«داعش» يفشل في بناء دولة بالعراق وسوريا

تدهور الأوضاع المعيشية في المناطق التي يسيطر عليها مع قوانين صارمة وخدمات تنهار.. والأسعار ترتفع والعقاقير نادرة والأمراض تتزايد

آثار الخراب والدماء في أحياء الموصل (واشنطن بوست)
آثار الخراب والدماء في أحياء الموصل (واشنطن بوست)
TT

«داعش» يفشل في بناء دولة بالعراق وسوريا

آثار الخراب والدماء في أحياء الموصل (واشنطن بوست)
آثار الخراب والدماء في أحياء الموصل (واشنطن بوست)

يبدو أن تجربة بناء دولة، التي يتباهى بها تنظيم داعش، تتداعى مع تدهور الأوضاع المعيشية في المناطق التي يسيطر عليها، مما يكشف مواضع قصور التنظيم، الذي يكرس جلّ جهده لخوض المعارك وفرض قوانين صارمة. الخدمات تنهار، والأسعار ترتفع، والعقاقير نادرة الوجود، في بلدات ومدن «الخلافة» التي أعلنها التنظيم في العراق وسوريا على حد قول السكان، وهو ما يثبت كذب التنظيم الذي يزهو بتقديمه نموذجا مثاليا لحكم المسلمين. ولا تتطابق المقاطع المتطورة المصورة التي ينشرها التنظيم وتظهر بها مكاتب حكومية يسير العمل بها على ما يرام وكذا مساعدات يتم توزيعها، مع الواقع الذي يعاني فيه السكان من الحرمان وانعدام التنظيم والقيادة المتخبطة على حد قولهم. ولم تظهر عملة «الدولة الإسلامية» التي تم التغني بها إلى حيز الوجود، وكذلك الحال بالنسبة إلى جوازات السفر التي وعد بها التنظيم.
والوضع في المدارس لا يسير كما ينبغي، وهناك نقص في الأطباء، والأمراض في تزايد.
وفي مدينة الموصل العراقية، أصبح الماء غورا لنفاد الكلور على حد قول صحافي يقيم هناك، لكنه رفض ذكر اسمه حفاظا على سلامته الشخصية. ويقول إن مرض الالتهاب الكبدي الوبائي قد انتشر، والدقيق قد ندر. وأضاف: «لم تعد هناك حياة في المدينة تقريبا. يبدو الأمر وكأننا نعيش في سجن كبير».
أما في مدينة الرقة السورية، التي أعلنها التنظيم عاصمة له، تتوافر المياه والكهرباء لنحو 3 أو 4 ساعات يوميا على الأكثر، في حين تتراكم القمامة، ويقتات فقراء المدينة على فضلات الطعام في الشوارع المزدحمة بالباعة الذين يقتنصون أي شيء يجدونه، كما يوضح أهل المدينة. ويظهر في مقاطع مصورة التقطتها سرا مجموعة من النشطاء نساء وأطفال يصرخون من أجل الحصول على صدقات من الطعام، في حين يأكل مسلحون أجانب الطعام الشهي، في إشارة إلى الفجوة التي بدأت تثير الاستياء.
جزء كبير من المساعدات مقدمة من هيئات إغاثة أجنبية، لا تزال تساعد سرا سكانا في مناطق سورية يسيطر عليها تنظيم داعش. وتمول الولايات المتحدة عيادات رعاية صحية، وتوفر أغطية، ومواد تغطية بلاستيكية، وأشياء أخرى لمساعدة المواطنين المحتاجين في الصمود خلال فصل الشتاء على حد قول مسؤول أميركي رفض ذكر اسمه نظرا لحساسية الموضوع.
ولا تزال الحكومة السورية تدفع الرواتب لموظفي الدولة الذين يساعدون في الحفاظ على ما تبقى من البنية التحتية المتقوضة في المدن السورية والعراقية على حد سواء، ويذهبون شهريا لتقاضي رواتبهم من مكاتب في مناطق تسيطر عليها الحكومة السورية.
