الحوثيون يقايضون اليمنيين: «تبرع لذكرى الانقلاب مقابل أسطوانة غاز»

جولات في المدن والقرى لتجهيز قوافل مسلحي الجماعة

جانب من التجمعات الحوثية في صنعاء (إ.ب.أ)
جانب من التجمعات الحوثية في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يقايضون اليمنيين: «تبرع لذكرى الانقلاب مقابل أسطوانة غاز»

جانب من التجمعات الحوثية في صنعاء (إ.ب.أ)
جانب من التجمعات الحوثية في صنعاء (إ.ب.أ)

«تبرع لذكرى الانقلاب مقابل الحصول على أسطوانة من غاز الطهي»، هذا هو أحدث ما تفتقت عنه ذهنية الجماعة الحوثية في صنعاء، في سياق تعسفها مع السكان ومضاعفة معاناتهم، بحسب ما أفادت به مصادر محلية في العاصمة اليمنية المختطفة (صنعاء). إذ أفادت المصادر لـ«الشرق الأوسط» بأن الجماعة الحوثية تخطط لإقامة فعاليات ضخمة لمناسبة ذكرى انقلابها على الشرعية، ومن ذلك سعيها لتسيير مئات القوافل من التبرعات العينية والنقدية لمصلحة مسلحيها في الجبهات وعائلاتهم.
سلوك الميليشيات الحوثية التعسفي لم يتورع - بحسب المصادر - عن مقايضة السكان بالخدمات، وخصوصاً بغاز الطهي الذي تتحكم الجماعة عبر مشرفيها في توزيعه في الأحياء، وتحرم منه كثيراً من العائلات التي لا تتبنى مشروعات الجماعة أو الانخراط في برامج التعبئة التي تنفذها.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر محلية في صنعاء عن أن الجماعة أمرت بتنفيذ حملة التبرعات في 10 مديريات بصنعاء، تحت ذريعة تجهيز قافلة متنوعة تحت اسم «قوافل 21 سبتمبر» وهو اليوم الذي اقتحمت فيه صنعاء عام 2014، لدعم مجهودها الحربي.
وعقد مشرفو وقادة الجماعة ومسؤولوها المحليون - وفق مصادر مطلعة في صنعاء - اجتماعات متواصلة مع وجهاء وأعيان الأحياء في العاصمة، وأوعزوا إليهم بضرورة تنفيذ حملة جديدة وواسعة لجمع التبرعات من المواطنين والسكان في تلك المديريات المستهدفة، تنفيذاً لتوجيهات زعيم الجماعة.
وقال مواطنون لـ«الشرق الأوسط» إن الضغوط الحوثية بحقهم وصلت حد مقايضتهم بالتبرع لصالح الجبهات مقابل غاز الطهي المنزلي؛ مشيرين إلى أن مسؤولي الحارات والأحياء والمربعات السكنية قاموا بتوزيع أسطوانات الغاز المنزلي هذا الأسبوع على السكان، مرفقة بظروف فارغة ممهورة بأختام المشرفين الحوثيين.
وأكدوا أن مشرفي الجماعة وأعوانها المحليين طلبوا إعادة الظروف مع التبرعات قبل حلول يوم 21 سبتمبر (أيلول)، وأن أي مواطن يتخلف عن التبرع سيحرم من تسلم حصته المعتادة من الغاز، وستتم إضافته إلى «القائمة السوداء» باعتباره مشتبهاً به وموالياً لأعداء الجماعة.
وذكر أحد السكان في مديرية الوحدة بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أنه منذ ثلاثة أيام يتردد على مسؤول الحارة الحوثي في الحي الذي يقطنه، على أمل أن يتسلم حصته من الغاز المنزلي؛ لكن المسؤول الموالي للجماعة يرفض ذلك.
ونظراً لأوضاعه المادية الصعبة أفاد «محمود.ع»، بأن عاقل الحارة لا يزال حتى اللحظة يرفض تسليمه حصته من غاز الطهي، نتيجة اتهامه له بأنه لم يسلم الظرف الذي أعطاه إياه لتقديم الدعم المالي للجماعة.
وقال المواطن: «فقري وعدم قدرتي على التبرع لصالح جبهات الميليشيات تحولت إلى أسباب لدى قادة الجماعة وعقال الحارات الموالين لها لحرماني وأفراد أسرتي من الحصول على ما خصص لنا من مادة الغاز المنزلي».
وفي حين ترك البعض من عقال الحارات الموالين للجماعة للمواطنين حرية وضع المبلغ الذي يرونه مناسباً للتبرع، أفاد سكان آخرون بأن بعض المشرفين الحوثيين حددوا الحد الأدنى للتبرع بما يعادل دولارين أميركيين (1000 ريال) يضاف إليه ثمن أسطوانة الغاز.
وطبقاً لما أفادت به المصادر، يتضمن الظرف الذي تم توزيعه من قبل الميليشيات على المواطنين دعوة لهم للتبرع، وكتابة رقم المبلغ خارج الظرف الذي يكتب عليه اسم المواطن من قبل عاقل الحارة، كما يتضمن رقماً تسلسلياً للمواطن حسب المديرية التي يقطن فيها، إضافة إلى أرقام هواتف خاصة بمشرفي الميليشيات المسؤولين عن جمع التبرعات.
وبسبب تعسف الجماعة الحوثية وحرمانها السكان من حقهم في الحصول على غاز الطهي، أقدم أحد السكان في محافظة إب هذا الشهر على إحراق نفسه أمام مشرف حارته الموالي للحوثيين، بعد أن يئس من إقناعه بمنحه أسطوانة غاز للطهي، وهو ما أدى - بحسب مصادر طبية - إلى وفاته في أحد مشافي المحافظة متأثراً بالحروق التي أصابته.
في سياق متصل، قال السكان في صنعاء، إن عملية توزيع الظروف الخاصة بجمع التبرعات عبر عقال الحارات رافقها على مدى أيام الأسبوع الماضي حملات مماثلة، قادها معممو الجماعة عبر سلسلة من المحاضرات والخطب وإطلاق الفتاوى من على منابر المساجد؛ حيث شددوا على أن التبرع للجماعة «نوع من أنواع الجهاد الديني الواجب على كل مواطن»، بحسب زعمهم.
وواكبت تلك الحملات في الوقت نفسه - بحسب المصادر - حملات مكثفة عبر الإذاعات الخاصة الحوثية وشبكات التواصل، قادها عناصر الجماعة لحض الناس على التبرع، وتجهيز ما أطلقوا عليه «القوافل الكبرى» بمناسبة ذكرى الانقلاب.
وكانت الجماعة المسنودة من إيران، قد شنت طيلة أشهر السنة حملات شملت مواطنين ورجال قبائل ومزارعين وتجاراً وباعة، في محافظات إب وصنعاء وعمران وحجة والمحويت وذمار وغيرها، لإرغامهم على تقديم الدعم لصالح مقاتليها.
مصادر محلية وأخرى قبلية في صنعاء ومناطق أخرى، أكدت في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» أن مشرفي الجماعة ومسؤوليها المحليين عقدوا سلسلة من اللقاءات والاجتماعات مع مشايخ وأعيان القرى والمديريات بتلك المحافظات المستهدفة، وأرغموهم على جمع التبرعات للمجهود الحربي، وهددوا بالمقابل كل الرافضين بأنهم سيقتادون أبناءهم للتجنيد الإجباري.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، رصدت «الشرق الأوسط» في وقت سابق بعدة مديريات تابعة لمحافظة إب العديد من الحملات التي شنها قادة الجماعة؛ حيث أرغموا حينها كل قرية على تجهيز 15 مراهقاً من طلبة المدارس للالتحاق بمعسكرات التجنيد، أو تقديم فدية لا تقل عن 100 ألف ريال (الدولار حوالي 600 ريال) من كل عائلة لا تريد التضحية بأحد أبنائها للتجنيد.


