الرئاسة الفلسطينية تنأى عن تصريحات ضد «البيان القطري ـ الأميركي»

موقف الرئاسة جاء بعد ساعات من آخر شبيه لـ{حماس»

احتجاجات فلسطينية في عصيرة الشمالية بالضفة ضد الاستيطان والتطبيع (رويترز)
احتجاجات فلسطينية في عصيرة الشمالية بالضفة ضد الاستيطان والتطبيع (رويترز)
TT

الرئاسة الفلسطينية تنأى عن تصريحات ضد «البيان القطري ـ الأميركي»

احتجاجات فلسطينية في عصيرة الشمالية بالضفة ضد الاستيطان والتطبيع (رويترز)
احتجاجات فلسطينية في عصيرة الشمالية بالضفة ضد الاستيطان والتطبيع (رويترز)

نأت الرئاسة الفلسطينية بنفسها عن انتقادات لمسؤولين فلسطينيين، طالت البيان القطري الأميركي المشترك الذي تبنى ضرورة العودة إلى مفاوضات فلسطينية إسرائيلية، وفق خطة السلام الأميركية المعروفة باسم صفقة القرن.
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، في بيان مقتضب، «إن الموقف الرسمي الفلسطيني هو ما ينشر فقط عبر وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية «وفا».
وجاء بيان أبو ردينة بعد سلسلة من التصريحات الفلسطينية التي هاجمت قطر، على لسان أعضاء في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ومسؤولين آخرين. وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس رفض مهاجمة قطر وأوعز للمسؤولين بعدم مهاجمتها. وشكل موقف عباس جدلا داخليا، باعتبار أن البيان يتبنى رؤية السلام الأميركية المعروفة باسم «صفقة القرن»، والتي يفترض أن الفلسطينيين يرفضونها جملة وتفصيلا.
وفي ترجمة فورية لموقف الرئاسة المفاجئ، اضطرت وكالة الأنباء الرسمية نفسها، لحذف مقتطفات من تصريح عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني، هاجم فيها قطر ضمن تصريح أوسع.
ونشرت وفا على لسان مجدلاني، قبل موقف الرئاسة أن «البيان المشترك الصادر عن حكومتي الولايات المتحدة الأميركية وقطر والذي أكد على آفاق حل تفاوضي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني على النحو المبين في الرؤية الأميركية للسلام، تأكيد قطري على تبني صفقة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، المرفوضة فلسطينياً ودولياً».
وبعد الموقف الرسمي، قامت بحذف هذه الفقرة. وكان أعضاء تنفيذية آخرون، قد هاجموا الموقف القطري، أيضا، وهم تيسير خالد وبسام الصالحي. واستنكر تيسير خالد، الترحيب القطري «بما يسمى الرؤية الأميركية للسلام». ودعا المسؤولين في قطر، إلى النأي بالنفس عن سياسة تغطية العدوان الأميركي على مصالح وحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية على النحو المبين في الرؤية الأميركية للسلام. ورفض خالد الرؤية الأميركية، وطالب بالتراجع عن هذا التواطؤ مع الإدارة الأميركية.
أما بسام الصالحي، فقال، إن قطر قامت بأول إعلان رسمي عربي واضح، لتبني صفقة ترمب أساسا للتفاوض وحل الصراع الفلسطيني. وأضاف «إن هذا تطور خطير جداً يؤكد أهمية الإسراع في تنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه في الاجتماع الأخير للفصائل الفلسطينية». وشدد الصالحي على «ضرورة استنهاض طاقات شعبنا في كافة أماكن تواجده والحوار الصريح مع كل مكوناته الشعبية، لمواجهة المخاطر، وتجديد مشروعنا الوطني ومؤسسات شعبنا، وإزالة كل ما اعترى ذلك من نواقص وفجوات، ومعالجتها بصورة صريحة دون تبسيط أو مكابرة».
والى جانب هؤلاء، اعتبر عضو المكتب السياسي لحزب الشعب وليد العوض، أن البيان الثنائي بين دولة قطر والولايات المتحدة الأميركية، يُمثل إشهاراً بأن قطر التحقت بركب المطبعين. وكان مسؤول المكتب الإعلامي في حركة فتح منير الجاغوب، قد هاجم قطر بشدة، لكنه لم يحذف تغريدته حتى بعد موقف الرئاسة. ولا يعرف لماذا امتنعت الرئاسة عن انتقاد قطر، وإذا ما كان ذلك له علاقة بترتيبات سياسية ومالية. وجاء موقف الرئاسة بعد ساعات من موقف شبيه وتبريري لحماس. وكان عضو المكتب السياسي لحماس موسى أبو مرزوق قد صرح، بأن قطر تُحاول أن تساعد الشعب الفلسطيني بطرق مختلفة.

، ولا يمكن أن تساعد شعبنا وتحديداً في قطاع غزة، إلا عبر الاحتلال، ولذلك بالضرورة هي تتواصل مع إسرائيل لمساعدة الشعب الفلسطيني في غزة. ولاقت هذه التصريحات انتقادات وأثارت نقاشا، على قاعدة أنه لا يمكن مهاجمة دول تطبع وتبرير التطبيع لدول أخرى.
وكانت قطر والولايات المتحدة الأميركية، قالتا في بيان مشترك بعد الحوار الاستراتيجي الثالث، الذي عقد في العاصمة واشنطن «إن مسؤولي البلدين، ناقشوا الحاجة إلى توظيف الوسائل الدبلوماسية لحل التوترات الحالية في الشرق الأدنى وشرق المتوسط. إضافة إلى قضايا الأمن الإقليمي، بما في ذلك الجهود المشتركة لهزيمة تنظيم داعش. والعمل على إنهاء الصراعات في ليبيا وسوريا واليمن. بجانب آفاق إيجاد حل تفاوضي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على النحو المبين في الرؤية الأميركية للسلام» أو ما بات يُعرف بـ«صفقة القرن».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».