هل تعالج انتخابات البرلمان المصري «انحسار» المشاركة السياسية؟

انتقادات لـ«ضعف» التنافسية الحزبية

TT

هل تعالج انتخابات البرلمان المصري «انحسار» المشاركة السياسية؟

عانت الاستحقاقات الانتخابية التي شهدتها مصر على مدى السنوات الأخيرة، من ضعف وانحسار واضح في معدلات المشاركة، وهو الأمر الذي عزاه مراقبون إلى عدم قدرة الحياة الحزبية على أن تعكس قدراً ملائماً من الفاعلية والتنافسية.
والشهر الماضي، أُجريت في مصر انتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، فيما تترقب البلاد موعداً مع انتخابات مجلس النواب، نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، المقبل، لكن وفق مراقبين فإن المؤشرات الأولية تنذر بموسم انتخابي «لا يختلف كثيراً عن سابقيه، من حيث ضعف المشاركة».
وبلغت نسبة التصويت في انتخابات «الشيوخ» الأخيرة 14.23 في المائة، ورغم التوقع المسبق لضعف المشاركة، في ظل معارضة البعض لوجود غرفة ثانية للبرلمان، فإن «الهيئة الوطنية للانتخابات»، دافعت بأنها أعلى من نظيرتها عام 2012. والتي بلغت نحو 12 في المائة. وشهدت كذلك انتخابات الشيوخ الأخيرة، أعلى نسبة للأصوات الباطلة، منذ أحداث 25 يناير (كانون الثاني) بـ(15.42 في المائة).
ثمة أسباب أفقدت الانتخابات البرلمانية زخمها، وتراجع معها اهتمام الشارع المصري، أبرزها «غياب التعددية السياسية، وسيطرة مجموعات حزبية داعمة للنظام، دون أن يكون لها جذور اجتماعية واضحة، تعتمد عليها للوصول إلى السلطة» كما يشير الدكتور نبيل عبد الفتاح، مستشار مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام.
بعد آخر أشار إليه عبد الفتاح، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، يتعلق بـ«الهندسة الانتخابية الحالية»، والتي تعتمد على نمط سابق التجهيز، والتي لا يتوقع أن تؤدي إلى مجلس نواب مختلف عن سابقيه، وينذر بالعودة إلى «مرحلة موت السياسة»، على حد وصفه.
ولا يعول الخبير السياسي على بعض المحاولات لدمج ما أطلق عليه «المعارضة الصامتة»، أو المعارضة الجزئية في التحالفات الانتخابية، مؤكداً أن «تلك العملية لا تعد سوى محاولات جزئية لتحسين الصورة السياسية، دون تغييرات حقيقية تحدث تفاعلات ديناميكية على أداء السلطة، وتضبط إيقاع الدولة المصرية، وتشجع المصريين على الذهاب لصناديق الاقتراع».
وانتقد الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية، والعضو البرلماني السابق، اعتماد قوانين الانتخابات قبل أشهر قليلة فقط من العملية الانتخابية، وقال زهران لـ«الشرق الأوسط»: «ضيق الوقت، واتساع الدوائر في النظام الفردي، أمور تتيح فقط لأصحاب رؤوس الأموال المنافسة، بينما يصعب التجهيز لأي حملة انتخابية حقيقة»، مؤكداً أن «الإعداد للمنافسة يحتاج لأكثر من سنة».
وخلال انتفاضتين متتاليتين، عامي 2011 و2013. أطاحتا بالرئيسين حسني مبارك ومحمد مرسي، شهدت مصر زخماً سياسياً واسعاً «اختلف عن الوضع الحالي»، وفق زهران، الذي يتسم بـ«غياب الحراك السياسي وضعف الأحزاب السياسية»، ولذلك لا ينتظر «وجود برلمان قوي أو مشاركة لافتة»، متوقعاً ألا تتخطى نسب التصويت في انتخابات مجلس النواب المقبل الـ30 في المائة. وبلغ متوسط المشاركة في آخر انتخابات البرلمانية أجريت قبل 5 سنوات 28.3 في المائة.
وحاز ائتلاف لأحزاب موالية للرئيس عبد الفتاح السيسي، على أغلبية مجلس النواب المنتهية ولايته، أطلق عيله «ائتلاف دعم مصر»، قاده حزب «مستقبل وطن»، فيما يستعد الحزب ذاته إلى قيادة تحالف مماثل، من نحو 12 حزباً، تحت اسم «القائمة الوطنية»، في الانتخابات المقبلة، وسط منافسة محدودة من قوائم حزبية لا يبدو بينهم أي تباينات سياسية أو فكرية.
غير أن تلك الأحزاب تدفع الاتهامات عنها، باعتبار أن البلاد تعيش مرحلة تتطلب «اصطفافاً وطنياً، لمزيد من الاستقرار في ظل ما عانته البلاد خلال السنوات السابقة من اضطرابات أمنية وسياسية». ويقول أشرف رشاد، النائب الأول لرئيس حزب مستقبل وطن، إن «التاريخ السياسي المصري سيقف احتراماً للأحزاب السياسية المصرية التي شكلت قائمة وطنية تضم الأحزاب المؤيدة والمعارضة وجميعها سجلت تاريخاً بحروف من نور في انتخابات مجلس الشيوخ، وسيكون نفس الحال لمجلس النواب في الانتخابات المقبلة». ويرى بهاء الدين أبو شقة، رئيس حزب الوفد، أن «مجلس النواب القادم يحتاج لتوافق تعلو فيه المصلحة الوطنية».
وفي محاولة باهته للظهور، قالت أحزاب معارضة مصرية ممثلة في الحركة المدنية الديمقراطية (ائتلاف يضم أحزاباً معارضة وأكاديميين وشخصيات عامة)، إنها تعتزم المشاركة في الانتخابات المقبلة عبر المقاعد الفردية، دون القوائم. فيما بدا واضحاً تواري الأحزاب الدينية، بعد ظهور ضعيف لحزب «النور» السلفي في البرلمان السابق، وفشله في تحقيق مكاسب في انتخابات مجلس الشيوخ.
وتتلقى «الهيئة الوطنية للانتخابات» في مصر طلبات الترشح لعضوية المجلس، حتى يوم 26 سبتمبر (أيلول) الحالي، فيما تبدأ المرحلة الأولى من الانتخابات في 21 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، ولمدة 3 أيام للمصريين في الخارج، بينما يصوت الناخبون بالداخل يومي 24 و25 من الشهر نفسه.
ويبلغ عدد مقاعد مجلس النواب 568 مقعداً، منها 284 بنظام القوائم المغلقة المطلقة، و284 لمقاعد الفردي، فيما يخصص للمرأة ما لا يقل عن 25 في المائة من المقاعد، ويجوز لرئيس الجمهورية تعيين عدد من الأعضاء في مجلس النواب، لا يزيد على 5 في المائة.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.