«الأموال القذرة» تضرب بنوكاً عالمية

العمليات امتدت لعقدين... وانتقادات للمركزية الأميركية

عصفت الأزمة المزدوجة بأسهم «إتش إس بي سي» أمس (إ.ب.أ)
عصفت الأزمة المزدوجة بأسهم «إتش إس بي سي» أمس (إ.ب.أ)
TT

«الأموال القذرة» تضرب بنوكاً عالمية

عصفت الأزمة المزدوجة بأسهم «إتش إس بي سي» أمس (إ.ب.أ)
عصفت الأزمة المزدوجة بأسهم «إتش إس بي سي» أمس (إ.ب.أ)

كشف تحقيق صحافي استقصائي دولي أن كميات هائلة من الأموال غير الشرعية تدفقت لسنوات عبر أكبر المؤسسات المصرفية في العالم، شاجباً الثغرات الكبيرة في قوانين القطاع المصرفي التي يستغلها المجرمون بسهولة.
وقال التحقيق الذي أجراه موقع «بازفيد نيوز» و«الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية» (آي سي آي جيه)، بمشاركة 108 مؤسسات إعلامية من 88 دولة، إن «أرباح حروب عصابات المخدرات الدامية، والثروات المنهوبة من الدول النامية والمدخرات التي كد أصحابها لجمعها ثم تم السطو عليها بطريقة بونزي الاحتيالية، جميع هذه الأموال سُمح لها بالتدفق من وإلى هذه المؤسسات المصرفية، رغم تحذيرات موظفي هذه المصارف».
ويستند التحقيق إلى أكثر من 2100 من الوثائق المسربة لـ«تقارير الأنشطة المشبوهة» التي تم تقديمها إلى وكالة مكافحة الجرائم المالية (فنسن) في وزارة الخزانة الأميركية. وكتبت «بازفيد» في مقدمة التحقيق: «هذه الوثائق التي جمعتها المصارف، وتم تشاركها مع الحكومات، لكنها أبقيت بعيداً عن أنظار العامة، تكشف الفجوات في إجراءات الحماية لدى المصارف، وسهولة استغلالها من قبل المجرمين».
وتتحدث الوثائق التي سميت «ملفات فنسن» عن تحويلات بنحو تريليوني دولار من الأموال المشبوهة جرى التداول بها بين عامي 1999 و2017. ويشير التحقيق بشكل خاص إلى 5 مصارف كبرى، هي: «جيه بي مورغان تشايس» و«إتش إس بي سي» و«ستاندرد تشارترد» و«دويتشه بنك» و«بنك نيويورك مالون»، على أنها متهمة بمواصلة نقل أصول مجرمين مفترضين، حتى بعد مقاضاتها أو إدانتها بسوء السلوك المالي.
والتقارير ليست دليلاً بالضرورة على ارتكاب مخالفة. وقد قال الاتحاد إن الوثائق المسربة ليست سوي نسبة ضئيلة من التقارير المقدمة لوحدة وزارة الخزانة. وتقدم تقارير المعاملات المشبوهة معلومات مهمة في إطار الجهود العالمية لمكافحة غسل الأموال وجرائم أخرى. ورسمت التقارير الإعلامية التي نُشرت أمس (الأحد) صورة لآلية تعاني من نقص في الموارد، وهي مثقلة بالأعباء، مما سمح لمبالغ ضخمة من الأموال غير المشروعة بالانتقال عبر النظام المصرفي.
وتتضمن المعاملات التي أبرزتها التقارير أموالاً حولها «جيه بي مورغان» لأفراد وشركات قد يكونون فاسدين في فنزويلا وأوكرانيا وماليزيا، وتحويل أموال احتيال هرمي من خلال «إتش إس بي سي»، وأموال مرتبطة بملياردير أوكراني حولها «دويتشه بنك».
وذكر موقع «بازفيد نيوز» أن «الشبكات التي تمر عبرها الأموال القذرة حول العالم أصبحت شرياناً حيوياً للاقتصاد العالمي».
