«نداء تونس» متردد إزاء وضع يده على الحكومة.. بعد الرئاسة والبرلمان

بورصة الأسماء المرشحة لرئاسة الوزراء في تونس ترسو على 3 شخصيات

الرئيس التونسي المنتخب الباجي قائد السبسي يتحدث خلال اجتماع لحركة «نداء تونس» أمس (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي المنتخب الباجي قائد السبسي يتحدث خلال اجتماع لحركة «نداء تونس» أمس (أ.ف.ب)
TT

«نداء تونس» متردد إزاء وضع يده على الحكومة.. بعد الرئاسة والبرلمان

الرئيس التونسي المنتخب الباجي قائد السبسي يتحدث خلال اجتماع لحركة «نداء تونس» أمس (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي المنتخب الباجي قائد السبسي يتحدث خلال اجتماع لحركة «نداء تونس» أمس (أ.ف.ب)

بعد انتهاء الانتخابات التشريعية والرئاسية في تونس، تتجه الأنظار إلى معرفة الشخصية التي ستسند إليها رئاسة الحكومة. ولم تحسم حركة «نداء تونس» التي فاز مرشحها الباجي قائد السبسي بالرئاسة، وحصلت قبل ذلك على الأغلبية البرلمانية في انتخابات 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مسألة اختيار رئيس للحكومة المقبلة.
وطغى التردد على تصريحات معظم قيادات «نداء تونس» التي لم تستطع الفصل بين توجهين؛ أحدهما يدعو إلى تحمل المسؤولية السياسية كاملة في ظل الانسجام الحاصل بين الرئاسات الـ3 (الرئاسة والبرلمان والحكومة)، ومن يفضل اختيار شخصية مستقلة لتولي رئاسة الحكومة حتى لا يتهم الحزب بالتغول السياسي والهيمنة على مفاصل الدولة.
ويمكن الدستور التونسي الحزب الفائز بالأغلبية في البرلمان من تشكيل الحكومة المقبلة، بيد أن حركة «نداء تونس» التي وصل زعيمها السبسي إلى قصر قرطاج الرئاسي، وباتت تترأس البرلمان في شخص نائب رئيسها محمد الناصر، تبدو مترددة ومتخوفة من ردود الفعل في حال وضعت يدها على رئاسة المؤسسات الدستورية الـ3، كما تخشى حركة «نداء تونس» السقوط في مشكلات «الترويكا» التي تزعمتها حركة النهضة في المرحلة السابقة، وبالتالي تتحمل مسؤولية الفشل وحدها نتيجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية المطروحة.
ووفق آخر التسريبات الصادرة عن حركة نداء تونس، فإن هنا 3 أسماء مرشحة للفوز بمنصب رئيس الحكومة، هي: الهادي البكوش الأمين العام لحركة نداء تونس، وهو محسوب على الشق النقابي داخل الحركة ومن الداعمين لترؤس حركته للحكومة، والهادي بلعربي وزير التجهيز والإسكان الحالي في حال وقع الاختيار على تكليف شخصية وطنية مستقلة تحظى بوفاق معظم الأطراف السياسية، وعبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع التونسي الأسبق، وله حظوظ ضئيلة بعد تصريح الرئيس المنتخب السبسي بأن الحكومة لن تسند إلى واحد من وزراء النظام السابق.
والهادي بلعربي خبير في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسات العامة، وعمل في السابق في البنك الدولي. وفي حال جرى اختياره للمنصب فإن ذلك قد يلقى ترحيبا لدى منظمة رجال الأعمال التونسيين (الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية) التي دعت إلى ضرورة توفر شروط «الدراية السياسية والاقتصادية» لدى المرشح لتولي رئاسة الحكومة المقبلة.
من ناحية أخرى، قال شفيق صرصار رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، خلال مؤتمر صحافي عقده أمس بالعاصمة التونسية، إن الإعلان عن النتائج النهائية للدور الثاني للانتخابات الرئاسية التي جرت يوم 21 ديسمبر (كانون الأول) الحالي سيكون ظهر الاثنين المقبل بعد استيفاء آجال الاستئناف في الطعون التي قدمها تونسيان في النتائج المعلن عنها. وكشف بالمناسبة عن رفض المحكمة الإدارية (الجهة القضائية التي تفصل في قضايا تجاوز السلطة وخرق القانون) الطعنين اللذين تقدّم بهما تونسيان بسبب انعدام الصفة. وينص الفصل 147 من القانون الانتخابي التونسي على أن المرشحين للدور الثاني للانتخابات الرئاسية هما الوحيدان اللذان يحق لهما تقديم طعون لدى المحكمة الإدارية في نتائج الانتخابات الرئاسية، وهما في الحالة الراهنة الباجي قائد السبسي والمنصف المرزوقي.
وكان المرزوقي الذي نافس السبسي قد شكك في نتائج الانتخابات الرئاسية في دورها الثاني، وقال إن خروقات كثيرة شابتها لصالح منافسه الفائز. لكن المرزوقي خالف معظم التوقعات وأعلن تقديم قضايا عدلية عوضا عن قضايا إلى المحكمة الإدارية، وهو ما يجعل تلك الجرائم تدخل ضمن خانة قضايا الحق العام وتنجر عنها خطايا مالية أو أحكام بالسجن ضد من خرقوا القانون الانتخابي، ولا تعطل بذلك المسار الانتخابي.
وفي إجابته عن استفسار الإعلاميين بشأن شكوك حول تصويت ناخبين متوفين في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، نفى صرصار بشكل قاطع وجود تونسيين متوفين ضمن سجلات المقترعين في استحقاق 21 ديسمبر. وأشار إلى أن السجل الانتخابي التونسي جرى تحيينه قبل المواعيد الانتخابية الـ3 الأخيرة، حيث شطبت هيئة الانتخابات ما لا يقل عن 55 ألف شخص متوفى من السجلات المتعلقة بالفترة الزمنية 2011-2014.
في غضون ذلك، أفادت النيابة العسكرية بتونس بإيداع مدون تونسي يدعى ياسين العياري، أول من أمس، السجن لمدة 3 سنوات بتهمة إهانة المؤسسة العسكرية، وذلك طبقا للفصل 91 من قانون المرافعات والعقوبات العسكرية.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».