بعد نصف قرن على وفاته... حكايات عن زيارة جيمي هندريكس التاريخية للمغرب (صور)

صورة لعازف الغيتار الأميركي الراحل جيمي هندريكس في مدينة الصويرة الساحلية المغربية (أ.ف.ب)
صورة لعازف الغيتار الأميركي الراحل جيمي هندريكس في مدينة الصويرة الساحلية المغربية (أ.ف.ب)
TT

بعد نصف قرن على وفاته... حكايات عن زيارة جيمي هندريكس التاريخية للمغرب (صور)

صورة لعازف الغيتار الأميركي الراحل جيمي هندريكس في مدينة الصويرة الساحلية المغربية (أ.ف.ب)
صورة لعازف الغيتار الأميركي الراحل جيمي هندريكس في مدينة الصويرة الساحلية المغربية (أ.ف.ب)

بعد 50 عاماً على وفاة جيمي هندريكس، تحتفي قرية ديابات الصغيرة قرب السواحل الأطلسية في جنوب المغرب بذكرى عازف الغيتار الأسطوري الذي كان له «مرور تاريخي» بالمنطقة قبيل رحيله المأساوي في ريعان الشباب.
ويستذكر الستيني محمد بوعلالة، الذي كبر في ديابات قبل الالتحاق بالجيش، زيارة الموسيقي البريطاني إلى المنطقة قبل أكثر من نصف قرن، قائلاً: «رأيته هنا، لقد كان شاباً مع غيتار على ظهره»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
ففي صيف 1969؛ أجرى العازف اللامع زيارة خاطفة إلى مدينة الصويرة السياحية الواقعة على بعد 5 كيلومترات من ديابات. وتبقى هذه المحطة السريعة ماثلة في ذاكرة المنطقة، لكن ليس من خلال أي صورة أو تسجيل صوتي؛ بل عن طريق الحكايا الكثيرة المتداولة عنها.
ويقول محمد بوعلالة؛ مرتدياً قميصاً تقليدياً بنيّاً: «شاهدت جيمي هندريكس مرة أو اثنتين (...) أتى إلى هنا وزار ديابات مع أصدقائه (...) لكنه لم يسكن هنا يوماً».

ورغم مرور نصف قرن على وفاة الموسيقي الأميركي في 18 سبتمبر (أيلول) 1970 عن 27 عاماً في لندن بعدما تناول مزيجاً قاتلاً من الحبوب المنومة والمشروب، فإن ذكراه لا تزال حاضرة بقوة في مختلف أنحاء القرية الصغيرة.
وتبدو ديابات أشبه بمزار مكرس لجيمي هندريكس؛ إذ تحمل مواقع عدة اسم العازف؛ بينها مقهى «كافيه جيمي» و«نزل هندريكس». كما تنتشر صوره الملونة وشعارات تحيي ذكرى «المرور التاريخي» للعازف قبيل مشاركته المحفورة في الأذهان في مهرجان «وودستوك» عندما كان في قمة مجده.
ويقول عبد العزيز، وهو رجل في الثانية والسبعين من العمر، إنه التقط صورة مع هندريكس لكنه «أضاعها»، واصفاً الموسيقي بأنه «بدا بصحة جيدة، وكان محاطاً بحراسه الشخصيين».
وفي حين حظيت زيارات جيم موريسون وبول ماكارتني وروبرت بلانت إلى المغرب في الستينات والسبعينات بتوثيق دقيق، ثمة لغز لا يزال يكتنف مرور هندريكس بالبلاد، مما يولّد سيلاً من الشائعات التي يتسم بعضها بغرابة شديدة.

ويقول سيزار غليبيك، وهو أحد كاتبي سيرة الموسيقي، في مقابلة نشرها موقع «يونيفايبس» الإلكتروني، إن «زيارته القصيرة خلال صيف 1969 أثارت سيلاً من المعلومات المغلوطة والقصص الوهمية».
وتفيد إحدى الروايات المتداولة بأن العازف الأعسر استلهم من خراب «قصر دار السلطان» المهدوم عند مداخل القرية في تأليف أغنيته الشهيرة «كاسل مايد أوف ساند». لكن هذه الأغنية صدرت سنة 1967؛ أي قبل سنتين من زيارته المغرب.
غير أن هذا الأمر لم يمنع المقهى الصغير الذي تنتشر فيه صور النجم الأميركي، من التباهي بهذه الأغنية من خلال لافتة خشبية موضوعة على الجدار.
ويجري تداول روايات كثيرة عن الأنشطة التي قام بها هندريكس في المغرب، بينها ما تقول إنه جاب أنحاء البلاد في شاحنة صغيرة وكان يرغب في شراء جزيرة قبالة الصويرة أو حتى قرية ديابات برمتها، قبل أن يكتفي بـ«قصر دار السلطان» المهدم.

