«المجلس الشرعي» يدعو لمساعدة أديب والالتزام باتفاق الطائف

السنيورة يطالب الطوائف بعدم التشبث «بحقوق مزعومة»

اجتماع «المجلس الشرعي» برئاسة المفتي دريان أمس (الوطنية)
اجتماع «المجلس الشرعي» برئاسة المفتي دريان أمس (الوطنية)
TT

«المجلس الشرعي» يدعو لمساعدة أديب والالتزام باتفاق الطائف

اجتماع «المجلس الشرعي» برئاسة المفتي دريان أمس (الوطنية)
اجتماع «المجلس الشرعي» برئاسة المفتي دريان أمس (الوطنية)

دعا المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى إلى مساعدة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة مصطفى أديب «لتسهيل مهمته، لا بتقاذف التهم وبالاجتهادات المتعارضة بخلفيات سياسية»، مستنكراً «ظاهرة تحويل الاختلافات السياسية والحزبية والشخصية، إلى صراعات طائفية وخلافات مذهبية»، محذراً من أن «الشعب اللبناني يئن من ثقل الأزمة التي بدأت تأخذ منحاً طائفياً تحت ذرائع أو مصالح فئوية سياسية وطائفية لأنها تستهدف لبنان وعيشه المشترك».
وعقد المجلس الشرعي جلسته العادية أمس برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، ودعا «إلى الالتزام بوثيقة الوفاق الوطني التي أقرت في الطائف وتطبيق بنودها كاملة، نصاً وروحاً، لا الخروج عنها أو تفسيرها بما يتعارض مع نصوصها الواضحة والصريحة أو البحث عن الحلول خارج الدستور، بما يؤدي إلى خلافات ونزاعات تضرب الاستقرار في البلاد، وتؤلب الناس بعضهم على بعض، المطلوب الاحتكام إلى الدستور وكل عبث به ومحاولات الالتفاف عليه والتذاكي بتفسيره، هو قفز نحو المجهول وضياع الدولة».
وحضر الجلسة العضو في المجلس الشرعي الرئيس فؤاد السنيورة الذي دعا بعد لقائه المفتي دريان جميع الأفرقاء إلى «التمسك بوثيقة الوفاق الوطني والدستور نصاً وروحاً والكف عن العبث بهذا النص المرجعي الجامع، وذلك بفرض أعراف تخل بنص الدستور أو تدعو لعقد سياسي جديد أو نظام جديد يراد التفاوض عليه».
وقال السنيورة: «ليست هناك أزمة في النظام السياسي اللبناني وإنما هناك حالات متفاقمة من ممارسات الاستئثار والاستعصاء والتجاهل الفاقع لاستقرار لبنان وعيشه المشترك لحاجة اللبنانيين الماسة الآن من أجل إعادة الاستقرار، ويكون ذلك من خلال حكومة إنقاذ مصغرة ذات مهمة محددة تتألف من عدد من المتخصصين الأكفاء غير الحزبيين ولا يكونون أسرى العصبيات الطائفية أو المذهبية ولا أسرى الالتزامات السياسية من هنا أو هناك».
ورأى أن «البلاد في وضع الفشل والبؤس والإفلاس الذي بلغته لا تتحمل ممارسات غير وطنية وغير مسؤولة، لذلك لا بد من الإقلاع عن التشبث بالحقوق المزعومة للطوائف والمذاهب والالتفات إلى معالجة قضايا الوطن الملحة وتلبية مصالح وحقوق المواطنين في حاضرهم ومستقبلهم».
وعن مطالبة «الثنائي الشيعي» بحقيبة «المالية»، قال السنيورة: «الدستور اللبناني شديد الوضوح. ليست هناك حقيبة وزارية في لبنان محصورة أو محتكرة من قبل طائفة معينة أو مذهب معين». وأضاف: «ليس من المفيد إقحام لبنان بمشكلات جديدة هو بغنى عنها، وذلك من أجل صرف الأنظار عن المشكلات الأساسية التي يعاني منها لبنان، محاولات تحويل الانتباه إلى مشكلات جديدة مستجدة أو طروحات ليست دستورية ولم يتم فيها أي عرف مستقر ولم تتم الموافقة عليها في اتفاق الطائف».
من جهته، رأى «المجلس الشرعي» أن «من المراهقة السياسية ومن الخطورة بمكان افتعال مواقف وظروف، تعلوها علامات استفهام كبيرة، لتبرير مطالب خارج الزمان والمكان بإعادة النظر في الأسس التي توافق عليها اللبنانيون جميعاً وبعد جهود كبيرة وبمساعدات عربية ودولية مشكورة». وأهاب «بكل القوى الوطنية تجاوز الصراعات الضيقة والمصالح الآنية العابرة، والارتفاع إلى مستوى التحديات المصيرية التي يواجهها لبنان في أمنه، وفي موت أبنائه، والتي قد تهدد وحدته ومصيره».
وشدّد المجلس على أن لبنان في حالة شديدة الخطورة ولا يستطيع الانتظار أكثر مما انتظر، داعياً إلى أن «نعمل ما بوسعنا كي نساعد الرئيس المكلف لتسهيل مهمته لا بتقاذف التهم وبالاجتهادات المتعارضة بخلفيات سياسية، وقد تكون المبادرة الفرنسية الفرصة الأخيرة لنا التي يجب التمسك بها والعمل على إنجاحها». وأكد أن «الشعب اللبناني يئن من ثقل الأزمة التي بدأت تأخذ منحاً طائفياً تحت ذرائع أو مصالح فئوية سياسية وطائفية لأنها تستهدف لبنان وعيشه المشترك، وهذا ما لم نكن نرضى به لا من قبل ولا من بعد.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.