ماذا نتوقع من اللقاح؟

لقاح يُجرّب على متطوع في مختبر بلندن الشهر الماضي (أ.ب)
لقاح يُجرّب على متطوع في مختبر بلندن الشهر الماضي (أ.ب)
TT

ماذا نتوقع من اللقاح؟

لقاح يُجرّب على متطوع في مختبر بلندن الشهر الماضي (أ.ب)
لقاح يُجرّب على متطوع في مختبر بلندن الشهر الماضي (أ.ب)

من أكثر المواضيع المهمة في الوقت الحاضر فيما يتعلق بـ«كوفيد - 19» الحاجة إلى لقاح لهذا الوباء الجديد والذي كان له تأثير كبير على صحة الإنسان وعلى الاقتصاد العالمي على حد سواء.
وبعد أكثر من تسعة أشهر على اكتشافه، لم تظهر علامات على اختفائه أو تراجعه بشكل طبيعي كما حدث مع فيروسات أخرى سبقته.
تتمتع اللقاحات بجاذبية كبيرة من حيث قدرتها على حماية البشر، ومن الناحية النظرية فإن إنهاء الوباء وطمأنة الناس إلى أن المخاطر الصحية قد تقلصت أو أزيلت يعتمد فعلياً على اللقاحات. ومع ذلك فإن الكثير من الناس غير مقتنعين باللقاحات، حيث إن إعطاء دواء وقائي قد يعني للعديد من البشر تعرض الأشخاص الأصحاء إلى مخاطر حتى لو كانت بسيطة. وحتى لو نجح اللقاح فإن الفوائد ليست واضحة على الفور لأولئك الذين تم تطعيمهم، لذلك تم التركيز على تطوير لقاحات جديدة في السنوات الأخيرة بالتركيز على السلامة والمزيد من الأمان، وهو ما يؤدي إلى زيادة التكلفة في الإنتاج ويستغرق وقتاً طويلاً أيضاً قد يصل إلى عدة سنوات.
وغالباً ما تظهر مشكلات السلامة في المراحل النهائية من تطوير اللقاح وقد تكون أحداث نادرة نسبياً وقد تفشل اللقاحات بعد إنفاق مبالغ كبيرة ووقت طويل وهو ما يحدث بالفعل مع «كوفيد - 19» بسبب فيروس كورونا المستجد.
- تقييم المخاطر
إن الطريقة الحقيقية الوحيدة لإثبات فعالية لقاح «كوفيد - 19» هي المقياس المباشر فيما إذا كان يحمي البشر من العدوى بالفيروس، وهو أمر ليس سهلاً تحقيقه. يقول جوردون دوغان أستاذ في معهد كامبريدج للمناعة العلاجية والأمراض المعدية بجامعة كامبريدج في المملكة المتحدة في مقاله المنشور في 11 سبتمبر (أيلول) 2020 في Nature Medicine، إنه غالباً ما توفر اللقاحات حماية جزئية فقط وتحمي البعض دون البعض الآخر، وهو ما يطلق عليه فعالية اللقاح. وقد يوفر اللقاح حماية بين 50 و100 في المائة، لكن حتى اللقاح المنخفض الفعالية قد يوفر أحياناً تحفيز مناعة القطيع عن طريق الحد من انتقال الفيروس في المجتمع.
- عودة تجارب أكسفورد
أُعلن السبت 12 سبتمبر (أيلول) عن استئناف التجارب على لقاح محتمل لفيروس كورونا تطوره جامعة أكسفورد البريطانية بالتعاون مع شركة أسترازينيكا بعد توقف مؤقت بسبب مرض أحد المتطوعين. وقالت شركة أسترازينيكا إن التجارب توقفت مؤقتاً للتحقيق فيما إذا كان الأثر الجانبي المبلغ عنه مرتبطاً باللقاح. لكن الجامعة اعتبرت أن الوضع آمن للاستمرار بالتجارب وأن الدراسات يمكن أن تستأنف الآن باتباع توصيات لجنة مراجعة السلامة المستقلة والهيئة التنظيمية في بريطانيا. وكان قد تم تعليق تجربة المرحلة الثالثة من اللقاح يوم الأربعاء بعد أن تبين أن إحدى المشاركات البريطانية كانت تعالج للاشتباه بالتهاب النخاع المستعرض، وهي حالة خطيرة تصيب الجهاز العصبي. ومع ذلك لا يزال التشخيص الدقيق غير واضح والفحوصات الطبية جارية.
- ما مميزات لقاح أكسفورد؟
