كال فرنك لامبارد مدرب تشيلسي المديح لثنائي الهجوم الألماني تيمو فيرنر وكاي هافرتس بعد الفوز 3 - 1 على برايتون آند هوف في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز. وبدا تشيلسي مهتزا في بعض الأوقات في مباراته الأولى بالموسم الجديد، قبل أم يستقبل غدا ليفربول المتوج بطلا للدوري الموسم الماضي للمرة الأولى منذ 30 عاما.
وفي الصيف الماضي، بدأت مجموعة من الأندية في التعبير عن اهتمامها بضم هافيرتس. وبدا أنه النموذج المثالي للاعب الألماني العصري الذي يشارك في مركز خط الوسط المهاجم، فهو قوي وسريع وذكي، إضافة إلى قدرته على تسجيل الأهداف. وتحمل مسألة أنه بعد عام اختار الانضمام إلى تشيلسي دلالات مهمة، ليس فقط لما يمكنه إضافته في أرض الملعب، وإنما كذلك لما يكشفه هذا عن مشروع التطوير الدائر داخل ستامفورد بريدج ـ خاصة بالنظر إلى أن هافيرتس كان شديد الحرص على الانتقال لتشيلسي لدرجة أنه تنازل عن مكافأة الانضمام. وتبدو هذه إشارة قوية للغاية، وبالتأكيد مع هذه الإرادة الواضحة يرتفع سقف التوقعات.
من ناحية أخرى، تبدو مسألة مقارنة بطولات الدوري ببعضها البعض في مجملها عقيمة ودونما جدوى، وذلك نظراً لتباين تاريخ كل بطولة وأطرها وأولوياتها. ومع هذا، يبقى هناك أمر لافت في نجاح النادي الذي احتل الترتيب الرابع بين أفضل أندية إنجلترا الموسم الماضي في ضم هافيرتس وفيرنر. ومع أن قدرة بطولة الدوري الإنجليزي على التفوق مالياً على الدوري الألماني الممتاز لم تعد أمراً يثير الدهشة، يبقى من اللافت أن تشيلسي بدا أكثر جاذبية عن ريال مدريد أو برشلونة ـ أو على الأقل يظهر استعداده لإنفاق مبالغ ضخمة على نحو لم يبديه أي من أكبر ناديين في إسبانيا ـ الأمر الذي يوحي بحدوث تحول في توازن القوى الكروية.
وربما توحي حملة الصفقات الكبرى التي أبرمها تشيلسي بأن النادي لديه احتياطيات نقدية كبيرة بعدما حرم من شراء لاعبين جدد الصيف الماضي. أو ربما توحي بأن النادي قلل من تقدير تداعيات الوباء. إلا أنه مع رحيل كريستيانو رونالدو وتعبير ليونيل ميسي علانية عن عدم رضاه وربما ينتقل الصيف المقبل دونما مقابل، بجانب عدم وصول أي ناد إسباني إلى دور قبل النهائي ببطولة دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى منذ عام 2007 فإن كل هذا ربما يشير إلى أن الدوري الإسباني الممتاز ربما بدأ يفقد جاذبيته وسحره. ورغم أن إصدار أحكام بناءً على نتائج موسم واحد، خاصة عندما يكون موسما في غرابة موسم 2019 - 2020 ينطوي على قدر كبير من الخطورة، يظل من اللافت أن الأندية الإسبانية الأربعة خرجت جميعها على النحو ذاته، بعد أن واجهت فرقا أخرى تفوقت عليها بدنياً وتكتيكياً.
من ناحية أخرى، من المؤكد أن جماهير تشيلسي تشعر بالسعادة لنجاح ناديها في ضم واحد من أبرز المواهب الناشئة على مستوى أوروبا، وهو لاعب خط وسط مهاجم يتميز بالقوة وتمكن من إحراز 36 هدفاً ببطولة الدوري خلال مسيرة تضم 99 مباراة بالدوري شارك في التشكيل الأساسي بها. ويتميز هافيرتس بقدرته على الانطلاق متأخراً بسرعة كبيرة إلى داخل منطقة المرمى، الأمر الذي يبدو شبيهاً بأداء اثنين من اللاعبين السابقين المفضلين لدى تشيلسي ـ مايكل بالاك وفرنك لامبارد ـ وإن كان من المحتمل أن يكون هافيرتس على قدر أكبر من الابتكار والإبداع عن اللاعبين سالفي الذكر. المؤكد أنه أسرع عنهما.
إضافة لذلك، يتميز هافيرتس بالتنوع. تجدر الإشارة هنا إلى أنه عادة ما تجري الاستعانة بهافيرتس في نقطة مركزية، وذلك باعتباره لاعب خط وسط مهاجم، وذلك في مواجهة خصوم يتمركزون في العمق، وهي مواقف تزداد في إطارها أهمية قدرته على الانطلاق متأخراً وإيجاد مساحات له. إلا أنه في الوقت ذاته، تجري الاستعانة بهافيرتس على مساحات واسعة في مواجهة الخصوم الأفضل عندما تظهر الحاجة إلى مزيد من التعاون والانضباط بقدر يفوق ما يوفره حكيم زياش. بجانب ذلك، يملك هافيرتس القدرة على مراقبة اللاعبين المنافسين بدأب، لكنه أيضا قادر على مهاجمة الصفوف الخلفية والاختراق من الجانب الأيمن بالاعتماد على ساقه اليسرى المفضلة لديه.
