تمثيل أميركي متدنٍ في ذكرى تأسيس الأمم المتحدة

تمثيل أميركي متدنٍ في ذكرى تأسيس الأمم المتحدة
TT

تمثيل أميركي متدنٍ في ذكرى تأسيس الأمم المتحدة

تمثيل أميركي متدنٍ في ذكرى تأسيس الأمم المتحدة

أحيت الأمم المتحدة التي ولدت من رحم الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية، الذكرى السنوية الخامسة والسبعين لتأسيسها، في احتفال واقعي - افتراضي مختلط بسبب الظروف الاستثنائية التي فرضها فيروس «كورونا»، لكن حضره 200 شخص فقط، بينهم الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش ورئيس الجمعية العامة فولكان بوزكير ومندوب واحد عن كل من الدول الـ193 الأعضاء وحفنة من الإداريين، وتحدث فيه عبر الفيديو العشرات من زعماء العالم، باستثناء الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي غاب عن المناسبة من دون إنذار مسبق، من موظفة دبلوماسية كلمة الولايات المتحدة، في إشارة إلى الموقف الراهن للدولة المضيفة من هذه المنظمة.
وما إن تبين أن الرئيس ترمب لن يلقي كلمة في الاحتفال، حتى تساءل كثيرون عما إذا كان سيغيب أيضاً لدى إلقاء الكلمات في الأسبوع الرفيع المستوى للدورة السنوية الخامسة والسبعين للجمعية العامة بدءاً من اليوم، علماً أن العادة جرت أن يكون الرئيس الأميركي المتحدث الثاني على جدول الأعمال بعد الرئيس البرازيلي. وسألت «الشرق الأوسط» مسؤولاً في المنظمة الدولية عما إذا كان ترمب أرسله خطابه المسجل، فأجاب بالنفي.
ويتوافد على مقر الأمم المتحدة في نيويورك، عادة خلال هذه الفترة، الآلاف من رؤساء الدول والحكومات وكبار المسؤولين وممثلي المجتمع المدني والصحافيين وغيرهم، في ظل إجراءات أمنية مشددة حول المبنى وداخله. ولكن هذا العام دفعت الجائحة الأمم المتحدة، بالاتفاق مع الدول الأعضاء، إلى فرض قيود من نوع آخر لتنفيذ التعليمات الطبية المتعلقة بالتباعد الاجتماعي للسيطرة على انتشار المرض وحماية الصحة العامة. واعتمدت الجمعية قراراً قبل نحو شهر دعت بمقتضاه الدول الأعضاء والمراقبة إلى إرسال خطابات مسجلة مسبقاً لقادتها ومسؤوليها لتُعرض على شاشات عملاقة بقاعة الجمعية. لذلك افتقد كثيرون حيوية التفاعل الدبلوماسي الحي في أروقة الأمم المتحدة وإلقاء الكلمات مباشرة من المسؤولين أمام عدد كبير من الحاضرين.
وفي مستهل الاحتفال، ذكّر غوتيريش بأن «الأمر تطلب حربين عالميتين، وملايين القتلى وأهوال المحرقة حتى يلتزم زعماء العالم بالتعاون الدولي وسيادة القانون»، معتبراً أن ذلك أدى إلى «تجنب حرب عالمية ثالثة كان يخشاها الكثيرون». وأضاف أن «هذا إنجاز رئيسي يمكن أن تفخر به الدول الأعضاءـ، ويجب علينا جميعاً أن نسعى للحفاظ عليه».
غير أن هذه المناشدة تأتي في وقت حرج للغاية، إذ يواجه العام جائحة بالغة الخطورة وهو ممزق بالاستقطابات والنزاعات الإقليمية والانكماش الاقتصادي والتفاوت المتزايد. بيد أنه أشار في الوقت ذاته إلى الإنجازات التي حققتها المنظمة الدولية خلال السنوات الماضية، مستشهداً بمعاهدات السلام وبعثات حفظ السلام وإنهاء الاستعمار ووضع معايير حقوق الإنسان و«الانتصار» على الفصل العنصري في جنوب أفريقيا والقضاء على الأمراض والخفض المطرد للجوع وتطوير القانون الدولي والمعاهدات التاريخية لحماية البيئة وكوكب الأرض.
