وفاة قاضية المحكمة العليا غينزبرغ صاحبة المواقف الليبرالية

تفتح خلافتها معركة سياسية بين الجمهوريين والديمقراطيين

لافتة تحمل صورة غينزبرغ أمام المحكمة العليا (رويترز)
لافتة تحمل صورة غينزبرغ أمام المحكمة العليا (رويترز)
TT

وفاة قاضية المحكمة العليا غينزبرغ صاحبة المواقف الليبرالية

لافتة تحمل صورة غينزبرغ أمام المحكمة العليا (رويترز)
لافتة تحمل صورة غينزبرغ أمام المحكمة العليا (رويترز)

فتحت وفاة قاضية المحكمة العليا الراحلة روث بادر غينزبرغ، معركة سياسية جديدة بين الجمهوريين والديمقراطيين، على خلفية الجدل السياسي والدستوري حول تعيين خلف لها، قبل أقل من شهرين على انتخابات الرئاسة الأميركية. وهو جدل مستمر منذ المواجهة السابقة التي نشبت بين الحزبين بعد وفاة القاضي المحافظ أنتوني سكاليا قبل أقل من عام على نهاية ولاية الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما عام 2016، حين رفض الجمهوريون تعيين بديل له، قائلين إن الأمر يجب أن يترك للرئيس الجديد في اختيار الشخص الذي سيخلفه في هذا المنصب. وبالفعل أشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوم السبت إلى أنه سيتحرك بسرعة لترشيح بديل لغينزبرغ، وكتب على «تويتر»: «لقد وضعنا هذا في موقع القوة والأهمية لاتخاذ قرارات للأشخاص الذين انتخبونا بكل فخر، وأهمها اختيار قضاة المحكمة العليا للولايات المتحدة منذ فترة طويلة». وأضاف: «لدينا هذا الالتزام، دون تأخير».
وفي تغريدة أخرى، شكر ترمب السيناتور الديمقراطي السابق هاري ريد على إلغاء شرط الحصول على موافقة 60 صوتاً لتأكيد تعيينات الرئيس في مجلس الشيوخ عام 2013. ووسع زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل هذا القرار ليشمل المرشحين للمحكمة العليا في عام 2017.
وكان ترمب قد عبَّر عن «صدمته» عندما اطَّلع على خبر وفاة القاضية غينزبرغ خلال مشاركته في مهرجان انتخابي في مينيسوتا، وقال: «لم أكن أعرف ذلك». وأضاف: «لقد عاشت حياة رائعة. لقد كانت امرأة رائعة، سواء توافقت معها أم لا، كانت امرأة رائعة». كما أصدر بياناً نعى فيه غينزبرغ، أشار فيه إلى «عقلها الراجح ومعارضتها القوية في المحكمة، وأنها أثبتت أنه كيف يمكن للمرء أن يختلف مع زملائه ووجهات النظر الأخرى». وأكد البيان أن آراءها وقراراتها المتعلقة بقضايا المرأة والمعاقين قد ألهمت جميع الأميركيين والقانونيين. لكن ترمب كان قد دعاها عام 2016 إلى الاستقالة عندما كان مرشحاً للرئاسة، وقال إن «عقلها اختل» بعدما انتقدته في مقابلات إعلامية.
وقال ميتش ماكونيل إنه سيدعو مجلس الشيوخ إلى جلسة عاجلة للمصادقة على تعيين بديل للقاضية غينزبرغ، وأنه سيسعى إلى حشد الأصوات الكافية له. غير أن مساعيه تصطدم بمعوقات عدة في ظل وجود نحو 23 سيناتوراً جمهورياً يخوضون انتخابات التجديد لهم في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، الأمر الذي قد يؤثر على قراراتهم في الموافقة السريعة على تحديد الجلسة لتعيين قاضٍ جديد في هذا التوقيت.
وبينما أعرب الديمقراطيون عن معارضتهم؛ حيث يتوقع أن يمارسوا أقصى الضغوط والتسويف لتعطيل مساعي الجمهوريين، قال السيناتور تشاك شومر كبير الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، إنه طلب تأجيل تعيين بديل للقاضية إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية التي ستجري في 3 نوفمبر المقبل. وأضاف أن تسمية البديل يجب أن تأخذ في الاعتبار آراء الأميركيين ما بعد نتائج الانتخابات، مذكراً بواقعة عام 2016.
من جهته، قال المرشح الديمقراطي جو بايدن، إن الفائز في انتخابات 2020 يجب أن يقرر من سيحل محل القاضية غينزبرغ في أعلى محكمة بالبلاد. وأضاف بايدن: «آراؤها ومعارضتها ستستمر في تشكيل أساس القانون، ولا يوجد شك في أن الناخبين يجب أن يختاروا الرئيس، ويجب أن يختار الرئيس القاضي الذي سيؤكد مجلس الشيوخ تعيينه».
