تونس: قيادات «النهضة» تطالب الغنوشي بعدم الترشح لولاية ثالثة

وسط تزايد عدد المنتقدين لأدائه داخل الحزب والبرلمان

راشد الغنوشي
راشد الغنوشي
TT

تونس: قيادات «النهضة» تطالب الغنوشي بعدم الترشح لولاية ثالثة

راشد الغنوشي
راشد الغنوشي

وسط تزايد عدد المنتقدين لأدائه داخل البرلمان والحزب، طالَب أكثر من مائة قيادي من «حركة النهضة» التونسية (إسلامية) راشد الغنوشي، الزعيم التاريخي للحزب، بالالتزام بعدم الترشح لولاية ثالثة على رأس الحركة خلال المؤتمر الحادي عشر للحزب، المنتظَر عقده نهاية السنة الحالية. وتضمنت قائمة الموقّعين على عريضة وُجّهت إلى الغنوشي أعضاء في المكتب التنفيذي ومجلس الشورى، وهما أعلى سلطة قرار داخل الحزب، إضافة إلى نواب بالبرلمان وقيادات على مستوى الجهات، وفي المكاتب المحلية للحزب.
واعتبر الموقّعون على العريضة أن التزام الغنوشي سيؤكد احترام النظام الداخلي لـ«حركة النهضة»، الذي ينص على عدم الترشح أكثر من مرتين لرئاسة الحركة، إضافة إلى تأكيد مبدأ التداول على القيادة، وتوفير شروط نجاح المؤتمر المقبل، المزمع عقده في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، الذي يرى مراقبون أنه سيكون «ساخناً» بسبب الخلافات الكثيرة التي طبعت علاقة القيادات التاريخية لـ«حركة النهضة» بقيادات الجيلين الثاني والثالث، الطامحة لتصدر المشهد السياسي.
وشرعت قيادات «حركة النهضة» منذ عدة أسابيع في تحديد الخطوط العريضة للمؤتمر المثير للجدل، بسبب استيفاء رئيس الحركة، راشد الغنوشي، حظوظه في الترشح مرة أخرى، وأيضاً بسبب وجود فريقين داخل «النهضة»: الأول دعا إلى تعديل النظام الداخلي، لإبقاء الغنوشي على رأس الحركة، بحجة الظرفية المحلية والإقليمية، بينما يدعو الفريق الثاني إلى تطبيق القانون، والبدء فوراً في البحث عن خليفة له.
وفي هذا السياق، أكد رياض الشعيبي، القيادي السابق في «حركة النهضة»، لـ«الشرق الأوسط» أن بقاء الغنوشي على رأس الحزب «يخضع لاعتبارات قانونية ومقاربات سياسية، والتزام القيادات السياسية بالجوانب القانونية وارد، خصوصاً أن بعض القيادات تسعى لتطبيق القانون، بغضّ النظر عن انعكاساته الكثيرة، سواء على المستوى الداخلي أو الإقليمي».
وهذه الجوانب السياسية، كما يرى بعض المراقبين، تكتسي أهمية كبرى في المرحلة الحالية، على اعتبار أن عدة أطرف تسعى في إطار صراعها مع حركة النهضة إلى تجريدها من رموزها السياسية التاريخية، وهو ما قد تنجم عنه مخاطر كثيرة على كل المستويات، قد تتجاوز «حركة النهضة» إلى باقي المشهد السياسي التونسي برمته.
وعدَّ الشعيبي أن الغنوشي لعب دوراً أساسياً في استقرار الحركة، ودعم وجودها على المستوى المحلي، ورجح أن «يجد الخيال السياسي لأبناء الحزب حلاً لهذا التضارب مع النظام الداخلي، وهذا لا يُعدّ جريمة سياسية»، مؤكداً في المقابل أن خروج الغنوشي من رئاسة «(حركة النهضة) ليس موضوعاً داخلياً يخص أبناء الحزب ومؤيديه فحسب، بل يهم النخبة السياسية ككل، في فترة تتداخل فيها تأثيرات عدة أطراف».
ويتوقع عدد من المراقبين للشأن السياسي المحلي أن يشكل المؤتمر المقبل «حدثاً استثنائياً في تاريخ الحركة»، بحكم أنه سيناقش الأزمة الداخلية التي تعيشها «النهضة» منذ فترة على مستوى إدارة الحزب للحكم، ومحاولة إقصائها من المشهد السياسي، والمنافسة بين القيادات الطامحة لخلافة الغنوشي.
وكانت قيادات من «النهضة»، أطلقت على نفسها «مجموعة الوحدة والتجديد»، قد دعت منذ عدة أشهر إلى ضرورة عقد المؤتمر الحادي عشر قبل نهاية السنة الحالية، وإدارة حوار داخلي معمَّق حول مختلف القضايا السياسية الاستراتيجية، التي تخصّ الحركة، وبناء توافقات صلبة تحفظ وحدتها، وتدعم مناخ الثقة بين «النهضويين» قبل الذهاب إلى المؤتمر، مؤكدة وجود «خلافٍ داخلي ظل يتفاقم منذ انعقاد المؤتمر العاشر سنة 2016»، وهي خلافات أثرت، حسبها، على صورة الحركة، وعمَّقت الانطباع السلبي لدى الرأي العام عن الأحزاب والطبقة السياسية برمتها.
وتضم هذه المجموعة أسماء وازنة في حركة «النهضة»، أبرزهم عبد الكريم الهاروني رئيس مجلس الشورى، ورفيق عبد السلام مسؤول مكتب العلاقات الخارجية وصهر الغنوشي؛ إضافة إلى نور الدين العرباوي مسؤول المكتب السياسي، علاوة على أسماء أخرى لها وزنها على مستوى القرار السياسي والتوجهات الكبرى للحركة. ورغم تأكيد هذه المجموعة على الدور التاريخي للغنوشي، إلا أنها طالبت بـ«ضمان تداول القيادة داخل الحركة، بما يسمح بتجديد نخبها»؛ مشددة على أهمية «المرافقة الفاعلة للوضع القيادي الجديد بعد المؤتمر، والحرص على نجاح مهمة الغنوشي على رأس البرلمان، والالتزام بالأسس الأخلاقية والثوابت القيمية الكبرى التي قامت عليها (حركة النهضة)».
وعرفت «حركة النهضة» مؤخراً استقالات بعض القيادات الوازنة، وفي مقدمتها حمادي الجبالي رئيس الحكومة السابق، ورياض الشعيبي رئيس المؤتمر التاسع للحركة. وتزامن ذلك مع قيام عدة أحزاب بمحاولات عدة لسحب الثقة من الغنوشي، وذلك بعد اتهامه بالانحياز للمحور الداعم لتنظيم «الإخوان»، وأدت المحاولة إلى تنظيم جلسة لتجديد الثقة في شخصه، انتهت بتصويت 97 برلمانيا لفائدة سحب الثقة منه، غير أن الدستور يقتضي توفر الأغلبية المطلقة المقدرة بـ109 أعضاء لتحقيق ذلك.
كما طالت الانتقادات العديدة تدبير الغنوشي للبرلمان، بعد تسرّب خبر مكالمة هاتفية بينه وبين فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الليبية، وهو ما أدى إلى تشنج مختلف مكونات الائتلاف الحاكم، وتوتر العلاقة مع المعارضة، واتهامه بدعم محور «الإخوان» في تونس، وانحيازه العلني إلى طرف سياسي في ليبيا على حساب بقية أطراف المعادلة السياسية هناك.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.