روحاني يقلل من قدرة واشنطن على تفعيل العقوبات الأممية

رفض تصريحات نظيره الأميركي عن تراجع الناتج المحلي

الرئيس الإيراني حسن روحاني يتحدث إلى الوزراء في الاجتماع الأسبوعي للحكومة أمس (الرئاسة الإيرانية)
الرئيس الإيراني حسن روحاني يتحدث إلى الوزراء في الاجتماع الأسبوعي للحكومة أمس (الرئاسة الإيرانية)
TT

روحاني يقلل من قدرة واشنطن على تفعيل العقوبات الأممية

الرئيس الإيراني حسن روحاني يتحدث إلى الوزراء في الاجتماع الأسبوعي للحكومة أمس (الرئاسة الإيرانية)
الرئيس الإيراني حسن روحاني يتحدث إلى الوزراء في الاجتماع الأسبوعي للحكومة أمس (الرئاسة الإيرانية)

قلل الرئيس الإيراني حسن روحاني، من قدرة واشنطن على تفعيل آلية لإعادة العقوبات الأممية الأسبوع المقبل، نافيا تأكيد نظيره الأميركي دونالد ترمب تراجع ناتج إيران المحلي إلى 21 في المائة جراء العقوبات الأميركية.
وستبدأ الولايات المتحدة الأحد المقبل إجراءات تنفيذ الآلية المسماة «سناب بك» المنصوص عليها في القرار 2231، الذي تبنى الاتفاق النووي في يوليو (تموز) 2015، في محاولة لمنع رفع حظر السلاح الأممي عن إيران.
وعارض غالبية الأعضاء في مجلس الأمن تفعيل الآلية، وهي المرة الثانية التي تقف غالبية أعضاء مجلس الأمن في وجه الإدارة الأميركية، بعد رفض مشروع لتمديد حظر الأسلحة.
وأشار الرئيس الإيراني خلال اجتماع الحكومة، إلى اعتقاده أن يومي السبت والأحد، «سيكون يوم النصر للشعب الإيراني». وقال «من الآن أهنئ انتصار الشعب الإيراني في يومي السبت والأحد». وقال إن واشنطن «لم تتمكن من تفعيل آلية سناب بك»، مضيفا أنها «تلقت هزيمة مدوية». وتوقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أول من أمس، جلوس طهران على طاولة المفاوضات خلال أسبوع أو شهر بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية الأميركية، معربا عن ثقته بعقد صفقة جديدة وعادلة تصبح معها إيران دولة غنية.
وأضاف ترمب «تعرفون ما سيحدث. إنهم ينتظرون الانتخابات، لأن بلدهم على وشك الانهيار. انخفض الناتج المحلي إلى 24 في المائة». وقال روحاني «يا سيد أميركا، اقتصادنا لم ينخفض إلى 25 في المائة إنما انخفاضه هو 0.6 في المائة» وأضاف «على الأقل قولوا الصدق فيما يخص نمونا الاقتصادي مثلما يجب أن تقولوا الصدق حول آلية الزناد (سناب بك)». وتابع أن انخفاض معدل النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة والدول الحليفة لها يتراوح بين 20 إلى 25 في المائة.
ولم يعلق روحاني على توقعات ترمب حول عودة إيران إلى طاولة المفاوضات إذا ما فاز بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية الأميركية ضد المرشح الديمقراطي جو بايدن.
وانسحبت الولايات المتحدة في مايو (أيار) 2018 من الاتفاق النووي بعدما اتهمت إيران بعدم احترام روح الاتفاق، على إثر استمرار الأنشطة الصاروخية ودورها الإقليمي، وتابعت استراتيجية «الضغط الأقصى» لإجبار طهران في العودة إلى طاولة المفاوضات حول اتفاق أشمل يهدف إلى تحجيم برنامجها لتطوير الصواريخ الباليستية وأنشطتها الإقليمية.
وبعد عام على الانسحاب من الاتفاق النووي، دخل الطرفان إلى مستويات متقدمة من التوتر. وبدأت طهران ما سمته في بداية الأمر مسار «الانسحاب التدريجي من البرنامج النووي»، عبر خفض التزامات عدة من الاتفاق. وفي المقابل، زادت واشنطن من الضغوط على طهران، بمنعها من تصدير النفط وتصنيف «الحرس الثوري» الجهاز الموازي للجيش الإيراني، على قائمة المنـظمات الإرهابية.
ورغم إعلان طهران عدة انتهاكات أساسية في الاتفاق النووي، لكنها أعلنت في كل مرة استعدادها للعودة إلى الالتزامات إذا ما حصلت على امتيازات اقتصادية لتعويض العقوبات الأميركية من أطراف الاتفاق النووي. وحاول روحاني خلال هذه الفترة إسكات معارضي الاتفاق النووي في أوساط المحافظين ودوائر مقربة من «الحرس الثوري»، عبر إغرائهم برفع العقوبات عن الأسلحة الإيرانية.
وخلال أكثر من عامين على تفاقم التوترات، كادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال الشهور القليلة الماضية تطلب نقل الملف الإيراني إلى مجلس الأمن عقب رفض طهران الرد على أسئلة الوكالة الدولية حول موقعين سريين من بين وثائق نووية إيرانية كشفت عنها إسرائيل في أبريل (نيسان) 2018. وفي فبراير (شباط) الماضي رفعت الوكالة الدولية سقف مطالبها بالضغط على طهران لدخول الموقعين، لكن التمسك الإيراني برفض المطالب، رد عليه مجلس المحافظين في الوكالة الدولية بأول قرار بعد ثمانية أعوام يطالب إيران بالتعاون الفوري مع المفتشين. ووافقت طهران بعد مباحثات جرت بين المدير العام للوكالة الدولية رافائيل غروسي والرئيس الإيراني حسن روحاني الشهر الماضي.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قدم غروسي تقريرا إلى أعضاء الوكالة الدولية حول أخذ عينات من أحد الموقعين على أن يدخل مفتشو الوكالة الدولية الموقع الثاني خلال هذه الأيام.
في لاهاي الهولندية، أقامت محكمة العدل الدولية ثاني جلساتها لبحث شكوى إيرانية من العقوبات الأميركية. وقدم الفريق الإيراني دفاعه حول أهلية محكمة العدل للنظر في الشكوى ضد الولايات المتحدة.
والاثنين، شكك ممثلون من الولايات المتحدة، في أول جلسات المحكمة بأهليتها للنظر في الشكوى الإيرانية.



إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

TT

إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب)
جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب)

عززت إسرائيل المخاوف من وجودها بشكل طويل في الجولان السوري، بالبدء في تهجير أهالي قرى بالجنوب السوري، بموازاة شن الطيران الحربي غارات على محيط دمشق.

وأفادت وسائل إعلام سورية، الخميس، بأن «جيش الاحتلال دخل الأطراف الغربية لبلدة جباتا الخشب بريف القنيطرة، وطالب الأهالي بتسليمه ما لديهم من أسلحة».

ووفق وسائل الإعلام السورية، فإن «الجيش الإسرائيلي هجّر أهالي قريتي الحرية والحميدية واستولى عليهما، ودخل إلى بلدة أم باطنة مدعوماً بعربات عسكرية ودبابات، فضلاً عن رصد دبابات داخل مدينة القنيطرة جنوبي سوريا».

وشن الطيران الإسرائيلي غارات على محيط العاصمة السورية، وقال سكان في أحياء دمشق الغربية، إنهم سمعوا انفجارَين قويَين يعتقد أنهما في مطار المزة العسكري، وأضاف السكان أنهم سمعوا أصوات طائرات حربية تحلق في أجواء ريف دمشق الجنوبي الغربي.

بدوره أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الخميس، لمستشار الأمن القومي الأميركي، جايك سوليفان، ضرورة منع «الأنشطة الإرهابية» من الأراضي السورية ضد إسرائيل بعد إطاحة بشار الأسد.

وقال نتنياهو في بيان، إنه التقى سوليفان في القدس، وتطرق معه إلى «الحاجة الأساسية إلى مساعدة الأقليات في سوريا، ومنع النشاط الإرهابي من الأراضي السورية ضد إسرائيل».

إقامة طويلة

وتتوافق التحركات العسكرية الإسرائيلية مع ما كشفت عنه مصادر عسكرية في تل أبيب، بأن الممارسات التي يقوم بها الجيش في الجزء الشرقي من الجولان، تدل على أنه يستعد لإقامة طويلة الأمد في الأراضي السورية، التي احتلها إثر انسحاب قوات النظام السوري من مواقعها في المنطقة العازلة وفض الاشتباك في الجولان.

وتجرى هذه العمليات وسط موافقة أميركية صامتة، وهو ما يُقلق أوساطاً عدة تخشى من فتح الشهية لتدمير خطوط الحدود وتوسيع نطاق الاستيطان في سوريا.

