الحكومة التونسية تتجه لإنهاء احتجاجات «الكامور»

استطلاع يؤكد تفوق حزب موسي على «النهضة» في حال إجراء انتخابات برلمانية

TT

الحكومة التونسية تتجه لإنهاء احتجاجات «الكامور»

بدأ هشام المشيشي، رئيس الحكومة التونسية الجديدة، عقد سلسلة من اللقاءات الهادفة إلى حل عدد من الملفات الاجتماعية الشائكة؛ في مقدمتها ملف شباب الكامور، الذي اعتصم وأوقف ضخ المحروقات من حقول الإنتاج جنوب شرقي البلاد. والتقى المشيشي بنور الدين الطبوبي رئيس «اتحاد الشغل (نقابة العمال)»، الذي أكد أن اللقاء طرح ملف عمال الحضائر الذي «طال أكثر من اللازم»، على حد تعبيره، وتعديل الأجر الأدنى المضمون، إضافة إلى كثير من الملفات القطاعية؛ من بينها قطاع المحروقات واحتجاجات المعطلين عن العمل، ومستحقات عدد من الشركات النفطية التي هددت بغلق مواقع الإنتاج ومغادرة التراب التونسي.
وكانت سلوى الصغير، وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم، قد التقت نهاية الأسبوع الماضي ممثلين عن شركات تونسية - بريطانية، وأخرى نمساوية وإيطالية تنشط في منطقة الكامور، ووعدت بإيجاد حل للاحتجاجات الاجتماعية التي تعطل الإنتاج، وذلك في إطار خطة تشاركية شاملة. كما عدّ الرئيس قيس سعيد أن ملف اعتصام الكامور تابع لمجلس الأمن القومي الذي يترأسه، ووعد بالتدخل لإيجاد حل سريع له.
يذكر أنه تم غلق محطة ضخ البترول بالكامور منذ 17 يوليو (تموز) الماضي، في حركة تصعيديّة لاحتجاجات شباب المنطقة، للمطالبة بحقهم في التنمية والتشغيل، والذين يرفضون إعادة تشغيل المحطّة في حال عدم تنفيذ جميع بنود اتفاق الكامور، الذي تم توقيعه مع الحكومة منذ 16 يونيو (حزيران) 2017.
في غضون ذلك، دعا حزب «قلب تونس»، الذي يترأسه نبيل القروي المرشح السابق لرئاسة تونس، إلى مصالحة وطنية شاملة لإنهاء التجاذبات والخلافات المستمرة بين مختلف الأطراف السياسية، خصوصاً بين التيار الإسلامي والتيار اليساري من جهة؛ والتيار الإسلامي ورموز النظام السابق من جهة ثانية، وقال في ختام الأيام البرلمانية، التي نظمها نهاية الأسبوع الماضي، إن التوتر السياسي الكبير والصراعات المتعددة «لن تجد طريقها إلى الحل إلا من خلال مصالحة شاملة، بعيداً عن منطق الشعارات الضيقة».
لكن عدداً من الأحزاب والمنظمات شككت في جدوى وفاعلية هذه المبادرة، التي سبق أن دعا إليها راشد الغنوشي، رئيس «حركة النهضة»؛ (إسلامية)، الحليف البرلماني لحزب «قلب تونس»، دون أن تجد طريقها إلى التنفيذ.
وتطرح فكرة «المصالحة الوطنية» بين منظومة الحكم القديم، ممثلة في رموز نظام بن علي والمنضمين سابقاً إلى «حزب التجمع الدستوري الديمقراطي» المنحل، والقوى المؤيدة لثورة 2011، والمنادية بضرورة طي صفحة الماضي والنظر إلى المستقبل.
وفي هذا الشأن، قال الأزهر الضيفي، رئيس «ودادية قدماء البرلمانيين»، (جمعية مرتبطة برموز النظام السابق)، إن المصالحة تتطلب 3 شروط أساسية؛ أولها إحداث مصالحة سياسية بين العائلات السياسية الكبرى؛ وهي العائلة الدستورية، والعائلة اليسارية، والعائلة الإسلامية. والشرط الثاني تحقيق مصالحة اقتصادية بين جهات البلاد عبر تقليل فجوة الفوارق الاجتماعية، أما الثالث فيتمثل في خلق مصالحة اجتماعية من خلال تعزيز روابط التضامن والترابط بين الجهات.
يذكر أن الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي سبق أن بادر إلى طرح مبادرة للمصالحة الشاملة، انتهت إلى مصالحة مع كبار موظفي الإدارة، وهو ما يبقي الأمل في إرساء مسار العدالة الانتقالية لتجاوز حالة «الشيطنة المتبادلة»، التي تتطلب الاعتراف بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والاعتذار للضحايا، ومن ثم المصالحة؛ بحسب عدد من المحللين السياسيين.
من جهة ثانية، أكد استطلاع للرأي أجري في سبتمبر (أيلول) الحالي، مواصلة «الحزب الدستوري الحر»، الذي تتزعمه عبير موسى، تصدر نوايا التصويت في الانتخابات البرلمانية للشهر الثاني، وذلك بتحقيق 27 في المائة من الأصوات، رغم تراجعه النسبي مقارنة بالشهر الماضي، في حين حافظت «حركة النهضة» على المرتبة الثانية بنسبة نوايا التصويت نفسها، المسجلة في حدود 23.6 في المائة.
بينما حل حزب «قلب تونس» في المرتبة الثالثة بـ11.4 في المائة، ثم «التيار الديمقراطي» بـ5.6 في المائة. في حين لن يتجاوز عدد الأصوات الممنوحة لـ«ائتلاف الكرامة» حدود 5.5 في المائة.
أما بالنسبة للانتخابات الرئاسية، فما زال الرئيس قيس سعيّد دون منافس، حيث أظهرت نتائج التصويت أنه سيفوز بالانتخابات الرئاسية منذ الدور الأول في حال أجريت حالياً، وذلك بـ67 في المائة من أصوات الناخبين التونسيين. فيما يحتل نبيل القروي المرتبة الثانية بـ7.6 في المائة، وعبير موسي 6.5 في المائة. أما الرئيس السابق المنصف المرزوقي؛ فإنه لن يحصل في حال ترشحه من جديد إلا على نسبة 1.9 في المائة من الأصوات.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.