يعتمد لقاح أكسفورد على ما يسمى بالناقل الفيروسي حيث إن الهدف من اللقاح إنتاج استجابة مناعية لفيروس كورونا. لكن بدلاً من استخدام الفيروس نفسه يستخدم العلماء الفيروس الغدي adenovirus المأخوذ من قردة الشمبانزي. ومن المفترض أن يكون هذا الفيروس فيروساً معدلاً تم تعديله وراثياً ليصبح غير ضار بالبشر. وقام العلماء أيضاً بتعديله للتعبير عن بعض الجينات (التعبير الجيني هي العملية التي يتم من خلالها تحويل التعليمات الموجودة في الحامض النووي إلى منتجات وظيفية مثل البروتين) من فيروس كورونا. وتعتمد الفكرة على أن هذا الفيروس يمكنه إدخال جينات الفيروس التاجي إلى الجسم وبدوره سوف يسمح للجسم بالتفاعل مع منتجات جينات الفيروس التاجي دون أن يصاب به.
- الطرق المختلفة للقاح
يطور العلماء أكثر من 100 لقاح لفيروس كورونا باستخدام مجموعة من التقنيات بعضها بدأ بداية موفقة وبعضها الآخر لم تتم الموافقة عليه للاستخدام الطبي من قبل. وتستهدف معظم اللقاحات بروتين الاشواك التي تغطي أو تحيط بالفيروس والتي تساعده على غزو الخلايا البشرية حيث يقوم جهاز المناعة بتطوير اجسام مضادة ترتبط ببروتينات الاشواك وتوقف نشاط الفيروس دون التسبب بالمرض. وهناك مجموعة اللقاحات التي تحوّر الفيروس التاجي بأكمله لإثارة استجابة مناعية، وهي على نوعين النوع الأول اللقاحات التي تستخدم فيروسات حيّة مضعفة ومعطلة غير قادرة على التسبب بالمرض واستجابة لها تقوم الخلايا المناعية بتصنيع الأجسام المضادة. ومن أمثلتها اللقاحات التقليدية للإنفلونزا وجدري الماء والحصبة والنكاف والحصبة الألمانية حيث تقع جميعها في هذه الفئة. وتقوم شركة سينوفاك Sinovac وغيرها بتطوير لقاح «كوفيد - 19» على نفس الأساس. أما النوع الثاني من اللقاحات والمعروفة باللقاحات الوراثية وهي لقاحات تستخدم جزءاً من الشفرة الجينية لفيروس كورونا للحامض النووي أما DNA أو RNA إذ يمكن إنتاج كليهما بأسرع من الطرق التقليدية. ولا توجد لقاحات معتمدة من RNA لكنها قيد التجارب السريرية لفيروس كورونا تقوم بها شركات موديرنا Moderna وفايزر Pfizer وبايونتك BioNTech وكيورفاك CureVac وغيرها. وما زال هناك مجموعة أخرى من اللقاحات التي تستخدم فيروسات غدانية لإيصال جينات الفيروس التاجي إلى الخلايا، كما ورد سابقاً، وتقوم شركة جونسن وجونسن Johnson & Johnson وشركة أسترا زينيكا Astra Zenika بتطوير هذه اللقاحات. وهناك مجموعة أخرى من اللقاحات وهي مجموعة لقاحات الجسيمات الشبيهة بالفيروسات وهي عبارة عن جزيئات تحتوي على أجزاء من البروتينات الفيروسية لا يمكن أن تسبب المرض لأنها ليست فيروسات فعلية لكن لا يزال بإمكانها إظهار شكل بروتينات فيروس كورونا للجهاز المناعي وتوليد استجابة مناعية وتقوم شركة ميديكاغو Medicago ومعهد دوهيرتي Doherty بتطوير تلك التقنية.
- ماذا بعد؟
تقول هانا ستاور Hannah Stower محرر مساعد أول في Genome Biology وعلى نطاق أوسع في علم الوراثة كمحرر مشارك في Nature Reviews Genetic في مقالها المنشور في Nature Medicine في 10 سبتمبر (أيلول) 2020: نحن الآن في منتصف الطريق لتطوير لقاحات جديدة في الوقت الفعلي وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف سيحدث كل هذا خلال الأشهر والسنوات المقبلة. ويمكننا أن نتوقع بعض المخاوف وبعض اللقاحات التي تخرج من السباق. وسنرى تدافعاً للتحصين بمجرد أن تبدأ الإمدادات في الظهور. حيث من المحتمل أن تشتري الدول الغنية الإمدادات التي تشتد الحاجة إليها وتترك البلدان الفقيرة خالية اليدين. وسيستغرق الأمر عدة سنوات لمعرفة ما إذا كان التطعيم فعالاً حقاً وآمناً تماماً. ومهما كانت النتيجة، نحن بحاجة إلى التعلم من هذا الوباء وأن نكون مستعدين للوباء التالي القادم.


