مصر: لا سبيل سوى الوصول لـ«اتفاق عادل ومستدام» حيال السد الإثيوبي

وزير الري أكد السعي إلى صيغة توافقية تحقق مصالح الدول الثلاث

صورة التُقطت يوليو الماضي تُظهر مشهداً جوياً لسد النهضة الإثيوبي على النيل الأزرق (أ.ف.ب)
صورة التُقطت يوليو الماضي تُظهر مشهداً جوياً لسد النهضة الإثيوبي على النيل الأزرق (أ.ف.ب)
TT

مصر: لا سبيل سوى الوصول لـ«اتفاق عادل ومستدام» حيال السد الإثيوبي

صورة التُقطت يوليو الماضي تُظهر مشهداً جوياً لسد النهضة الإثيوبي على النيل الأزرق (أ.ف.ب)
صورة التُقطت يوليو الماضي تُظهر مشهداً جوياً لسد النهضة الإثيوبي على النيل الأزرق (أ.ف.ب)

أكدت مصر أنه لا سبيل لحل نزاعها المائي مع إثيوبيا، سوى الوصول لـ«اتفاق عادل ومستدام»، بشأن قواعد ملء وتشغيل «سد النهضة»، الذي تبنيه أديس أبابا على «النيل الأزرق»، ويثير توترات مع دولتي القاهرة والخرطوم.
وتُجري الدول الثلاث، مفاوضات منذ مطلع يوليو (تموز) الماضي، برعاية الاتحاد الأفريقي، غير أنها عُلقت نهاية أغسطس (آب) الماضي، بعد فشل إعداد نسخة أولية للاتفاق، الأمر الذي تقرر على أثره قيام كل دولة منفردة بإرسال خطاب إلى رئيس جنوب أفريقيا (رئيسة الاتحاد الأفريقي)، يتضمن رؤيتها للمرحلة المقبلة التي لم تتضح حتى الآن.
وتشدد مصر والسودان على «ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم يضمن حقوق ومصالح الدول الثلاث، وفق اتفاق إعلان المبادئ الموقّع عام 2015، ومبادئ القانون الدولي، على أن يضمن آلية فاعلة وملزمة لتسوية النزاعات».
وفي إطار معالجتها للنزاع، تسعى الحكومة المصرية إلى حشد القوى السياسية المصرية للوقوف إلى جانبها، في قضية وصفها وزير الموارد المائية والري الدكتور محمد عبد العاطي، بـ«أهم القضايا قضايا الأمن القومي»، والذي التقى بدوره مساء أول من أمس، أعضاء «تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين»، بمقر الوزارة، لـ«استعراض جهود الدولة المصرية في إدارة وتنمية الموارد المائية وجهود الحفاظ على أمنها المائي وحقوقها في مياه النيل». وأكد عبد العاطي دور شباب الأحزاب في زيادة وعي المواطنين بالقضايا التي تخص الأمن القومي والتحديات التي تواجهها الدولة، مشيراً إلى «جهود الدولة في إدارة وترشيد الموارد المائية واستخدام التكنولوجيا من نظم استشعار عن بُعد والتليمتري ونظم المعلومات الجغرافية في إدارة المياه من المنابع حتى آخر نقطه في شبكة الري»، منوهاً إلى أن «كفاءة استخدام المياه في مصر تعد من الأعلى مقارنةً بدول العالم والأعلى في أفريقيا». واستعرض الوزير المصري التاريخ التفاوضي للنزاع، والذي بدأ قبل نحو 9 أعوام، وأكد أن «مصر كانت وما زالت داعمة لكل الأشقاء من الدول الأفريقية، وأنه لا سبيل سوى الوصول لاتفاق عادل ومستدام يؤدي إلى التكامل الإقليمي ويحقق المصلحة المشتركة للدول الثلاث». وشدد على أن «المرجو الوصول إلى صيغه توافقية تحقق مصالح الدول الثلاث في ملء وتشغيل السد»، لافتاً إلى أن «الملف يُدار من خلال كل أجهزة الدولة المعنية كلٌّ فيما يخصه، حيث تتولى وزارة الري الشق الفني». بدورهم، أعرب شباب الأحزاب عن «دعمهم جهود الدولة وما تقوم به من إجراءات قانونية وفنية من شأنها الحفاظ على حقوق مصر في مياه النيل، وأن الدولة المصرية لن تتخلى عن حقوقها المائية تحت أي ظرف». وأكد الشباب، حسب بيان وزارة الري، أهمية ملف سد النهضة كونه واحداً من أهم التحديات التي تواجهها مصر خلال هذه المرحلة، وأن اللقاء شكّل «فرصة لمزيد من التوعية بأبعاد قضية سد النهضة، بهدف الترويج لحق مصر في مياه النيل، واستعراض حقيقة ما يُنشر في الإعلام الخارجي من ادعاءات تهدف لتشويه صورة مصر، وتصويرها على أنها ليست صاحبة حق في هذه القضية بل معتدية على تطلعات إثيوبيا في مستقبل أفضل».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.