انتقادات يمنية لـ«نعومة» إحاطة غريفيث حول التصعيد في مأرب

TT

انتقادات يمنية لـ«نعومة» إحاطة غريفيث حول التصعيد في مأرب

انتقد ناشطون يمنيون الإحاطة الأخيرة لمبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث أمام مجلس الأمن (الثلاثاء) تجاه تصعيد الحوثيين باتجاه محافظة مأرب وقصف الجماعة لمركز المحافظة ومخيمات النازحين بالصواريخ والطائرات المسيرة، واعتبر بعضهم موقف المبعوث بأنه ناعم تجاه الحوثيين في مأرب بالمقارنة مع تحركه في معارك الحديدة نهاية عام 2018 قبيل مشاورات السويد اليمنية.
هذا الاستياء الذي تبدّى في تغريدات الكثير من الناشطين السياسيين على مواقع التواصل الاجتماعي دفع البعض إلى تجديد مطالبة الشرعية بـ«تجميد اتفاق استوكهولم» بشأن الحديدة واستئناف عمليات تحريرها واستعادة موانئها.
واستغرب أنصار الشرعية من ازدواجية المعايير الدولية فيما يخص المخاوف الإنسانية التي قالوا إنها كانت المبرر وراء الضغوط التي أدت إلى وقف معركة تحرير الحديدة، لكنها اختفت من قاموس الأمم المتحدة وضغوطها فيما يخص مدينة مأرب التي يحشد الحوثي جل قواته لمهاجمتها مع أنها تحتضن نحو 3 ملايين يمني أغلبهم نزحوا أو هربوا خوفا من قمع الجماعة الانقلابية.
وفي المقابل، جاءت أصوات خافتة تقول إن المبعوث اتخذ ما يمكن لأي مبعوث اتخاذه، وكرر تحذيره تجاه مأرب والتصعيد العسكري فيها، سيما وأنه يعمل على إنجاح «الإعلان المشترك» بين الطرفين.
غريفيث في إحاطته أمام مجلس الأمن كان اكتفى بوصف المعارك في مأرب بأنها تقوض عملية السلام وقال: «لا ينبغي التقليل من شأن الأهمية السياسية لمأرب، إذ سيكون لتحول المسار العسكري في مأرب تداعيات كبيرة على ديناميات النزاع. وإن سقطت مأرب، سيقوّض ذلك آمال انعقاد عملية سياسية شاملة للدخول في مرحلة انتقالية تقوم على الشراكة والتعددية».
وعبر المبعوث عن قلقه بلهجة توحي أنه قريب من اليأس حينما قال: «في وقت سابق من هذا العام، حذرت من أن اليمن على مفترق طرق حرج وقلت آنذاك إنه إمّا يتمّ إسكات البنادق واستئناف العملية السياسية وإمّا ينزلق اليمن بعيداً عن طريق السلام. وللأسف، يبدو أنّ هذا هو ما يحدث الآن».
ولم تعلق الجماعة الحوثية على إحاطة غريفيث بشكل واضح حتى لحظة إعداد هذه القصة أمس (الخامسة والنصف مساء بتوقيت غرينيتش)، كان عدد من قادة الجماعة أكدوا في تصريحات سابقة عن استبعادهم التوصل إلى أي اتفاق يرعاه غريفيث من قبيل «الإعلان المشترك» الذي يطمح لإنجازه، وذلك بالتوازي مع حشد المزيد من قواتهم لمهاجمة مأرب من كافة الاتجاهات.
في مقابل ذلك ينتقد مراقبون الشرعية في جانب إقناع المجتمع الدولي بخطورة المشروع الحوثي التدميري على اليمن وعلى المنطقة، فضلا عن انتقادات أخرى تتعلق بأولويات المواجهة على المستويين السياسي والعسكري.
وبينما أكد غريفيث أنه وزع مسودة «الإعلان المشترك» على الشرعية وعلى الجماعة الحوثية أملا في أن تحظى بالموافقة أو حتى تقترب منها، كان الخبر الوحيد الذي زفه لأعضاء مجلس الأمن هو الترتيب للقاء ممثلي الطرفين بشأن ملف الأسرى والمعتقلين في سويسرا، وهي اللقاءات التي كانت تكررت أكثر من مرة في العاصمة الأردنية عمان لكنها لم تفض إلى نتيجة، وسط اتهامات الشرعية للجماعة الانقلابية بالتعنت وعدم الجدية في إنجاح مسار هذا الملف الإنساني.
