الأطفال يستخدمون المخ بكامل طاقته

يوظفون الفصين الأيمن والأيسر في التعلم السريع وعلاج الأضرار الطارئة

الأطفال يستخدمون المخ بكامل طاقته
TT

الأطفال يستخدمون المخ بكامل طاقته

الأطفال يستخدمون المخ بكامل طاقته

كشفت دراسة أميركية حديثة نُشرت في مطلع شهر سبتمبر (أيلول) من العام الجاري في مجلة (وقائع الأكاديمية الوطنية للعلومProceedings of the National Academy of Sciences) النقاب عن الإمكانيات الكبيرة لمخ الأطفال في تعلم اللغة بشكل أساسي، حيث أوضحت الدراسة أن الأطفال يستخدمون كلا الفصين «both hemispheres» (الأيمن والأيسر) للمخ لتعلم اللغات المختلفة، بينما يعتمد البالغون على الفص الأيسر بشكل أساسي في التعلم بشكل عام وتنمية المهارات اللغوية بشكل خاص.
وتعد هذه النتيجة شديدة الأهمية ليس فقط للإمكانيات التعليمية وإجادة لغة معينة. ولكنها من الناحية الطبية توضح السبب في تعافي الأطفال من الإصابات المخية والجراحات المتعلقة بها بشكل اسرع من البالغين.
- حيوية مخ الأطفال
أوضح الباحثون من جامعة جورج تاون بالولايات المتحدة أن استخدام الفصين معاً يقوم بما يشبه التعويض في حالة إصابة أي جزء من الخلايا العصبية. وعلى سبيل المثال في بعض أنواع الولادات المتعثرة وحدوث ما يمكن اعتباره السكتة الدماغية ولكن قبل الولادة «perinatal stroke» إذا حدثت إصابة أو تلف لبعض الأجزاء العصبية في الفص الأيسر يكون لدى الطفل عامل إضافي للاعتماد عليه للتعلم واكتساب المهارات الإدراكية المختلفة وهو الفص الأيمن، وهي ميزة لا تتوفر للبالغين في حالات السكتة الدماغية. ونفس الأمر ينطبق ولكن بشكل أقل على الأطفال الذين يعانون من الشلل الدماغي «cerebral palsy» الذي يؤثر على فص واحد فقط من فصي المخ مما يسمح للمخ بأن يقوم بوظائفه الإدراكية بالفص الآخر على الرغم من الإعاقة الجسدية.
وعلى وجه التقريب في جميع البالغين فإن التعامل مع جملة لغوية معينة واستيعابها يحدث بشكل كامل في الفص الأيسر فقط، وهو الأمر الذي يؤدي إلى خلل في اللغة في حالة الإصابة بالجلطات المخية ويكون المريض غير قادر على التواصل اللغوي السليم بشكل بكامل سواء تمكن من فهم الكلام الموجه إليه وعدم قدرته على التعبير عن أفكاره بكلمات صحيحة أو عدم فهمه للجملة اللغوية من الأساس حتى لو كان قادراً على الحديث بآلية سليمة.
ولكن في الأطفال خصوصاً في العمر الصغير يمكن استرجاع التواصل اللغوي بشكل كامل تقريباً بعد تلف الخلايا العصبية في الفص المسؤول عن ذلك (الأيسر) حيث يقوم الأيمن بعمل التعويض. وأشار الباحثون إلى أنه من غير المعروف إذا كانت سيادة الجانب الأيسر «left dominance» من المخ على اللغة تكون موجودة منذ الولادة أم أنها تتطور بالتدريج.
وقد قام الباحثون بأجراء التجربة على 39 من الأطفال الأصحاء تتراوح أعمارهم بين الرابعة والثالثة عشرة و14 من البالغين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً وقاموا بتقسيم المشاركين إلى أربع مجموعات تبعاً للعمر الأوّلي من (4 إلى 6 أعوام) والثانية من (7 إلى 9) والثالثة من (10 إلى 13) والرابعة من البالغين (18 إلى 29) وتم إعطاء كل المشاركين مهمة استيعاب جملة فهم معينة وقاموا بفحص خلايا المخ بواسطة أشعة الرنين المغناطيسي الوظيفية (fMRI) التي تقيس نشاط الخلايا العصبية في كل فص للمشاركين بما يشبه الرسومات البيانية. وقاموا بعمل مقارنة بين قياس نشاط تحفيز اللغة في الأطفال والبالغين وأيضاً نشاط المخ كله بشكل عام مع الوضع في الاعتبار مكافأة النشاط للفئة العمرية.
- فصَّا المخ
أوضحت النتائج أن الأطفال الصغار كان لديهم نشاط تبعاً لتحفيز اللغة في الجانب الأيسر والأطفال الأصغر عمراً في كل المشاركين كان لديهم نشاط في الجانب الأيمن أيضاً، وفي البالغين حدث التحفيز في الجانب الأيمن كاستجابة للعواطف المتعلقة بالمعنى العام للقطعة والتي تم التعبير عنها بالأصوات، وفي المقابل في الأطفال كانت نفس المناطق (في الجانب الأيمن) يتم تحفيزها تبعاً للعواطف والمعنى الأساسي للجملة، وهو ما يعني أن الأطفال لديهم قدرات إضافية في نفس الفص (الإدراك والتعامل العاطفي).
ويعتقد الباحثون أن الاعتماد على الجانب الأيمن كعامل إضافي في تعلم اللغة ربما يبدأ في عمر مبكر جداً، وأنه من الضروري إجراء تجارب مستقبلية على الفئة العمرية الأقل من 4 أعوام (أقل الأعمار مشاركة في التجربة). والشبكة العصبية في المخ تبدأ في تخصيص فص لكل مهمة أو مهام معينة في الطفولة المبكرة، ولكن اكتمال هذا التكليف لا يحدث إلا في الطفولة المتأخرة أو بداية المراهقة (من 11 إلى 12 عاماً).
وأشار الباحثون إلى أن مخ الأطفال لا يزال يمتلك قدرات مدهشة تتفوق على البالغين. وربما تفسر نتائج الدراسة السبب في تعلم الأطفال اللغات أسرع من البالغين حتى اللغات الأجنبية. وعلى سبيل المثال فإن الشخص البالغ يظل لديه لَكنة في الحديث بلغة أجنبية مهما كانت درجة إجادته لها بعكس الأطفال الصغار (أبناء المهاجرين) الذين يمكنهم التحدث بنفس اللغة من دون لكنة تماماً مثل أهلها. ولذلك يجب على الآباء الحرص على تعليم أولادهم لغات أجنبية في عمر مبكر حيث قدرات المخ في التعامل اللغوي على المستوي الإدراكي والعاطفي تكون كبيرة قبل سيادة النصف الأيسر فقط.
وفي النهاية تعد هذه النتائج مهمة جداً من الناحية العصبية لأنها تشجع الأطباء على بذل مزيد من الجهود مع الأطفال الصغار الذين يصابون بأمراض عضوية عصبية والتي ربما تترك أثراً دائماً في البالغين ولكن يمكن تجاوز ذلك الأثر في الأطفال مع الالتزام بالعلاج الدوائي وتنمية القدرات الإدراكية.
- استشاري طب الأطفال



موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.