ورد «دويتشه بنك»، في بيان، أن ما كشف عنه الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين «معروف جيداً» من قبل مسؤوليه عن الأمور التنظيمية. وأضاف أنه «خصص موارد كبيرة لتعزيز وسائل المراقبة لدينا»، إلى جانب التركيز على «الوفاء بمسؤولياتنا والتزاماتنا»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وشدد التحقيق على افتقار السلطات الأميركية للصلاحيات اللازمة لضبط تحويلات الأموال القذرة. وقالت وكالة مكافحة الجرائم المالية الأميركية «فنسن»، في بيان صدر قبل نشر التحقيق، إن «الكشف من دون ترخيص عن تقارير الأنشطة المشبوهة يعد جريمة يمكن أن تمس بالأمن القومي للولايات المتحدة». وأوضح «إتش إس بي سي»، في بيان لـ«رويترز»، أن جميع المعلومات التي ذكرها الاتحاد تاريخية، مضيفاً أن البنك بدأ من 2012 رحلة استمرت عدة سنوات لإصلاح قدرته على مكافحة الجرائم المالية في أكثر من 60 قطاعاً.
وأبلغ «بنك أوف نيويورك ميلون» وكالة «رويترز» أنه لا يستطيع التعقيب على تقارير بعينها، مضيفاً: «نحن ملتزمون التزاماً كاملاً بجميع القوانين واللوائح المعنية، ونساعد السلطات في العمل المهم الذي تضطلع به».
وقال «ستاندرد تشارترد»، في بيان لـ«رويترز»: «نأخذ مسؤوليتنا تجاه مكافحة الجرائم المالية على محمل جدي للغاية، وقد استثمرنا بقوة في برامج الامتثال»، بينما علق «جيه بي مورغان»، في بيان، أنه «كرس آلاف الأفراد ومئات الملايين من الدولارات لهذا العمل المهم، وقمنا بدور قيادي في إصلاح مكافحة غسل الأموال».
وأوضح التقرير أنه رغم اللوائح الصارمة، فقد قبلت البنوك الكبرى أيضاً مجرمين مشتبه بهم بصفتهم عملاء، وأجرت تحويلات بمليارات الدولارات لهم. وكشف التقرير عن أن البنوك ترددت أيضاً في الإبلاغ عن مثل هذه المعاملات المشبوهة للسلطات، وأحياناً كانت تفعل ذلك بعد تأخير لسنوات.
وقالت شبكة العدالة الضريبية الألمانية التي كانت تشير إلى أوجه القصور في مكافحة غسل الأموال على المستوى الدولي لسنوات، إنها لم تتفاجأ بهذه المعلومات. وعلق ماركوس ماينزر، من الشبكة، لوكالة الأنباء الألمانية بأن التسريب أعطى «فكرة مروعة عن الدور المركزي للنظام المالي الأميركي، بصفته غرفة المحركات لغسل الأموال العالمية».
وقال ماينزر: «إذا تسللت الجريمة المنظمة إلى الاقتصاد، ونهب الفاسدون دولهم بمساعدة البنوك الغربية، ستكون الحرية والديمقراطية مهددة في كل مكان. يجب على الدولة الدستورية أن تأخذ غسل الأموال في النهاية على محمل الجد، وأن تعاقبه بجدية».
وفي إطار ذي صلة، ذكرت صحيفة «غازيتا فيبورتشا» البولندية أن مئات الملايين من الدولارات من الأموال الروسية والأوكرانية شهدت عمليات غسل أموال عبر مصرف «آي إن جي بنك سلاسكي» البولندي. واستشهدت الصحيفة بالتقرير الاستقصائي الدولي. وذكرت «بلومبرغ»، الأحد، أن المتحدث باسم البنك رفض التعليق عندما تم الوصول إليه عبر الهاتف. ووفقاً لمعلومات تم تجمعها في التحقيق، تم نقل الأموال عبر الوحدة البولندية لمجموعة «آي إن جي» المصرفية إلى ملاذات آمنة مثل قبرص، حتى عام 2016 على الأقل.
وكشفت الوثائق المسربة أيضاً عن مخطط كوري شمالي ضخم للتهرب من العقوبات عن طريق غسل الأموال عبر البنوك الأميركية. وأفادت شبكة «إن بي سي نيوز» بأن الوثائق والتقارير الصادرة عن وزارة الخزانة الأميركية كشفت عن جهود كثيفة من قبل المسؤولين الكوريين الشماليين لغسل ما لا يقل عن 174 مليون دولار باستخدام مجموعة من الشركات الوهمية. وقال هيو غريفيث، الرئيس السابق لفريق خبراء الأمم المتحدة لمتابعة العقوبات على كوريا الشمالية، إن الوثائق تساعد على تفسير سبب نجاح الكوريين الشماليين في التهرب من العقوبات.



