انتخابات برلمانية مبكرة في الجزائر استكمالاً لـ«الإصلاح الدستوري»

جانب من المسيرة التي نظمها صحافيون أمس بوسط العاصمة احتجاجاً على سجن الصحافي خالد درارني (د.ب.أ)
جانب من المسيرة التي نظمها صحافيون أمس بوسط العاصمة احتجاجاً على سجن الصحافي خالد درارني (د.ب.أ)
TT

انتخابات برلمانية مبكرة في الجزائر استكمالاً لـ«الإصلاح الدستوري»

جانب من المسيرة التي نظمها صحافيون أمس بوسط العاصمة احتجاجاً على سجن الصحافي خالد درارني (د.ب.أ)
جانب من المسيرة التي نظمها صحافيون أمس بوسط العاصمة احتجاجاً على سجن الصحافي خالد درارني (د.ب.أ)

أظهر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون رغبة في تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة، قبل نهاية العام الجاري. وقال مقربون منه إنه «يعتبرها نتيجة طبيعية لتعديل الدستور»، الذي سيعرض على الاستفتاء في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
ويوصف البرلمان الحالي بأنه «وليد تزوير لفائدة أحزاب السلطة»، التي يوجد جميع قادتها في السجن بتهم فساد، مرتبطة بتسيير البلاد في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019).
وتعهد تبون ليلة أول من أمس، خلال مقابلة مع مسؤولي صحيفتين محليتين بثها التلفزيون الحكومي، بتنظيم الانتخابات بعد اعتماد الدستور الجديد.
وكان الرئيس، الذي انتخب للمنصب في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قد وعد بتنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية تلبية لمطالب الاحتجاجات الضخمة، التي أجبرت الرئيس بوتفليقة على الاستقالة في الثاني من أبريل (نيسان) 2019.
وذكر الرئيس أن الدستور «يعطي صلاحيات للمنتخب الذي اختاره الشعب... فإذا أراد الشعب التغيير، فهذا أوانه حتى لا نبقى في الغموض الذي كان سائداً من قبل».
وأطلق تبون خلال حملة «الرئاسية» شعار «الجزائر الجديدة» للقطيعة مع ممارسات حكم بوتفليقة. لكن معارضيه، وقطاع واسع من نشطاء الحراك، يعتبرونه «امتداداً للسلطة السابقة»، بحجة أنه كان وزيراً في حكومات بوتفليقة لسنوات طويلة.
وقال تبون في المقابلة، داعياً إلى التصويت على المسودة: «نتمنى من الجزائريات والجزائريين المصادقة على الدستور لتكون الدولة الجزائرية أكثر أخلاقاً، وفي خدمة الشعب، وليس في خدمة مجموعات تمارس سيطرة أبوية عليه». وأضاف موضحاً أنه «يجب أن نكون في مستوى الوعود، وبعد الاستفتاء على الدستور سنراجع مباشرة قانون الانتخابات. ونأمل أن نصل إلى مؤسسات منتخبة قبل نهاية السنة، لكن يجب مراعاة الظروف، خاصة من الجانب الصحي».
وشدد تبون على أن «الشعب هو وحده من يقرر مصيره»، مؤكداً على «ضرورة تكريس الشفافية من القاعدة إلى القمة، وأن الكل معني بالمحاسبة». وقال بهذا الخصوص: «ليس لدي أي مشكل لكي يكون هناك تدقيق مالي في مؤسسة رئاسة الجمهورية».
ورفض تبون الحديث عن «مضايقات ضد الصحافيين»، على خلفية إدانة مراقب «مراسلون بلا حدود»، خالد درارني بالسجن عامين. وأوضح في رده على سؤال بهذا الخصوص أن حرية التعبير «لا حدود لها، ولكن هناك قانون يسري على الجميع، بمن فيهم الصحافي والموظف الإداري. وقد سبق لي أن تطرقت لموضوع حرية التعبير، وتساءلت: هل هناك دولة في العالم، من الدول التي تشبهنا، لديها 180 جريدة، وما يقارب 8500 صحافي؟، فضلاً عن تدعيم ورق الطباعة من طرف الدولة، واستفادة هذه الجرائد من الإعلانات الحكومية، لنواجه في النهاية كتابات كلها سب وشتم ومساس بالأمن العمومي، ورغم ذلك لم يتم المساس بها، أو معاقبتهم تجاريا».
كما اتهم الرئيس تبون منظمة «مراسلون بلا حدود» بمحاولة «ضرب استقرار الجزائر» بعدما أطلقت حملة دولية للتضامن مع مراسلها درارني، وهو ما اعتبره أمينها العام «اتهامات كاذبة».
وحجبت السلطات منذ ستة أشهر صحيفتين ومواقع إلكترونية، وإذاعة تابعة لإحداهما، بسبب النبرة الحادة في التعاطي مع المسؤولين والشأن الحكومي بشكل عام. كما تقول معظم وسائل الإعلام إنها تتعرض لـ«مساومات» حول خطها التحريري، بشأن الإعلانات. وفي رده عن سؤال يتعلق بالصحافي درارني، أوضح تبون أنه «لا يمكن الحكم بعدم وجود حرية التعبير في بلد ما، بسبب شخص قضيته لا تتعلق بمجال الصحافة، ولا توجد أي وثيقة رسمية تربط هذا الشخص بالقناة التي ادعى أنه يعمل فيها».
وتتهم الحكومة درارني بـ«تلقي أموال من الخارج»، وهو ما يمنعه القانون. أما دفاعه فأكد أنه تسلم مبالغ مالية بسيطة من تلفزيون «موند 5» الفرنسي، نظير تدخلاته في برامجه السياسية للتعليق على أحداث في الجزائر وفي أفريقيا. وتحاول السلطات التأكيد على أن درارني توبع قضائيا على أساس أنه ناشط معارض، وليس بسبب نشاطه المهني، وهو ما نفاه الصحافي الأسبوع الماضي خلال محاكمته.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».