تصريحات فريدمان حول «الزعيم القادم» تثير غضباً فلسطينياً

الرئاسة تحذر من المسّ بالرئيس عباس... ودحلان يعتبرها {تكتيكاً مخادعاً} ويدعو إلى انتخابات شاملة

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتحدث في رام الله بداية الشهر الحالي (أ.ف.ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتحدث في رام الله بداية الشهر الحالي (أ.ف.ب)
TT

تصريحات فريدمان حول «الزعيم القادم» تثير غضباً فلسطينياً

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتحدث في رام الله بداية الشهر الحالي (أ.ف.ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتحدث في رام الله بداية الشهر الحالي (أ.ف.ب)

رفضت الرئاسة الفلسطينية «سياسة التهديد والضغوط والابتزاز» الأميركية ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فيما حذر مسؤولون فلسطينيون من المسّ به، رداً على تصريحات السفير الأميركي دايفيد فريدمان، الذي قال إن الإدارة الأميركية قد تفكر في القيادي الفلسطيني محمد دحلان المفصول من حركة فتح زعيماً قادماً للفلسطينيين، وهو تصريح أثار كثيراً من الغضب والجدل، إلى الحد الذي اضطرت معه صحيفة «إسرائيل هيوم» التي نقلت التصريح إلى إعادة تعديله، كما طال الغضب الفلسطيني من فريدمان دحلانَ نفسَه، وأنصاره كذلك.
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة: «إن سياسة التهديد والضغوط المستمرة ومحاولات الابتزاز الأميركي للرئيس محمود عباس والقيادة سيكون مصيرها الفشل».
وأضاف أبو ردينة: «إن شعبنا الفلسطيني هو وحده من يقرر قيادته وفق الأسس الديمقراطية التي أرستها منظمة التحرير الفلسطينية في الحياة السياسية الفلسطينية، وليس عبر التهديد والوعيد وسياسة الابتزاز الرخيصة التي يحاول سفير أميركا لدى إسرائيل ديفيد فريدمان من خلالها الضغط على قيادة شعبنا الفلسطيني». وتابع: «الحملات المشبوهة والمؤامرات الهادفة لتصفية قضيتنا الوطنية، وفي مقدمتها قضية القدس ومقدساتها، والهجمة على رموز شعبنا الفلسطيني، لا قيمة لها، وإن شعبنا الفلسطيني هو الذي سيرسم خارطته، ويختار قيادته التي تحافظ على حقوقه الوطنية وثوابته التي لن نحيد عنها».
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة: «إن الاصطفاف الوطني خلف قيادة الرئيس محمود عباس في مواجهة خروج البعض عن قواعد الأصول الوطنية الجامعة، هو الرد الأمثل على مثل هذه الترهات».
وكان أبو ردينة يرد على فريدمان الذي قال في لقاء مع صحيفة «إسرائيل اليوم» إن الإدارة الأميركية تفكر أن يصبح دحلان زعيماً للفلسطينيين، قبل أن يستدرك: «لكن ليست لدينا مصلحة في إعادة هندسة القيادة الفلسطينية».
وأثارت تصريحات فريدمان جدلاً واسعاً، وجرّت كثيراً من التصريحات والبيانات، وخلّفت نقاشاً عاصفاً على مواقع التواصل الاجتماعي. وجاء التصريح في وقت حساس، عزز اتهامات فلسطينية سابقة للإدارة الأميركية، بالسعي لاستبدال القيادة الفلسطينية الحالية بعد القطيعة الكبيرة بينهما. وحذّر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني من المساعي الأميركية للمسّ بالرئيس عباس، على غرار ما حدث مع الزعيم الراحل ياسر عرفات، من أجل تمرير «صفقة القرن». وقال مجدلاني، في تصريح لـ«صوت فلسطين»، إن المرحلة القادمة ستشهد مزيداً من الإجراءات العقابية الأميركية بحق القيادة الفلسطينية.
كما دخلت «حماس» على الخط فوراً، وقال القيادي في «حماس» سامي أبو زهري إن «تصريحات السفير الأميركي فريدمان حول الرغبة بتعيين محمد دحلان رئيساً للسلطة، تمثل تدخلاً مرفوضاً بالشأن الداخلي، ولن يكون هناك أي رئيس فلسطيني إلا من خلال الإرادة الفلسطينية».
والغضب الفلسطيني من فريدمان لم يتوقف على خصوم دحلان، بل دحلان نفسه وأنصاره كذلك. فقال دحلان، عبر صفحته على «فيسبوك»: «من لا ينتخبه شعبه لن يستطيع القيادة وتحقيق الاستقلال الوطني».
وأضاف: «أنا محمد دحلان، كلي إيمان بأن فلسطين بحاجة ماسة إلى تجديد شرعية القيادات والمؤسسات الفلسطينية كافة، وذلك لن يتحقق إلا عبر انتخابات وطنية شاملة وشفافة، ولم يولد بعد من يستطيع فرض إرادته علينا». وتابع: «إذا كان ما نسب للسفير الأميركي لدى دولة الاحتلال صحيحاً، فذلك لا يزيد عن كونه تكتيكاً مخادعاً هدفه إرهاب البعض وزعزعة الجبهة الداخلية».
وتابع: «أتمنى من الجميع ألا نقع في شرك مثل هذه التكتيكات المهندسة بدقة، ولنعمل معاً لاستعادة وحدتنا الوطنية والاتفاق على ثوابتنا الوطنية ووسائل تحقيقها، فلا شيء يستحق الصراع حوله، داخلياً، وكل القدرات والطاقات ينبغي أن تكرس وجوباً لتحرير وطننا وشعبنا العظيم».
هذا، وتعتبر تزكية الأميركيين لدحلان ضربة له شعبياً، باعتبار أن أي شخص محسوب على الأميركيين غير مرغوب فيه فلسطينياً.
وقال المتحدث الرسمي باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، ديمتري دلياني، إن «كلام فريدمان مرفوض ومدان وغير مقبول على القائد محمد دحلان قبل أي فلسطيني آخر». واعتبر أقوال فريدمان «إهانة للشعب الفلسطيني، وخارجة عن الأصول الدبلوماسية، وتدخلاً بشؤون شعبنا الداخلية، وانعكاساً لحالة تكبُر واستعلاء عنصري، تعكس العقلية الاستيطانية الصهيونية المتطرفة، التي تتحكم بتصرفات وقرارات وتفوهات سفير البيت الأبيض لدى دولة الاحتلال».
يذكر أن الصحيفة الإسرائيلية التي نشرت التصريح (إسرائيل اليوم)، القريبة من الرئيس الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اضطرت إلى تعديل النص لاحقاً، وقالت إن فريدمان قصد بكلامه أن «واشنطن ليست لديها رغبة في هندسة القيادة الفلسطينية، ولا تفكر في تغيير الرئيس محمود عباس، بالقيادي الفلسطيني محمد دحلان».



مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
TT

مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)

عقب «موافقة مبدئية»، يواصل مجلس النواب المصري (البرلمان)، مناقشة مشروع قانون «الضمان الاجتماعي والدعم النقدي»، الذي قدَّمته الحكومة، بهدف «توسيع مظلة الدعم النقدي» للفئات الفقيرة.

وأقرَّ «النواب»، مبدئياً مشروع القانون، الأحد الماضي، في حين واصل أعضاؤه مناقشة نصوصه، على مدار يومَي الاثنين والثلاثاء. وقالت وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية، مايا مرسي، إن «القانون يعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، ويستهدف مأسسة منظومة الدعم النقدي، بتحويل المنظومة من مجرد برنامج ومبادرات مثل (تكافل وكرامة) إلى حق ينظمه القانون»، وفق بيان لوزارة التضامن.

وأقرَّت الحكومة المصرية عام 2015، برنامجاً للحماية الاجتماعية باسم «تكافل وكرامة» لتقديم دعم نقدي بشكل شهري للفئات الأكثر فقراً. ويصل عدد المستفيدين منه 21 مليوناً، جرى تخصيص 41 مليار جنيه مصري لهم، في موازنة العام المالي، وفق وزارة التضامن المصرية (الدولار يوازي 49.6 جنيه مصري).

ووفق البيان، عدَّدت وزيرة التضامن، أهداف التشريع الجديد، ومنها «استدامة دعم الفئات الأكثر احتياجاً، وحوكمة الدعم، والتحقق من المستفيدين سنوياً»، إلى جانب «ضمان أن يكون الدعم مقدماً من موازنة الدولة، وليس من خلال قروض ومنح مؤقتة».

وأشارت إلى أن «التشريع الجديد، يلتزم بمعايير حقوق الإنسان، بتوفير الحماية الاجتماعية والتكافل الاجتماعي لكل شخص بالمجتمع».

ومن المواد التي أقرَّها مجلس النواب، الثلاثاء، أن «لكل مواطن تحت خط الفقر القومي، ولا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعي، الحق في التقدم للحصول على دعم نقدي»، كما أقرَّ نصّاً بشأن «درجة الفقر للأفراد والأسر بناء على خريطة الفقر والمؤشرات الدالة عليه»، على أن تحدد اللائحة التنفيذية للقانون درجات الفقر، والإجراءات المتبعة لمَن يستحق الدعم النقدي.

ووفق تقرير للبنك الدولي، في مايو (أيار) الماضي، ارتفع معدل الفقر في مصر، من 29.7 في المائة في العام المالي 2019 - 2020، إلى 32.5 في المائة عام 2022.