بدورها جددت الشرعية في كلمة مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة عبد الله السعدي خلال جلسة مجلس الأمن الأخيرة، حرصها الكامل على إحلال السلام الدائم المرتكز على المرجعيات الثلاث المتفق عليها وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وفي مقدمها القرار 2216 وقالت إنها «خلال الفترة الماضية قدمت المزيد من المرونة والتجاوب الإيجابي مع كل المبادرات والمقترحات الهادفة إلى إحراز تقدم في عملية السلام الشامل».
وبخصوص مساعي غريفيث بشأن مسودة «الإعلان المشترك» التي تطمح إلى وقف إطلاق النار والتوافق على الإجراءات الاقتصادية والإنسانية واستئناف العملية السياسية، قال السعدي إن «الشرعية تدعم تلك الجهود» لكنه لم يبين نقاط الاعتراض التي قدمتها الشرعية على النسخة الأحدث من مسودة المبعوث الأممي.
كما أشارت كلمة الشرعية إلى أن «الميليشيات الحوثية تقوم بالمقابل بتقويض تلك الجهود والاستمرار في التصعيد والحرب وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة على المدن اليمنية المأهولة بالسكان وخاصة في محافظة مأرب والتي يذهب ضحيتها الأبرياء المدنيون ومعظمهم من النساء والأطفال» وقالت إن ذلك «يعطي مؤشراً واضحاً على رفض الجماعة الصريح لجهود السلام».
واتهمت الشرعية الميليشيات بأنها «تعمل على تقويض العمل الإنساني وسرقة المساعدات الإغاثية وفرض الإتاوات واستهداف المساكن ودور العبادة واستخدام الأطفال وزجهم في الحرب واعتقال النساء والاعتداء عليهن، والاستمرار في قمع الحريات والابتزاز واستغلال معاناة الشعب اليمني للحصول على مكاسب سياسية وارتكاب المزيد من الانتهاكات التي تتعارض مع القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان».
وكانت الجماعة الحوثية في أحدث انتهاك إنساني لها أقدمت الأسبوع الماضي على إغلاق مطار صنعاء الدولي أمام الرحلات الإنسانية والأممية بذريعة نقص الوقود في مناطق سيطرتها، وهو الإجراء الذي نال «قلق غريفيث» في حين عده منسق الشؤون الإنسانية مارك لوكوك «إجراء غير مبرر».
الجماعة التي تريد من خلال هذه الخطوة المزايدة الإنسانية أمام المجتمع الدولي للتهرب من الالتزام بآلية استيراد الوقود إلى موانئ الحديدة والاستمرار في جباية العائدات لمصلحة المجهود الحربي، هددت أيضا بأنها ستوقف الاتصالات والإنترنت والمستشفيات في سياق الابتزاز ذاته، برغم أن ذريعة نقص الوقود لديها لا تنطبق على نقصه فيما يخص تشغيل عرباتها العسكرية التي تهاجم في كل الجبهات.
وحرصا من قبل الشرعية على استمرار تدفق الوقود إلى مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية كانت تقدمت في 26 أغسطس (آب) الماضي بمبادرة لإدخال المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة تضمنت إدخال جميع السفن المستوفية للشروط على أن تودع إيراداتها في حساب خاص جديد لا يخضع للميليشيات وتخصص العائدات لدفع مرتبات الموظفين وفقا لكشوف عام 2014.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».