مبادرة بدعم من التحالف الدولي لحل خلاف عشائري شرق الفرات

بعد مرور أكثر من شهر على اغتيال امطشر الهفل

TT

مبادرة بدعم من التحالف الدولي لحل خلاف عشائري شرق الفرات

أعلن وجهاء من عشيرة الشعيطات بريف دير الزور الشرقي عن «مبادرة صلح» بين زعماء قبيلة العكيدات العربية لإنهاء حالة الانقسام بين عائلة الهفل من جهة، ووجهاء البكير التي يقودها أحمد الخبيل (أبو خولة) قائد «مجلس دير الزور العسكري».
وبعد حادثة اغتيال الشيخ امطشر الهفل وتعرض الشيخ إبراهيم الهفل لعملية اغتيال كادت أن تودي بحياته بداية أغسطس (آب) الماضي، انقسمت قبيلة العكيدات التي تعد إحدى أكبر العشائر العربية في سوريا، وينتشر تواجدها في محافظة دير الزور وريفها شرقي البلاد، حيث برز خلاف بين وجيه عائلة البكير والتي يتزعمها الخبيل، ومشايخ قبيلة عائلة الهفل التي طالبت التحالف الدولي بالكشف عن المتورطين بعمليات الاغتيال، وتسليم إدارة المنطقة لأصحابها على أن يأخذ المكون العربي «دوره الكامل في إدارة مناطقه وقيادتها، بعيداً عن أي وصايا حزبية ونفوذ أشخاص فيها».
وقالت مصادر، بأن التحالف الدولي يدعم بنودها ويساند جهود عشيرة الشعيطات، ونصت المبادرة على عقد اجتماع عشائري في منطقة الشعيطات يحضرها وجهاء وشيوخ قبيلة العكيدات كافة؛ للتباحث حول تجاوز الخلافات وحالة الانقسام بهدف توحيد صفوف القبيلة ومواقفها.
وتابعت بأن المبادرة جاءت بعد انتهاء مهلة الشهر التي حددها الشيخ إبراهيم الهفل لقوات التحالف الدولي، لكن العكيدات انقسمت بين ثلاثة أطراف متخالفة، «الاجتماع الأول عقد بمضافة مشيخة القبيلة الشيخ إبراهيم الهفل ببلدة ذيبان، بينما عقد الاجتماع الثاني في مضافة أبو خولة ببلدة الربيضة، والاجتماع الثالث عقده النظام مع وجهاء من القبيلة بدير الزور».
وذكرت بأن الاجتماع الذي دعت إليه الشعيطات سيعقد ضمن المناطق الخاضعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، لحل خلافاتها وتوحيد صفوفها والتعبير عن مطالبها بوصفها القبيلة الأكبر بسوريا، وأضافت بأن وفداً من الشعيطات عقد اجتماعاً الأسبوع الماضي مع الخبيل أعرب عن استعداده التام لأي مساعٍ توحد مواقف القبيلة، كما التقت الشيخ إبراهيم الهفل ورحب بدوره بالمبادرة.
وكان الهفل توجه في كلمة مسجلة نشرت على صفحات وحسابات أبناء العكيدات عبر منصات التواصل الاجتماعي. وقال «أطلب منكم نبذ الفتنة وعدم التصعيد، نحن جميعاً قبيلة واحدة أهل وإخوة، وأعمامنا عشيرة البكير هم ركن أساسي من العكيدات، ونحن نمر بظروف استثنائية ومحرجة؛ لذلك نحتاج إلى وَحدة الصف».
من جهة ثانية؛ أعلن نشطاء سياسيون ووجهاء وشخصيات عشائرية عربية أمس في بلدة أبو حمام بريف دير الزور الشرقي، عن تجمع سياسي حمل اسم «تجمع أبناء البوكمال وريفها الديمقراطي» لمواجهة خطر المشروع الإيراني التوسعي في المناطق الشرقية لسوريا. وحذر البيان الختامي من المشروع الإيراني «الذي ما انفك محاولاً زرع الفتنة، وبالأخص بدير الزور التي يُراد لها أن تكون بوابة لإدخال الميليشيات الإيرانية إلى مناطقنا، واستباحتها في إطار سياسة الفوضى الإيرانية بالدول العربية والشرق الأوسط».
وناشد قادة التجمع أبناء شرق الفرات للوقوف معاً في وجه الفتنة التي تحاك لمناطقهم. وأشار البيان التأسيسي إلى أنهم يعملون لسلام مستدام، وتحقيق عوامل التنمية والاستقرار، إيماناً منا بالتغيير الديمقراطي المنشود لكل سوريا، وطي صفحة الاستبداد التي انتهجها النظام السوري لعقود من الزمن.
ودعا بيان التجمع إلى «دولة ديمقراطية لا مركزية موحدة»، آخذين «بما يضمن تمكين فكرة السلام المستدام بين جميع مكونات الجزيرة والفرات، لتكون نموذجاً لسوريا دولة ديمقراطية لا مركزية موحدة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.