يوشيهيدي سوغا رئيساً جديداً للحكومة اليابانية

حظي يوشيهيدي سوغا الذي حقق فوزاً ساحقاً في سباق الزعامة للحزب الديمقراطي الليبرالي، بدعم البرلمان الياباني بمجلسيه، وأقر أمس (الأربعاء) اختياره رئيساً جديداً للحكومة خلفاً لحليفه رئيس الوزراء شينزو آبي الذي استقال لأسباب صحية. ويتولى سوغا رئاسة الحكومة في أوج خلافات دولية، يتعين على سوغا التعامل مع المواجهة المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، وبناء علاقات مع الفائز في انتخابات الرئاسة الأميركية في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني)، والعمل على الحفاظ على علاقات اليابان مع بكين. ويتوقع المراقبون أن يواصل سوغا سياسات آبي الاقتصادية التي اتسمت خصوصاً بسياسة نقدية مريحة للغاية وخطط إنعاش هائلة، ويأمل في الوقت نفسه أن يقوم بإصلاحات هيكلية تعتبر ضرورية. وسوغا، كبير أمناء مجلس الوزراء في حكومة آبي، صوّت لصالح انتخابه مجلس النواب، حيث يملك الأغلبية الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم الذي يتزعمه. وثبّت مجلس المستشارين، المجلس الأعلى في البرلمان، بُعيد ذلك النتيجة التي سجلت في مجلس النواب صاحب الكلمة الأخيرة في كل الأحوال. وانحنى سوغا وسط تصفيق أعضاء البرلمان بعد انتخابه، لكنه لم يلق أي خطاب.
وذكرت وكالة «كيودو» اليابانية للأنباء، أن المجلس الوزاري لرئيس الوزراء شينزو آبي استقال جماعياً في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء لتمهيد الطريق أمام تولي سوغا رئاسة الحكومة. وتردد أنه سيقوم بإعادة تعيين الكثير من الأعضاء الحاليين. وبُعيد تصويت البرلمان أعلن كاتسونوبو كاتو، وزير الصحة في الحكومة السابقة الذي أصبح أميناً عاماً للحكومة وناطقاً باسمها خلفاً لسوغا، تشكيلة حكومة رئيس الوزراء الجديد التي لا تتضمن مفاجآت.
وينتمي نحو نصف أعضاء الحكومة الجديدة إلى حكومة آبي السابقة. وتضم امرأتين فحسب، ومتوسط الأعمار بها 60 عاماً.
ومن بين المحتفظين بمناصبهم في الحكومة الجديدة وزير المالية تارو آسو، ووزير الخارجية توشيميتسو موتيجي، ووزيرة الأولمبياد سيكو هاشيموتو، ووزير البيئة شينجيرو كويزومي، وهو الأصغر سناً، حيث يبلغ من العمر 39 عاماً. وحصل نوبو كيشي، الشقيق الأصغر لآبي، على حقيبة الدفاع، بينما يتولى وزير الدفاع المنتهية ولايته تارو كونو حقيبة الإصلاح الإداري وهو منصب كان يشغله في السابق. كما ظل ياسوتوشي نيشيمورا، الذي كلفه آبي إدارة ملف التعامل مع «كوفيد – 19»، وزيراً للاقتصاد. وتولى كاتسونوبو كاتو، وزير الصحة السابق والحليف الوثيق لسوغا، منصب كبير أمناء مجلس الوزراء وأعلن التشكيلة الوزارية الجديدة.
وكان قد فاز سوغا، الاثنين، بالانتخابات الداخلية للحزب الليبرالي الديمقراطي لكي يصبح رئيساً جديداً للحزب، ووعد بمواصلة سياسة سلفه الذي كان يتولى السلطة منذ نهاية 2012. وحقق سوغا فوزاً كبيراً أمام وزير الدفاع السابق شيجيرو إيشيبا ووزير الخارجية السابق فوميو كيشيدا في المنافسة على رئاسة الحزب. وبعد التصويت، تعهد سوغا بتعزيز عملية التحلل من القيود التنظيمية والقضاء على الروتين البيروقراطي في البلاد.
وبانتخابه رئيساً لوزراء يصبح سوغا أول زعيم جديد للبلاد منذ نحو ثماني سنوات، في حين يواجه مجموعة من التحديات تشمل مكافحة مرض «كوفيد – 19» والعمل في الوقت نفسه على إنعاش الاقتصاد ومواجهة أزمة مجتمع يشهد ارتفاع معدلات الشيخوخة على نحو سريع. وكان شينزو آبي قد أعلن بصورة مفاجئة في أواخر شهر أغسطس (آب) الماضي استقالته لأسباب صحية. وقال سوغا، إن اليابان تواجه «أزمة عامة غير مسبوقة» في إشارة إلى وباء كورونا. وتعهد بمنع تفشي فيروس كورونا بصورة أكبر بالتزامن مع الحفاظ على الوظائف وإنعاش الاقتصاد الياباني، ثالث أكبر اقتصاد في العالم، الذي تضرر بسبب وباء كورونا.
وسوغا ابن مزارع الفراولة الذي كانت مسيرته غير عادية، عمل بوفاء مع آبي وقدم له النصح لسنوات طويلة، عبر تنسيق السياسة بين الوزارات ووكالات الدولة الكثيرة. وبحكم عمله، بات يعرف كل تفاصيل البيروقراطية اليابانية النافذة، لكنه لا يتمتع بالمكانة الدولية نفسها لآبي. وقال شينيشي نيشيكاوا، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ميجي في طوكيو، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الأربعاء، إن «مشاكل صعبة تنتظر حكومة سوغا». وقال نيشيكاوا «على الجبهة الدبلوماسية هناك نقاط مجهولة كثيرة، وخصوصاً الانتخابات الرئاسية الأميركية».
وقالت مجموعة «كابيتال إيكونوميكس» في مذكرة، إن «تحرير سوق العمل لم ينطلق يوماً في عهد آبي»، موضحة أن «سوغا يمكن أن يحقق نجاحاً أكبر عبر (...). ويمكن للسيد سوغا أن يحقق المزيد من النجاح عبر إصلاح النظام الإداري الياباني القديم». ويؤيد بعض كبار مسؤولي الحزب إجراء انتخابات برلمانية مبكرة من أجل تعزيز شرعية سوغا وتمديد فترة ولايته إلى ما بعد انتهاء ولاية آبي في خريف 2021. لكن سوغا رأى أن الانتخابات ليست أولوية حالياً، مشيراً إلى صعوبة تنظيمها قبل السيطرة على فيروس كورونا المستجد.