تركيا تتمسك بمواصلة أنشطتها العسكرية في ليبيا

TT

تركيا تتمسك بمواصلة أنشطتها العسكرية في ليبيا

أكدت تركيا مجدداً أنها ستواصل أنشطة الاستشارات العسكرية والتدريب في المجالين العسكري والأمني في ليبيا، بينما انتقدت بشدّة قرار الاتّحاد الأوروبي القاضي بفرض عقوبات على شركة تركية، لاتهامها بانتهاك حظر الأسلحة المفروض على ليبيا، ووصفته بأنه «قرار خاطئ ومؤسف للغاية، وبلا قيمة أيضاً».وبحث وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، في مقر وزارة الدفاع في أنقرة أمس، مع رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري، آخر المستجدات في ليبيا. وأكد خلال اللقاء أن تركيا ستواصل أنشطة التدريب والاستشارة في المجالين العسكري والأمني التي تقدمها في ليبيا. مشدداً على وقوف تركيا إلى جانب الحكومة الشرعية في ليبيا المعترف بها من الأمم المتحدة (حكومة الوفاق الوطني)، وعلى مواصلتها بذل قصارى جهدها من أجل الاستقرار في المنطقة، وفق نهج «ليبيا لليبيين». قائلاً إن تركيا «تؤيد ليبيا مستقرة ومستقلة وذات سيادة».
في السياق ذاته، التقى عضو المجلس الرئاسي للحكومة الليبية محمد عماري زايد، سفير تركيا لدى طرابلس سرهات أكشن، في طرابلس، أول من أمس، لبحث مسارات الحل السياسي للأزمة الليبية، وما تم التوصل إليه خلال الاجتماعات، التي عُقدت في كلٍّ من المغرب وسويسرا ومصر، والمقترحات المطروحة لإيجاد حل للأزمة الليبية.
وأكد زايد خلال اللقاء على مبادرة طرحها تقوم على أن حل الأزمة الليبية يكمن في إجراء انتخابات برلمانية على أساس الإعلان الدستوري وقانون الانتخابات الحالي، لاختيار برلمان جديد يوحّد المؤسسات وينتخب حكومة وطنية تبسط سيطرتها على كل أرجاء البلاد. مشدداً على ضرورة احترام كل الأطراف نتائج الانتخابات، وأن إجراء الانتخابات أمر ممكن، استناداً لإجراء انتخابات المجالس البلدية في عدد كبير من البلديات، وفق بيان صدر عقب الاجتماع.
كما تناول الاجتماع أوجه التعاون الأمني والعسكري والاقتصادي بين تركيا وحكومة «الوفاق»، بعد اعتماد ليبيا مذكرة تفاهم لعودة الشركات التركية لتنفيذ عقودها السابقة في ليبيا، ومشاركتها في مشاريع التنمية المطروحة، والتعاون في مجال التعليم والمنح الدراسية للطلبة الليبيين.
كما أكد السفير التركي استمرار دعم بلاده لحكومة الوفاق، والتزامها بالتعهدات التي نصّت عليها مذكرات التفاهم الموقّعة بينهما.
كان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد أعرب يوم الجمعة، عن انزعاجه من إعلان رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج، استقالته بحلول نهاية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، قائلاً إن وفوداً من البلدين ستجتمع لبحث واستيضاح الموقف.
لكن المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، قال إن الاتفاقات الموقّعة بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية لن تتأثر بقرار السراج بالاستقالة، مؤكداً أن تركيا ستواصل دعمها للحكومة.
في سياق متصل، انتقدت تركيا بشدة قرار الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على شركة تركية، يتهمها بانتهاك حظر الأسلحة المفروض على ليبيا، ووصفته بأنه «قرار خاطئ» و«مؤسف للغاية»، كما أنه «بلا قيمة».
وقالت وزارة الخارجية التركية، في بيان أمس، إنه «من المؤسف للغاية أن يُتخذ قرار خاطئ كهذا في وقت تُبذل فيه الجهود لخفض منسوب التوترات في شرق البحر المتوسط»، مشدّدة على أن أنقرة ترى أنّ هذا القرار «لا قيمة له». وفرض وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، أول من أمس، عقوبات على 3 شركات تركية وأردنية وكازاخية ضالعة في انتهاك حظر مبيعات الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا. وقرر الاتحاد الأوروبي عقوبات على شركة «أوراسيا للشحن»، التركية، بسبب تشغيلها سفينة «تشيركين» التي نقلت عتاداً عسكرياً إلى ليبيا في مايو (أيار) ويونيو (حزيران)، في حين أن الشركتين الأخريين المشمولتين بالعقوبات هما «سيجما إيرلاينز» الكازاخية للشحن الجوي و«ميد ويف» الأردنية للشحن البحري.
وقد تواجه تركيا أيضاً عقوبات من جانب الاتحاد الأوروبي في نزاع مع اليونان وقبرص على أحقية كل من الدول الثلاث في الموارد الطبيعية في شرق البحر المتوسط، وذلك رغم تراجع حدة التوتر بين أنقرة وأثينا في الأيام الأخيرة.
وهاجمت الخارجية التركية في بيانها عملية «إيريني» البحرية، التي ينفّذها الاتّحاد الأوروبي لتطبيق حظر الأسلحة الأممي المفروض على ليبيا، متهمةً إيّاها بتجاهل شحنات الأسلحة المرسلة إلى قوات الجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر.
وقال البيان إنّ «عملية (إيريني) التابعة للاتحاد الأوروبي تكافئ حفتر، وتعاقب الحكومة الليبية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة... وإذا كان الاتحاد الأوروبي يريد الأمن والاستقرار في المنطقة، فعليه التخلّي عن موقفه المنحاز، والعمل بالتشاور والتعاون مع تركيا».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».