ومن المعروف أن منصب عضو المحكمة العليا التي تضم 9 من كبار القضاة، هو منصب لمدى الحياة، ويختاره الرئيس ليصوت على تعيينه مجلس الشيوخ. ويتوازن التمثيل في المحكمة العليا بين المحافظين والليبراليين؛ حيث تختلف اتجاهات التصويت فيها على القرارات المهمة بين هذين الاتجاهين، ويحسم رئيس المحكمة عادة في الخلافات بينها. غير أن المحافظين عززوا من سيطرتهم عبر 5 قضاة، وقد تمنح وفاة غينزبرغ الفرصة للرئيس ترمب لاختيار قاضٍ ثالث في المحكمة العليا، بعدما عين قاضيين سابقين من المحافظين، الأمر الذي قد يضاعف تغيير التوازن الهش في المحكمة بين الليبراليين والمحافظين.
وتملك المحكمة العليا الأميركية كلمة الفصل في كل القضايا الاجتماعية الكبرى التي ينقسم عليها الأميركيون، مثل الإجهاض، وحق الأقليات، وحيازة السلاح، وعقوبة الإعدام، وغيرها؛ لكن تقارير أميركية ذكرت أن غينزبرغ قالت لحفيدتها إنها لا تريد أن يختار ترمب خليفتها في المحكمة العليا، بحسب الإذاعة الوطنية العامة. وأفادت الإذاعة بأن غينزبرغ قامت في الأيام التي سبقت وفاتها بإملاء بيان على حفيدتها كلارا سبيرا. وقالت في البيان: «أهم أمنياتي هي عدم تعيين خليفة لي حتى يتم تنصيب رئيس جديد».
وتوفيت غينزبرغ مساء الجمعة عن عمر 87 عاماً بعد صراعها مع سرطان البنكرياس، ونعتها المحكمة الأميركية العليا في بيان واصفة إياها بأنها تركت بصمة في عملها بالمحكمة منذ 1993، ومناصرة لحقوق المرأة.
وتعد غينزبرغ المولودة في بروكلين في نيويورك عام 1933، أيقونة تقدمية بارزة، وهي ثالث امرأة يتم تعيينها في هذا المنصب. ولعبت غينزبرغ دوراً كبيراً في الدفاع عن حقوق المرأة في بداية حياتها المهنية، وتغلبت على التمييز الجنسي الراسخ في مهنة المحاماة، وكانت صوتاً تقدمياً قوياً ومؤثراً داخل المحكمة العليا، كزعيمة لتحالف يميل إلى اليسار وسط غالبية محافظة من القضاة، وخدمت فيها مدة 27 عاماً. وبفضل مواقفها المنسجمة مع تطلعات الشباب، فازت بتأييدهم إلى حد أطلقوا عليها لقب «نوتوريوس آر بي جي» أو «آر بي جي السيئة السمعة» تيمناً بمغني الراب «نوتوريوس بيغ».
تنحدر غينزبرغ من أصول عمالية في حي بروكلين بمدينة نيويورك لأبوين يهوديين مهاجرين، وبدأت صراعها مع الفكر المعادي لحقوق النساء منذ دخولها كلية الحقوق التي كان يهيمن عليها الذكور. وقبل انضمامها إلى السلطة القضائية، كانت غينزبرغ محامية شرسة في نيويورك ونيوجيرسي، وقد تحملت وفاة والدتها قبل وقت قصير من تخرجها في المدرسة الثانوية، وانتخبت لمراجعة القانون في كليتي «هارفارد» و«كولومبيا». وفي السبعينات، فازت في خمس من ست قضايا تمييز بين الجنسين رفعت أمام المحكمة العليا، كما برعت في مجالات متنوعة، مثل مزايا الضمان العسكري والاجتماعي، وضريبة الملكية والقواعد التي تحكم واجب هيئة المحلفين. كما اشتهرت بدفاعها عن قانون الرعاية الصحية «أوباماكير»، وتعزيز حقوق الأقليات العرقية والفقراء والمحرومين.
وخلال السنوات الأخيرة، عانت غينزبرغ من عدة أمراض، أبرزها سرطان القولون الذي أصابها عام 1999. وفي 2018 تغلبت على سرطان الرئة، قبل أن تكتشف في يوليو (تموز) 2019 إصابتها بسرطان البنكرياس كذلك.
وحتى في خضم هذه المخاوف الصحية، ظلت نشطة؛ حيث شوهدت في الفيلم الوثائقي الذي صور في 2018 وهي تمارس التمارين وترفع الأثقال مع مدرب شخصي. وعيَّنها الرئيس السابق جيمي كارتر قاضية استئناف فيدرالية في عام 1980، ثم رفعها كلينتون إلى المحكمة العليا بعد 13 عاماً. وخلال فترة عملها تم تعيين امرأتين أخريين في المحكمة العليا، سونيا سوتومايور وإيلينا كاغان.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.