لكن غوتيريش حذر من أن «كارثة المناخ تلوح في الأفق، والتنوع البيولوجي ينهار، والفقر آخذ في الارتفاع، والكراهية تنتشر، والتوترات الجيوسياسية تتصاعد، والأسلحة النووية لا تزال في حالة تأهب قصوى». وقال إن «جائحة كورونا كشفت هشاشة العالم... ولا يمكن معالجتها إلا سوية»، مضيفاً أن «لدينا اليوم فائضاً من التحديات المتعددة الأطراف ونقصاً في الحلول المتعددة الأطراف».
وقال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في رسالة مسجلة إن «أسس الأمم المتحدة تتآكل، وجدرانها تتداعى أحياناً بفعل ضربات من قاموا بأنفسهم ببنائها»، من دون أن يسمي دولاً بعينها، مؤكداً أن «التحرك» ضد الجائحة «يجب أن يتم في إطار هذه المؤسسة». ولفت إلى أن «خطوطاً حمراً اعتقدنا أنه لم يكن ممكناً خرقها قد رفعت: استخدام الأسلحة الكيميائية، الاعتقال الجماعي مع الإفلات من العقاب. إن حقوقاً اعتقدنا أنها مكتسبة انتهكت، ونظامنا الدولي الذي بات أسير نزاعاتنا لم يعد يقوى على فرض عقوبات على هذه الخروقات». وأكد أنه «في وقت يغذي الوباء الخوف من الانحدار، وحكاية العجز الجماعي، أريد أن أقول أمراً بوضوح تام: في مواجهة حال الطوارئ الصحية، والتحدي المناخي، وتراجع الحقوق، يتوجب علينا، الآن وهنا، التحرك».
أما الرئيس الصيني شي جينبينغ فأكد أن بلاده «تدافع بقوة عن دور الأمم المتحدة المركزي في الشؤون الدولية»، إضافة إلى دعم «النظام الدولي المتمركز حول الأمم المتحدة، والقائم على أساس القانون الدولي». وفي انتقاد واضح للولايات المتحدة، قال الرئيس الصيني إنه «لا يحق لأي بلد السيطرة على الشؤون العالمية، أو التحكم في مصير الآخرين، أو الاحتفاظ بالمزايا في التنمية لنفسها»، مضيفاً أنه «لا ينبغي السماح لأي شخص بفعل ما يحلو له وأن يكون المهيمن أو المتنمر أو زعيم العالم. الأحادية طريق مسدود».
وقبيل بدء الاحتفال، أقرت الدول الأعضاء إعلاناً في مناسبة ذكرى تأسيس الأمم المتحدة، جددت فيه «التزام عدم ترك أحد يتخلف عن الركب»، مؤكدة أنها ستعمل «في السنين العشر المقبلة على تحقيق التنمية المستدامة التي لا بديل عنها. كما أنها ستضع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمعاهدات والصكوك الدولية نصب أعينها، وتكفل حقوق الإنسان والحريات الأساسية». وأكدت أنها ستحمي كوكب الأرض، معتبرة أن «ثمة فرصة تاريخية تلوح لنا من أجل إعادة البناء بشكل أفضل وأكثر مراعاة للبيئة»، بما يتماشى مع التزامات الدول ذات الصلة الواردة في اتفاق باريس ويتسق مع خطة عام 2030.

وكررت التزامها تعزيز السلام ومنع نشوب النزاع، وأحكام القانون الدولي وكفالة العدالة، ووضع النساء والفتيات في صميم جهودها، وبناء جسور الثقة، والعمل على تحسين التعاون الرقمي، والارتقاء بأداء الأمم المتحدة، وضمان توافر التمويل المستدام، وتعزيز الشراكات، والإصغاء الى الشباب والعمل معهم، وأن تكون على أهبة الاستعداد، خاصة وأن الجائحة أخذت العالم على حين غرة «وكانت بمثابة جرس إنذار لتذكيرنا بضرورة تحسين استعداداتنا لا للأزمات المتصلة بالصحة فحسب، بل وللتحديات والأزمات الأخرى أيضاً».



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.