باكستان تطلع صندوق النقد الدولي على أجندة إصلاحات قرض الـ7 مليارات دولار

رجل يركب دراجة على طريق وسط الضباب الدخاني في لاهور (إ.ب.أ)
رجل يركب دراجة على طريق وسط الضباب الدخاني في لاهور (إ.ب.أ)
TT

باكستان تطلع صندوق النقد الدولي على أجندة إصلاحات قرض الـ7 مليارات دولار

رجل يركب دراجة على طريق وسط الضباب الدخاني في لاهور (إ.ب.أ)
رجل يركب دراجة على طريق وسط الضباب الدخاني في لاهور (إ.ب.أ)

أطلعت باكستان صندوق النقد الدولي على أجندة إصلاحات الإنقاذ وقيمتها 7 مليارات دولار خلال زيارة غير مقررة لبعثة الصندوق الأسبوع الماضي.

وعقدت البعثة محادثات في إسلام آباد في غضون ستة أسابيع من الموافقة على تمويل القرض، وهي خطوة غير عادية قبل المراجعة الأولى المقررة في الربع الأول من عام 2025.

وكان صندوق النقد الدولي أعلن يوم الجمعة أنه قرر عرض نتائج زيارته غير المقررة إلى باكستان على مجلسه التنفيذي لاتخاذ القرار، مشيراً إلى التأخير في تنفيذ البرنامج الذي تبلغ قيمته 7 مليارات دولار.

وزار فريق من صندوق النقد الدولي بقيادة رئيس البعثة ناثان بورتر باكستان بشكل طارئ في الفترة من 11 إلى 15 نوفمبر (تشرين الثاني) لتقييم التقدم المحرَز في نحو 40 شرطاً وافقت الحكومة على تنفيذها.

من خلال بيان صحافي، شارك صندوق النقد الدولي «نتائجه الأولية»، مشيراً إلى أنه سيتم تقديم تقرير مفصل إلى المجلس التنفيذي لمزيد من المداولات.

وفقاً لرئيس البعثة، فإن باكستان وموظفي صندوق النقد الدولي أعلنوا في بيان: «اتفقنا على الحاجة إلى مواصلة السياسات المالية والنقدية الحكيمة، وتعبئة الإيرادات من القواعد الضريبية غير المستغلة، مع نقل مسؤوليات اجتماعية وتنموية أكبر إلى المحافظات».

وأشار البيان إلى أنه بالإضافة إلى ذلك، فإن الإصلاحات البنيوية في مجال الطاقة تُشكل أهمية بالغة لاستعادة قدرة القطاع على البقاء، وينبغي لباكستان أن تتخذ خطوات للحد من تدخل الدولة في الاقتصاد وتعزيز المنافسة، الأمر الذي من شأنه أن يساعد في تعزيز تنمية القطاع الخاص الديناميكي. ويمكن أن يؤدي تنفيذ البرنامج القوي إلى خلق باكستان أكثر ازدهاراً وشمولاً، وتحسين مستويات المعيشة لجميع الباكستانيين.

وبوصفه جزءاً من متطلبات صندوق النقد الدولي، كان من المقرر أن توقع الحكومة الفيدرالية والمقاطعات الأربع على ميثاق مالي وطني بحلول 30 سبتمبر (أيلول). وبينما تم الانتهاء من الاتفاق، فقد استبعد نقل برنامج «بينظير لدعم الدخل» (BISP) إلى المقاطعات، مما أدى إلى نسخة مصغرة من الاتفاق.

ومن المتوقع أن تُجرى أول بعثة مراجعة لتسهيل الصندوق الموسع في الربع الأول من عام 2025.