وقال المسؤول الأميركي: «لا يعلم تنظيم داعش كيفية إدارة الأمور. وعندما يحدث نقص في العمالة، يصيبهم اليأس. إنه ليس لديه طاقم كامل من المهندسين وغيرهم لإدارة شؤون المدن، لذا ينهار الوضع».
وهناك مؤشرات على تداعي الروح المعنوية على الأقل بين بعض المقاتلين ممن اصطدمت توقعاتهم بإحراز نصر سريع بالضربات الجوية التي يشنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية. وقد دعا منشور تم توزيعه في مدينة الرقة خلال الشهر الحالي المقاتلين، الذين كانوا يوفرون جهودهم، إلى الانضمام إلى خطوط المواجهة، وتم إنشاء قوة شرطة جديدة تنتقل من منزل إلى آخر لإخراجهم. ولا يوجد ما يشير إلى أن تلك الصعوبات ستؤدي إلى تمرد، على الأقل قريبًا. ويمنع الخوف من إقامة الحدود وغياب بدائل المواطنين من الجهر بشكواهم على حد قول سكان المدينة في مقابلات أجريت أثناء زياراتهم إلى تركيا أو عن طريق الإنترنت. مع ذلك يقوض هذا الوضع المتدهور على الأقل جانبا مهما من هوية تنظيم داعش كدولة يسعى إلى إعادة إحياء الخلافة التي حكمت العالم الإسلامي خلال القرن السابع الميلادي. الحكم عنصر أساسي لتحقيق هذا الهدف مثلما كان الحال في الغزوات، وهو ما دفع مقاتلي التنظيم إلى الانتشار في أكثر أنحاء سوريا والعراق خلال العام الماضي.
أضعفت الهجمات التي نفذها التحالف الدولي بقيادة أميركية الزخم الذي حظي به التنظيم في ساحة المعركة وساعد في صد هجمات التنظيم على عدة جبهات من بلدة كوباني، أو عين العرب، الصغيرة في شمال سوريا إلى مزارع جنوب بغداد. كذلك يثير عجز التنظيم عن تقديم الخدمات في المناطق التي تقع تحت سيطرته تساؤلات بشأن مدى قابلية طموحاته للصمود.
وقال أحد النشطاء في مدينة دير الزور شرق سوريا: «ليس تنظيم داعش هو ذلك الوحش الخفي الذي بإمكانه السيطرة على كل شيء وهزيمة الجميع». ورفض الناشط الإفصاح عن هويته عند وصفه لتدني مستوى الخدمات بالمدينة. وأضاف قائلا: «كل ما يقال عن مهارة التنظيم في الإدارة غير صحيح. ليس هذا سوى صورة غير حقيقية. إنهم يفتقرون إلى الخبرة».
ولعل هذا الفارق أوضح ما يكون في مدينة الرقة، أول المدن الكبرى التي وقعت تحت سيطرة تنظيم داعش منذ ما يزيد على العام وتعد مهد تجربته في الحكم. وقال أحد رجال الأعمال من مدينة الرقة والذي سافر إلى الموصل مؤخرًا إن الموصل أفضل حالا من مدينته السورية التي يواجه أهلها شبح الجوع والقصف الجوي من قبل النظام السوري الذي يسفر عن مقتل مدنيين في أغلب الأحوال.
ولعب القصف الجوي دورا مهما في تقويض البنية التحتية، فقد قصف سلاح الجو الأميركي أهدافا لتنظيم داعش وكذا ساهم في إجبار التنظيم على التخلي عن كثير من المباني الحكومية التي سيطر عليها. وزادت الهجمات الأميركية ضد مصافي النفط الصغيرة المتواضعة، التي يعتمد عليها كثير من المواطنين كمصدر للدخل، من الحرمان، وخلفت ورائها الكثيرين من دون مصدر دخل، وأدت إلى ارتفاع الأسعار.