وقال مغني فرقة «ليد زبلين» الشهيرة روبرت بلانت في مدونة صوتية في يونيو (حزيران) 2019، إن «جيمي هندريكس ذهب إلى الصويرة على السواحل الأطلسية (...) أمور غامضة كثيرة حصلت هناك».
وهو أيضاً آثر «الاقتراب من الصحراء الكبرى» عبر الذهاب إلى مراكش بدلاً من النزول في شمال المغرب كما فعل براين جونز مؤسس «رولينغ ستونز» وآخرون زاروا جبال الريف التي تزرع فيها الحشيشة.
وتمثل ذكرى جيمي هندريكس نقطة جذب للزوار إلى المنطقة. ويقول عبد الحميد النجار، وهو بائع أسطوانات في ديابات: «السياح يقصدون الصويرة خصيصاً من أجل جيمي هندريكس (...) وفي الوقت ذاته، الصويرة مدينة تاريخية وموسيقية».
ومن بين هؤلاء الزوار، تقول الفرنسية لورنس دو بور، البالغة 68 عاماً والتي أمضت شهرين في الصويرة في مطلع السبعينات «مع شلة من الأميركيين»: «كانت حقبة مجنونة بكل تفاصيلها».
وتوضح هذه الفرنسية المقيمة منذ يناير (كانون الثاني) في الصويرة: «لم أرَ يوماً هندريكس، لكني كنت أعرف امرأة مغربية كانت تخيط له المخمل والسترات التي كان يرتديها تحت ملابسه المميزة».
ويحرص سيزار غليبيك في سرده سيرة عازف الغيتار المتحدر من مدينة سياتل الأميركية، على دحض الشائعات المرتبطة بالموسيقي. ويوضح أن هندريكس أتى فعلاً إلى الصويرة حيث نزل في فندق بتصنيف «4 نجوم»، لكن خلافاً لما يروج له المرشدون السياحيون والمولعون بالفنان، فإنه «لم يزر ديابات يوماً».



التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)
ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)
TT

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)
ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)

التقط التلسكوب الفضائي «جيمس ويب» التابع لوكالة «ناسا»، للمرّة الأولى، صورة لِما بدت عليه مجرّتنا في الوقت الذي كانت تتشكَّل فيه؛ جعلت علماء الفضاء يشعرون بسعادة غامرة. وقالت عالِمة الفلك الملكية في اسكوتلندا، البروفيسورة كاثرين هيمانز، لـ«بي بي سي»: «أحبُّ المجرّة البراقة والمتألِّقة بأضواء عيد الميلاد، كأنّ هذه ما كان عليه الكون وهو يبلغ من العمر 600 مليون عام فقط». تُظهر الصورة 10 كرات من النجوم بألوان مختلفة، تبدو مثل زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون. وهذه المرّة الأولى التي شاهد فيها العلماء كتلاً من النجوم تتجمَّع لتُشكل مجرّة مثل «درب التبانة»، فأطلقوا على المجرّة البعيدة اسم «اليراعة المتألّقة»، لتشابُهها أيضاً مع سرب من اليراعات متعدِّد اللون.

من مداره في الفضاء، من دون عوائق من الغلاف الجوّي للأرض، أظهر لنا أقوى تلسكوب على الإطلاق، مزيداً من المجرّات الأبعد، وبالتالي الأقدم؛ لكنها ليست مثل مجرّتنا في المراحل المُبكرة من التشكيل. ووفق الدكتورة لاميا ماولا، من كلية «ويليسلي» في ماساتشوستس، المُشاركة في قيادة البحث، فإنّ «البيانات الخاصة بما حدث في هذه المرحلة من الكون ضئيلة جداً». وأضافت: «هنا نُشاهد مجرّة وهي تتشكَّل حجراً بحجر. فالمجرّات التي نراها عادة حولنا تشكَّلت بالفعل، لذا فإنها المرّة الأولى التي نشهد فيها هذه العملية».

ووصفت البروفيسورة هيمانز، عالِمة الفلك الملكية في اسكوتلندا، والمستقلّة عن فريق البحث، الاكتشاف بأنه «رائع، ومهمّ علمياً وبالغ الاحتفاء»؛ وقالت: «مدهش أن يبني البشر منظاراً يتيح التطلُّع إلى الماضي البعيد جداً، فنرى هذه المراحل الوليدة جداً من المجرّة بطريقة احتفالية جميلة كهذه».

لغز الكون وعجائبه (ناسا)

وتختلف ألوان العناقيد النجمية باختلاف مراحل تكوينها، وفقاً للدكتورة ماولا: «إنها جميلة لأنّ الحياة الباكرة للمجرّة نشطة جداً. نجوم جديدة تولد، ونجوم ضخمة تموت، وكثير من الغاز والغبار حولها، وكثير من النيتروجين والأكسجين... بسبب الحالة التي هي فيها، تتراءى هذه الألوان الجميلة». عندما صادفت ماولا المجرّة، لم ترَ قط كتلاً من النجوم بمثل هذه الألوان الزاهية والمتنوّعة. قادها ذلك للاعتقاد بأنّ ثمة شيئاً مختلفاً حول هذا النظام، لذا تحقّقت من مدى بُعد ذلك. لدهشتها تبيَّن أنه يبعد أكثر من 13 مليار سنة ضوئية.

النور الآتي من «اليراعة المتألّقة» استغرق أكثر من 13 مليار سنة ليصل إلينا. صغير جداً وبعيد جداً، حدَّ أنه لم يكن بإمكان تلسكوب «جيمس ويب» رؤيته، لولا حظوظ المصادفة الكونية. وكان هناك تجمّع من المجرّات بين «اليراعة المتألّقة» وتلسكوب «جيمس ويب»، شوَّهت الزمكان لتمدُّد الضوء من المجرّة البعيدة، وتعمل بفعالية مثل عدسة مكبرة عملاقة.

يٌسمّي علماء الفلك هذه العملية «عدسة الجاذبية»، التي، في هذه الحالة، مكَّنت الباحث المُشارك الدكتور كارثيك أيير من جامعة «كولومبيا» في نيويورك، وأعضاء آخرين من الفريق، من أن يروا للمرّة الأولى، تفاصيل مذهلة لكيفية تكوُّن المجرّات الأولى مثل مجرتنا «درب التبانة». وقال: «إنها تأخذ الضوء الآتي من اليراعة وتثنيه وتضخّمه حتى نتمكن من رؤيته بتفاصيل رائعة».