ويمثل مشروع القانون، «استحقاقاً دستورياً»، وفق وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي بمصر، المستشار محمود فوزي، الذي أشار إلى أن «التشريع يستهدف مدَّ مظلة الضمان الاجتماعي، واستكمال الاستحقاقات الدستورية المتعلقة بشبكة الأمان الاجتماعي، والتوسع في مفهوم الفئات الأولى بالرعاية والحماية، باستحداث وضم وشمول فئات جديدة، لم تكن مستفيدة»، وفق إفادة لوزارة الشؤون النيابية.

وكانت الحكومة المصرية، أحالت التشريع الجديد، إلى البرلمان، في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.

وحسب تقرير لجنة التضامن بالبرلمان المصري، فإن القانون يستهدف «حماية الأسر الأفقر، والأقل دخلاً»، إلى جانب «كفالة حقوق ذوي الإعاقة، وكبار السن، والأيتام»، بجانب «إلزام الأسر المستفيدة من الدعم، بالاستثمار في صحة الأطفال، وانتظامهم في التعليم»، ولا يتوقف القانون عند تقديم الدعم، ولكنه يهدف إلى «التمكين الاقتصادي لهذه الفئات، للخروج تدريجياً من الفقر».

بدوره، يرى عضو البرلمان المصري ومقرر لجنة أولويات الاستثمار بالحوار الوطني، أيمن محسب، أن «التشريع الجديد سيسهم في تحسين شبكة الأمان الاجتماعي وتوسيع مظلته، لتشمل جميع الفئات الأولى بالدعم، وكفالة حقوقهم»، مشيراً إلى أن «القانون يتسق مع خطوات الإصلاح الاجتماعي التي تسعى لها الحكومة المصرية حالياً».

وينصُّ مشروع القانون على نوعين من المساعدات النقدية: الأول، يشمل دعماً نقدياً مشروطاً (تكافل)، ويُقدَّم للأسر الفقيرة، بما فيها الأسر التي لديها أبناء، أما الدعم الثاني فهو غير مشروط (كرامة)، ويُقدَّم للأفراد الفقراء من ذوي الإعاقة والمرضى وقدامى الفنانين والرياضيين والأدباء، وأسند القانون، لرئيس الوزراء، قرار تحديد قيمة الدعم النقدي، على أن تتم مراجعة القيمة كل 3 سنوات.

وقال محسب لـ«الشرق الأوسط»، إن «التشريع الجديد، يمهِّد الطريق أمام الحكومة المصرية، للتحول إلى نظام الدعم النقدي بدلاً من العيني». وأعاد ذلك إلى أن «القانون ينص على حوكمة برامج الدعم المُقدَّمة للحماية الاجتماعية، ويعتمد على قواعد بيانات دقيقة يتم تحديثها بشكل دوري، وسيتم ربطها بالمتغيرات الاقتصادية مثل معدلات التضخم»، عادّاً أن تلك الإجراءات، «من بين خطوات تطبيق الدعم النقدي».

وتتزامن مناقشات التشريع الجديد، مع مناقشات أخرى أعلنتها الحكومة المصرية، داخل «الحوار الوطني» (الذي يضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين)، مع خبراء ومتخصصين، لبحث التحول من نظام الدعم العيني إلى نظام الدعم النقدي للفئات الأولى بالرعاية.

وتتطلع الحكومة المصرية لبدء تطبيق منظومة الدعم النقدي، مع العام المالي الجديد، بداية من يوليو (تموز) 2025. وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، بداية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، إن «بلاده قد تبدأ في التحول من دعم السلع الأولية الأساسية، إلى تقديم مساعدات نقدية مباشرة، للفئات الأولى بالرعاية»، وربط البدء في التطبيق «بالتوصل إلى توافق في الآراء بشأن قضية الدعم النقدي في الحوار الوطني».

وتُطبِّق الحكومة المصرية منظومةً لدعم السلع الضرورية منذ عقود طويلة، بهدف خفض نفقات المعيشة للفئات الأولى بالرعاية، ويحصل المواطن على السلع المدعمة من خلال منظومة البطاقات التموينية، لكن الحكومات المتعاقبة تشكو من الأعباء الاقتصادية لمنظومة الدعم على الموازنة العامة، في ظل التوسع في عدد السلع المدعمة خلال السنوات الماضية.

من جهته، ينظر مدير «مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية»، عبد المنعم السيد، إلى مشروع القانون بوصفه «منظماً لسياسات الحماية الاجتماعية في مصر»، مشيراً إلى أن «القانون يختلف في نصوصه عن تشريعات مماثلة في دول أخرى، وفق الأولويات الاقتصادية والاجتماعية في مصر».

ويرى السيد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن التشريع «يحقق مرونة أمام الحكومة المصرية في تقديم الدعم النقدي خلال الأزمات والكوارث الطبيعية والأوبئة، كما حدث في جائحة (كورونا)»، مضيفاً أنه «يشمل تحت مظلته، فئات تتضرر بشكل مفاجئ مثل العاملين في القطاعات غير الرسمية، والذين يفقدون وظائفهم».