بيد أنه رغم ابتكاره وقدرته على إحراز الأهداف، فإن التأثير الأعظم لهافيرتس داخل الملعب ربما يكمن في قدرته على الوجود على الطرف المقابل من أرض الملعب. ولا يعود الفضل وراء ذلك في مجرد أن طوله يبلغ 6 أقدام وبوصتين، الأمر الذي يضفي مزيداً من الطول على فريق يفتقر إلى هذه الميزة بعض الأحيان، الأمر الذي يعد واحداً من الأسباب وراء تعرض شباك تشيلسي للكثير للغاية من الأهداف من الكرات الثابتة الموسم الماضي (فقط نوريتش سيتي وأستون فيلا دخلت شباكهما أعداد أكبر من الأهداف). علاوة على ذلك، يملك هافيرتس القدرة على اللعب في ظل ضغط من المنافس.
من ناحية أخرى، تتركز الشكوك الكبرى حول لامبارد كمدرب حول كون جانبي فريقه يبدوان ضعيفين في مواجهة الهجمات المرتدة. خلال الموسم الماضي، كان تشيلسي أكثر فريق اخترق مرماه أهداف من الاختراقات السريعة. وخلال موسم عام 2018 - 2019 كان ديربي الذي كان لامبارد يتولى تدريبه في دوري الدرجة الأولى، الأول من حيث عدد الأهداف على هذا النحو التي اخترقت مرماه. ومن السهل أن يوعز البعض هذه المشكلة إلى الأفراد، رغم أن خبرة سيلفا ربما تساعد في هذا الأمر، وكذلك استعادة نيغولو كانتي لتألقه، بعد أن قدم الموسم الماضي أقل مواسمه في الدوري الممتاز إبهاراً على الإطلاق.
المؤكد أنه كان صيفاً استثنائياً، ضم الكثير من صفقات الانتقال الأكثر إثارة منذ بداية حقبة المالك أبراموفيتش. وتنبغي الإشارة هنا إلى أن الهجمات المرتدة لا ترتبط كثيراً بالأفراد بقدر ما ترتبط بهيكل الفريق. ولذلك، يجب أن يتحمل لامبارد الكثير من المسؤولية في هذا الصدد. فيما يخص هافيرتس، فقد اعتاد على أسلوب الضغط في ليفركوزن ولعب تحت قيادة اثنين من أشد المدربين المتحمسين لهذا الأسلوب في اللعب: روجر شميدت وبيتر بوش. وعلى مدار المواسم الأربعة التي شارك خلالها في الدوري الألماني الممتاز، حقق هافيرتس متوسط إعادة استحواذ على الكرة بلغ 1.29 ومخالفات بمعدل 0.93 في المباراة الواحدة.
وبالمثل نجد أن فيرنر، رغم أن إحصاءات إعادة استحواذه على الكرة ليست بهذه الضخامة، فإنه نجح في تقديم مستوى متناغم من الأداء في إطار أساليب لعب معتمدة على الضغط الشديد في كل من شتوتغارت وآر بي لايبزيغ. ومع هذا، لا يزال اللاعبان بحاجة إلى التوجيه ويبقى الضغط دونما جدوى إلا إذا أصبح نشاطاً جماعياً، لكن على الأقل يملك اللاعبان على ما يبدو شعوراً غريزياً يمكنهما من تحديد ما يتطلبه اللعب بهذا الأسلوب.
لقد كان هذا الصيف استثنائياً بكل المقاييس في تشيلسي، خاصة مع إبرام النادي مجموعة من الصفقات تعتبر الأكثر إثارة منذ بداية حقبة رومان أبراموفيتش. وجرى استبدال ثلاثي الهجوم المتقدم في العمر ـ ويليان وبيدرو وأوليفير غيرود ـ بمجموعة أخرى جديدة ـ زياش وهافيرتس وفيرنر. علاوة على ذلك، يجد تشيلسي في كريستيان بوليسيتش واحداً من أفضل لاعبي الهجوم الواعدين على مستوى العالم. كما جدد النادي ثلاثة أرباع خط الدفاع، وربما يلحق بهم حارس مرمى جديد قريباً.
وقد أصبح الطريق سهلاً أمام موجة الإنفاقات الضخمة الأخيرة بفضل بيع إيدن هازارد وألفارو موراتا. وفي الوقت الذي يعتبر هازارد لاعباً يتميز بذكاء فني لا يمكن التشكيك فيه، فإن أداءه يثير شعوراً بأنه متمسك باللعب الفردي على نحو لا يتناسب بعض الشيء مع كرة القدم الحديثة. في المقابل، نجد أن هذا القول لا ينطبق على الوافدين الجدد. ومن المؤكد أن رافا بينيتيز الذي لم يثق في هازارد قط، سيستمتع بالعمل مع أي من اللاعبين الجدد. اليوم، يتلالأ فريق تشيلسي ويبدو زاخراً بالإمكانات الواعدة، الأمر الذي يرفع بالتأكيد سقف التوقعات ـ ما يشير في هذه المرحلة إلى تقليص الفجوة بين تشيلسي والناديين المتصدرين للبطولة، وليس المنافسة بجدية على اللقب ـ ويعني ذلك بدوره أن العيون المتفحصة ستتركز بدرجة أكبر بكثير على لامبارد عما كان عليه الحال الموسم الماضي.
لامبارد يواجه تحدياً كبيراً بعد إنفاقات تشيلسي الضخمة
حصد لقب الدوري الإنجليزي ليس سهلاً... والوجود في المربع الذهبي لن يكون كافياً
لامبارد يواجه تحدياً كبيراً بعد إنفاقات تشيلسي الضخمة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة