو 5 مليارات دولار أميركي. كما التمست النيابة في المحكمة نفسها في قضية أخرى السجن 3 سنوات بحق أمين عام «جبهة التحرير الوطني (أغلبية)» محمد جميعي، بتهمة التزوير في ملفات رسمية.
وبدا الغضب على ملامح الأشقاء: رضا وعبد القادر وكريم وطارق ونوح كونيناف، وهم يستمعون إلى القاضي بمحكمة «سيدي امحمد»، وهو ينطق بالأحكام التي عدّها دفاعهم «قاسية وغير مبررة»، بحجة أن القضاء «بصدد إنزال عقوبات مكثفة ضد كل من له صلة بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة»، وأعلنوا الطعن على الأحكام.
كما أدانت المحكمة في القضية نفسها، سعاد كونيناف؛ صغرى الأشقاء، وهي أيضاً سيدة أعمال، غيابياً بـ20 سنة سجناً، مع حجز أملاكها بالجزائر وفرنسا حيث تقيم، وإصدار مذكرة اعتقال دولية ضدها.
واتهم الإخوة كونيناف بـ«استغلال النفوذ» و«تبييض الأموال»، و«الاستفادة من امتيازات غير مستحقة»، و«تحويل عائدات تأجير عقارات إلى الخارج»، و«عدم الوفاء بالالتزامات التعاقدية عند إنجاز مشاريع عمومية». كما أدين أشخاص آخرون في القضية ذاتها، وهم أطر في وزارات الصناعة والزراعة والموارد المائية، والطاقة والاتصالات السلكية واللاسلكية، إلى جانب قطاعات أخرى حصلت من خلالها «مجموعة كو جي سي»، المملوكة لعائلة رجال الأعمال، على صفقات بطرق غير قانونية، وذلك بعقوبات بالسجن مع التنفيذ، تراوحت بين 18 شهراً و3 سنوات.
وفي سياق متصل، التمست النيابة، أمس، السجن 3 سنوات مع التنفيذ ضد رجل الأعمال، محمد جميعي، أمين عام «جبهة التحرير»، وذلك بتهمة «تزوير مستندات رسمية» مرتبطة بعقارات، علماً بأنه جرى سجن زوجته القاضية معه، لتورطها في التزوير، حسب محاضر الشرطة التي أجرت التحريات. وقد استمرت مرافعات الدفاع إلى ساعة متأخرة.
من جهة ثانية، برّأت محكمة الاستئناف، أمس، بلقاسم جير، صحافي «تلفزيون الشروق»، (خاص)، المحكوم عليه بثلاثة أعوام سجناً نافذاً في قضية لا تتعلق بالصحافة، بعد أن قضى 14 شهراً في الحبس، بحسب محاميته فتيحة ذويبي، حيث حُكم عليه بالسجن 3 أعوام بتهمتي «انتحال وظيفة» و«الابتزاز» في يونيو (حزيران) الماضي.
إلى ذلك، عبر محامو الصحافي خالد درارني، مراقب منظمة «مراسلون بلا حدود»، في مؤتمر صحافي بالعاصمة أمس، عن استيائهم من تصريحات الرئيس عبد المجيد تبون، التي صرح فيها بأن موكلهم «لم يسجن لكونه صحافياً».
وأدانت محكمة الاستئناف الأسبوع الماضي الصحافي بعامين حبساً نافذاً بتهمتي «تهديد الوحدة الوطنية»، و«التحريض على التظاهر من دون رخصة».
وتساءل المحامي عبد الغني بادي، خلال المؤتمر الصحافي: «هل التعاون مع وسيلة إعلام أجنبية من دون ترخيص حكومي، يشكل أساساً لجنحة المس بالوحدة الوطنية؟»، عادّاً كلام الرئيس «محاولة للتأثير على القضاة ما دام الملف لم يعرض بعد على المحكمة العليا».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.