وأشارت المصادر إلى أن هذه العمليات تتم من دون معارضة دولية علنية، باستثناء فرنسا التي نشرت بيان تحذير.

وكان الجنرال مايك كوريلا، قائد القوات الأميركية المركزية في الشرق الأوسط (سنتكوم) زار إسرائيل، الأربعاء، واطلع على تفاصيل العمليات، وعلى نتائج القصف الإسرائيلي، الذي دمر نحو 80 في المائة من مقدرات الجيش السوري، وحطم له سلاح الجو وسلاح البحرية والمضادات الجوية ومخازن الأسلحة، كما أجرى وزير الأمن، يسرائيل كاتس، مكالمة مع نظيره الأميركي، لويد أوستن.

بنية تحتية

وقالت مصادر عسكرية في تل أبيب، إن الجيش الإسرائيلي شرع بتحويل المواقع العسكرية السورية، التي احتلتها الكتيبة 101 من وحدة المظليين، إلى مواقع عسكرية إسرائيلية.

وذكر تقرير عبري أن «الجيش الإسرائيلي بدأ بتأسيس بنية تحتية لوجيستية شاملة، حيث تم إحضار حاويات تحتوي على خدمات مثل الحمامات، والمطابخ، وحتى المكاتب الخاصة بالضباط»، ورجح أن «يتوسع النشاط ليشمل أعمدة اتصالات».

وأفاد بأن الجيش الإسرائيلي أحكم سيطرته على المناطق الحيوية في المنطقة، واحتل قمم التلال التي تكشف مساحات واسعة من سوريا، خصوصاً في المناطق الحدودية، وأقام حواجز عسكرية في التقاطعات داخل القرى السورية، مثل الحواجز المنتشرة في الضفة الغربية.

ومع نشر أنباء تقول إن عمليات الجيش تدل على أنه يخطط للبقاء هناك لمدة سنة على الأقل، قالت المصادر العسكرية لإذاعة الجيش الإسرائيلي إنه «من المبكر تقييم مدى استدامة هذا الوضع، ولكن قادة الجيش يعتقدون أنه لا أحد يعرف كيف ستتطور الأمور الآن في سوريا مع القيادات الجديدة، التي تدل تجربتها على أنها تحمل تاريخاً طافحاً بممارسات العنف الشديد والإرهاب من جهة، وتبث من جهة ثانية رسائل متناقضة حول المستقبل».

وأضافت المصادر: «وفي الحالتين ستواجه إسرائيل تحديات مستقبلية تتطلب بقاء طويل الأمد في المنطقة وتعزيز عدد القوات، ما قد يتطلب استدعاء قوات الاحتياط».

اليمين المتطرف

وتثير العمليات الإسرائيلية في الأراضي السورية قلقاً لدى أوساط عقلانية من أن تفتح شهية اليمين المتطرف على توسيع الاستيطان اليهودي في سوريا. ففي الأراضي التي تم احتلالها سنة 1967 أقامت إسرائيل نحو 30 مستوطنة يهودية، وتبرر إسرائيل احتلالها الأراضي السورية الجديدة بحماية هذه المستوطنات.

وقد لوحظ أن نتنياهو الذي وقف على أرض الجولان يوم الأحد الماضي، وأعلن إلغاء اتفاقية فصل القوات مع سوريا، تكلم خلال محاكمته الثلاثاء عن «شيء بنيوي يحصل هنا، هزة أرضية لم تكن منذ مائة سنة، منذ اتفاق (سايكس - بيكو 1916)».

وبحسب متابعين لسياسته فإنه لم يقصد بذلك إعطاء درس في التاريخ عن اتفاق من عام 1916 بين الدولتين العظميين الاستعماريتين في حينه، بريطانيا وفرنسا، اللتين قُسّمت بينهما أراضي الإمبراطورية العثمانية في الشرق الأوسط، وأوجدت منظومة الدول القائمة حتى الآن؛ بل قصد أنه يضع حداً لمنظومة الحدود في المنطقة.

ولربما باشر تكريس إرثه بصفته رئيس الحكومة الذي وسع حدود إسرائيل مثل دافيد بن غوريون وليفي أشكول، وليس الذي قلصها أو سعى لتقلصيها مثل مناحيم بيغن وإسحق رابين وأرئيل شارون وإيهود أولمرت وإيهود باراك.