يبدو أن قدرة «داعش» على الإدارة، كما توحي بها الصورة السائدة، أمر مشكوك فيه على حد قول سوريين. من يستطع الهروب من المناطق التي يسيطر عليها التنظيم هرب، وكان من بينهم مهنيون مهاراتهم ضرورية لتقديم الخدمات الحكومية. ويقول سوريون إن شبكة من أمراء الظل يشرفون على إدارة «داعش». وغالبا ما يشغل سوريون أو أجانب يفتقرون إلى مهارات الإدارة أو المهارات الفنية مناصب متدنية. وقال عامل إغاثة سوري يتعامل بانتظام مع مسؤولي «داعش» رفض ذكر اسمه حتى لا يخسر صفقاته مع التنظيم: «أصبح تنظيم (داعش) أكبر من أن يسيطر على ذاته». ويرى أنهم يتمتعون بقوة العزيمة ومتعاونون، «لكنهم يفتقرون إلى الذكاء والقدرة والخبرة».
وتكون تعاملات أكثر المواطنين مع «داعش» مع قوات الشرطة وأجهزة الأمن المنتشرة في كل مكان بما فيها دوريات الحسبة سيئة السمعة التي تجوب الشوارع بحثا عن المخالفين لقوانين الشريعة الإسلامية.
ويغلق أصحاب محلات الأحذية محلاتهم 5 مرات من أجل أداء الصلاة، وأقلع المدخنون عن التدخين خوفا من الحكم عليهم بالسجن لمدة 3 أيام عند القيام بذلك للمرة الأولى وشهر عند تكرار ذلك. وتزداد حالات الإعدام العلني كعقاب على السرقة والتجديف والمعارضة. وهناك عقوبة جديدة لممارسة المثلية الجنسية وهي القذف من أعلى مبنى مرتفع، وقد نُفذت مرتين خلال الأسابيع القليلة الماضية.
مع ذلك يرى البعض أن هذا النظام أفضل من نظام الأسد.
على الجانب الآخر، تراجعت معدلات الجريمة ويرحب كثير من السكان بهذا النظام بديلا لحالة غياب القانون التي سادت أيام وجود الثوار السوريين المعتدلين. لقد اعتاد السوريون الذين عاشوا لعقود تحت حكم الرئيس بشار الأسد على طاعة الأوامر وتكيف كثير منهم مع القوانين الجديدة على حد قول موظف حكومي بقسم الضرائب السابق الذي يتقاضى راتبه من الحكومة رغم أنه لم يعد يعمل. وأضاف قائلا: «ليس تنظيم داعش بقسوة النظام السوري. إن لم تقم بتصرف خاطئ، بحسب معاييرهم لا معاييرنا، فلن يزعجوك».
مع ذلك أحيانا يعرقل التطبيق الصارم للقوانين جهود تقديم الخدمات؛ فعندما أسرع عمال الكهرباء لإصلاح الخطوط التي تضررت جراء القصف الجوي من قبل نظام الأسد في مدينة دير الزور، اعتقلهم وجلدهم تنظيم داعش بسبب العمل وقت الصلاة بحسب ما أوضح ناشط في مدينة دير الزور.
كذلك تم اعتقال كل طاقم العمل في واحدة من بين 4 مستشفيات لا تزال تقدم خدماتها أثناء أحد الاجتماعات لأن ثلاثتهم كانوا يدخنون. ولا يوجد ما يشير إلى أي تأثير على دخل «داعش»، الذي يُقدر بنحو 12 مليون دولار شهريا.
ولا يزال تنظيم داعش يجبر السكان على دفع المال، ويجمع الضرائب من أصحاب محلات الأحذية، ويتقاضى رسوم استخدام الكهرباء والهواتف. وقال حسن حسن، محلل سوري يعمل لدى معهد «دلما» في دبي: «لو توقف النظام عن توفير وسائل الاتصال والرواتب، لا أعتقد أن تنظيم داعش سوف يصمد. إنه يجبر الناس على دفع المال مقابل الأشياء التي يقدمها النظام، لكنه لا يصلح أن يكون دولة».
* «واشنطن بوست»
خاص بـ{الشرق الأوسط}



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.