إردوغان: لا مانع من الحوار مع مصر واتفاقها مع اليونان أحزننا

أكد إجراء مباحثات بين جهازي المخابرات لترسيم الحدود البحرية

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)
TT

إردوغان: لا مانع من الحوار مع مصر واتفاقها مع اليونان أحزننا

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)

جدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، رغبة أنقرة في فتح حوار مع القاهرة، مؤكدا أمس، أنه «ليس هناك مانع من الحوار مع مصر من أجل توقيع اتفاقية لترسيم الحدود في البحر المتوسط»، مشيرا إلى أن هناك حوارا على مستوى جهازي المخابرات في البلدين وعبر في الوقت ذاته عن «الحزن» بسبب توقيع مصر اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع اليونان.
وقال إردوغان، في تصريحات في إسطنبول عقب صلاة الجمعة أمس: «لا مانع لدينا من الحوار مع مصر.. إجراء محادثات استخباراتية مع مصر أمر مختلف وممكن وليس هناك ما يمنع ذلك، لكن اتفاقها مع اليونان أحزننا».
جاء ذلك في تعليق من إردوغان على تصريحات لوزير خارجيته مولود جاويش أوغلو، ليل الأربعاء، كشف فيها عن مباحثات بين المخابرات المصرية والتركية تهدف إلى تطوير العلاقات بين البلدين التي يسودها خلافات سياسية وتحسينها للتمهيد لتوقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية على غرار مذكرة التفاهم التي وقعتها أنقرة مع حكومة الوفاق الليبية في 27 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2019.
وأكد إردوغان أن جهازي المخابرات في البلدين يعقدان لقاءات عدة للتشاور حول بنود اتفاق ترسيم الحدود، ولا عائق يحول دون التوصل إلى الاتفاق.
وكان جاويش أوغلو قال إنه «لا توجد محادثات مع مصر، لكن هناك فقط مباحثات على مستوى جهازي المخابرات». ولفت إلى أن مصر لم تنتهك في أي وقت الجرف القاري لتركيا في اتفاقيتيها اللتين أبرمتهما مع اليونان ومن قبلها قبرص، بشأن تحديد المناطق الاقتصادية الخالصة في شرق البحر المتوسط.
وأضاف جاويش أوغلو أن مصر «احترمت حقوقنا في هذا الصدد، ومن ثم لا أريد أن أبخسها حقها بدعوى أن العلاقات السياسية بيننا ليست جيدة للغاية. إبرام اتفاق مع مصر بهذا الخصوص يقتضي تحسن تلك العلاقات... علاقاتنا السياسية ليست جيدة جداً؛ لذا لا أقول إنه يجب أن نفعل ذلك غداً (توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع مصر). سنوقع مثل هذه الاتفاقية مع مصر لكن يجب أن نكون واقعيين... العلاقات السياسية بحاجة إلى التحسن قليلاً، قبل أن نتمكن من توقيع هذه الاتفاقية».
وكشفت الصحافية التركية المقربة من الحكومة، هاندا فرات، عن أن المخابرات المصرية والتركية تجريان مباحثات من أجل التوصل إلى اتفاقية ترسيم حدود بحرية على غرار اتفاقية مصر واليونان.
وسلطت فرات، في مقال لها بصحيفة «حرييت» الضوء على تصريحات جاويش أوغلو، التي قال فيها إن العلاقات المصرية التركية بدأت في التحسن، آملا في أن تؤتي ثمارها باتفاقية ترسيم حدود بحرية بين البلدين.
وقال فرات إن مصادر استخباراتية كشفت لها عن بعض ملامح العرض التركي المقدم إلى مصر، والذي يشمل توفير تركيا لمصر مساحة حدود بحرية تعادل مساحة جزيرة قبرص 3 مرات، ما يفسح المجال واسعا أمام الحدود البحرية المصرية، مرجعة السبب وراء ذلك إلى «شعور تركيا بأن اليونان استغلت مصر بهذه الاتفاقية التي أبرمتها معها».
وسبق لمسؤولين بالحكومة التركية وخبراء في الحدود البحرية من الجنرالات السابقين في الجيش التركي الحديث عن أن اتفاقيتي ترسيم الحدود البحرية بين مصر وكل من قبرص واليونان أفقدتا مصر مساحات كبيرة في شرق المتوسط.



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».