موافقة سودانية مشروطة على التطبيع مع إسرائيل

اتفاق «مبدئي» مع واشنطن يربط الخطوة بمساعدات ورفع اسم الخرطوم من لائحة الإرهاب

موافقة سودانية مشروطة على التطبيع مع إسرائيل
TT

موافقة سودانية مشروطة على التطبيع مع إسرائيل

موافقة سودانية مشروطة على التطبيع مع إسرائيل

أكدت مصادر توصل السودان والإدارة الأميركية إلى اتفاق يتضمن حذف اسم الخرطوم من اللائحة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، يتوقع أن يتم الإعلان عنه في غضون أيام، إضافة إلى «اتفاق مبدئي» على دور تطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل في إرساء السلام في المنطقة وحفظ حقوق الفلسطينيين. بيد أن الخرطوم رهنت موقفها من التطبيع بإيفاء مطالبها التي تتضمن أيضاً تقديم حزمة مساعدات مالية، وتسهيل حصولها على قروض من المؤسسات المالية الدولية.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن الطرفين توصلا إلى اتفاق يقضي بدعم أميركي للسودان قدره 7 مليارات دولار، وحذف اسم الخرطوم من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وتحديد دورها في اتفاقيات السلام العربية - الإسرائيلية، والتفاوض بين الطرفين على إصدار تشريع يضمن عدم ملاحقة الخرطوم في أي قضايا مستقبلية.
وذكرت أن السودان وافق مبدئياً على تطبيع علاقته مع إسرائيل، مشترطاً تنفيذ حزمة المطالب التي تقدم بها للفريق الأميركي في مباحثات أبوظبي الرفيعة المستوى التي استمرت ثلاثة أيام. وأوضحت أن الفريق الأميركي أجرى خلال جولات المباحثات أكثر من اتصال بكل من الرئيس الأميركي دونالد ترمب ومستشاره جاريد كوشنر.
وفي الخرطوم، ينتظر أن يعقد رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان اجتماعاً مشتركاً بين مجلسي السيادة والوزراء، للخروج بموقف موحد بشأن المفاوضات مع الجانب الأميركي، خصوصاً مسألة التطبيع مع إسرائيل، وذلك على خلفية إبداء بعض أحزاب التحالف الحاكم «قوى إعلان الحرية والتغيير» اعتراضها على التطبيع، وأبرزها «حزب الأمة» بزعامة الصادق المهدي، و«الشيوعي»، و«البعث» وأحزاب قومية أخرى.
ويتوقع أن تدفع الحكومة السودانية تعويضات ضحايا تفجير المدمرة الأميركية «إس إس كول» في خليج عدن، وضحايا تفجير السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا، الموضوعة في حساب مشترك، يتم الصرف منه حال إكمال بنود الاتفاق.
وعاد البرهان إلى الخرطوم، أمس، بعد أن قاد وفداً وزارياً رفيع المستوى مكوناً من وزير العدل نصر الدين عبد الباري، وعدد من الفنيين في الملفات المختلفة، أجرى مباحثات مع وفد أميركي في أبوظبي استمرت ثلاثة أيام، وتناولت ملفات العلاقات السودانية - الأميركية وتطبيع العلاقات مع إسرائيل. بيد أن البرهان لم يكشف رسمياً عن تفاصيل ما جرى في أبوظبي، واكتفى بالقول إنه سيجري مشاورات مع الحكومة.
وذكر بيان صادر عن مجلس السيادة الانتقالي، أمس، أن مفاوضات رئيسه مع الجانب الأميركي «أكدت على تأييد السودان لاتفاقيات السلام العربية - الإسرائيلية، واعتبرتها طريقاً للاستقرار في المنطقة، وحفظاً لحق الفلسطينيين عبر اتفاقية حل الدولتين». وقال إن المباحثات «اتسمت بالجدية والصراحة، وناقشت عدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتناولت الأوضاع الإقليمية والدولية، وفي مقدمها مستقبل السلام العربي - الإسرائيلي وأثره في حفظ الاستقرار في المنطقة وحفظ حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته وفق حل الدولتين، ودور السودان في تحقيق ذلك السلام».
وبحسب البيان، ينتظر أن يلعب السودان «دوراً محورياً في تحقيق في الإقليمي»، ونسب للبرهان قوله إن «المحادثات ركزت على رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وقانون سلام دارفور، والقيود التي تفرضها أميركا على المواطنين السودانيين بحرمانهم من المشاركة في برنامج الهجرة المنظمة». وستُعرض نتائج مفاوضات أبوظبي على أجهزة السلطة الانتقالية: «لمناقشتها والوصول إلى رؤية مشتركة حول ما تحققه من مصالح وتطلعات سودانية».
وقال رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك إن ما تبقى للوصول لاتفاق مع أميركا لشطب البلاد من قائمة الإرهاب، هو صدور تشريع يحصن الحكومة السودانية من أي ملاحقة في قضايا متعلقة بالإرهاب في المستقبل. وأكد خلال تقديمه إفادة لمجلس الوزراء، أمس، حول خطوات الحكومة في هذا الصدد، أن مبالغ تعويضات أسر ضحايا المدمرة {كول} وتفجير السفارتين في كينيا وتنزانيا {جاهزة}.
والتزمت الحكومة السودانية بدفع 335 مليون مليون دولار لتسوية كل القضايا المتعلقة بملف الإرهاب. وأشار مجلس الوزراء إلى الجهود التي يبذلها السودانيون في أميركا من أجل رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب.
من جهته، دعا وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الكونغرس إلى تمرير اتفاق رفع السودان عن لائحة الدول الراعية للإرهاب بأسرع وقت ممكن. وبحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، وجه بومبيو رسالة إلى أعضاء الكونغرس، أمس، شدد فيها على أهمية تمرير الاتفاق قبل منتصف أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، على أن يتم دفع التعويضات للضحايا فور رفع اسم السودان من اللائحة.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).