مقالات ذات صلة

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
TT

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم الاثنين، إن هناك خطة لتوسيع الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان لتشمل دولاً أخرى.

وفي كلمة، خلال افتتاح مؤتمر سفراء العراق الثامن حول العالم في بغداد، أكد الوزير أنه يجب تكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي تهديد أو عدوان محتمل» على العراق.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد قال، الأسبوع الماضي، إنه بعث رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي حثَّ فيها على اتخاذ إجراء فوري للتصدي لأنشطة الجماعات المسلَّحة المُوالية لإيران في العراق، قائلاً إن الحكومة العراقية مسؤولة عن أي أعمال تحدث داخل أراضيها أو انطلاقاً منها.

كما ذكرت تقارير إعلامية أميركية، في وقت سابق من هذا الشهر، أن إدارة الرئيس جو بايدن حذرت الحكومة العراقية من أنها إذا لم تمنع وقوع هجوم إيراني من أراضيها على إسرائيل، فقد تواجه هجوماً إسرائيلياً.

وشنت إسرائيل هجوماً على منشآت وبنى تحتية عسكرية إيرانية، الشهر الماضي؛ رداً على هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل، وذلك بعد أن قتلت إسرائيل الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية المتحالفة مع إيران، حسن نصر الله، في سبتمبر (أيلول) الماضي.