مقالات ذات صلة

أكثر من 14 مليار دولار تكلفة الاحتيال المتعلق بـ«كوفيد - 19» في بريطانيا

أوروبا سجّلت بريطانيا أحد أعلى معدلات الوفيات المرتبطة بجائحة كورونا في أوروبا إذ حصد «كوفيد - 19» أرواح نحو 226 ألف شخص (رويترز)

أكثر من 14 مليار دولار تكلفة الاحتيال المتعلق بـ«كوفيد - 19» في بريطانيا

بلغت تكلفة الاحتيال المتعلق ببرامج الدعم الحكومي خلال جائحة كوفيد - 19 في بريطانيا 10.9 مليار جنيه إسترليني (14.42 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق امرأة ترتدي الكمامة خلال فترة انتشار الجائحة في كندا (رويترز)

كيف أثّر وباء «كوفيد» على مرحلة البلوغ لدى الفتيات؟

تسبب الإغلاق الذي فُرض بعد انتشار جائحة «كوفيد - 19» في توقف شبه تام للحياة، وشهد مئات الملايين من الأشخاص تغيُّرات جذرية في أنماط حياتهم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك طفلة تتلقى جرعة من لقاح «موديرنا» لفيروس «كورونا» بصيدلية سكيباك في شوينكسفيل - بنسلفانيا (رويترز)

تقرير أميركي: وفاة 10 أطفال بسبب جرعات التطعيم ضد فيروس «كورونا»

قال مارتي ماكاري، مفوض إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية، اليوم (السبت)، إن البيانات أظهرت وفاة 10 أطفال؛ بسبب جرعات التطعيم ضد فيروس «كورونا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رجل في المكسيك يتلقى جرعة من لقاح الحصبة (رويترز)

لقاحات شائعة تمنع الأمراض المزمنة وبعض أنواع السرطان... تعرّف عليها

لا تقتصر فوائد اللقاحات على حمايتك من أمراض معدية محددة أو تخفيف حدة الأعراض عند الإصابة بالمرض، بل يمكنها أيضاً الوقاية من الأمراض المزمنة الشائعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ شخص يجهز جرعة من لقاح «كوفيد-19» (رويترز)

تقرير: «الغذاء والدواء» الأميركية تربط وفاة 10 أطفال بلقاحات «كوفيد»

كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس (الجمعة) أن إدارة الغذاء والدواء الأميركية ذكرت في مذكرة داخلية أن 10 أطفال على الأقل لقوا حتفهم على «بسبب» لقاحات «كوفيد-19».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ألبانيزي: اعتداء سيدني يبدو مدفوعا بـ«أيديولوجية تنظيم داعش»

رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (إ.ب.أ)
TT

ألبانيزي: اعتداء سيدني يبدو مدفوعا بـ«أيديولوجية تنظيم داعش»

رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (إ.ب.أ)

قال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي الثلاثاء إن الهجوم على حشد كان يحتفل بعيد حانوكا اليهودي على شاطئ بوندي في سيدني يبدو أنه «مدفوع بأيديولوجية تنظيم داعش».

وقتل ساجد أكرم وابنه نافيد 15 شخصا في عملية إطلاق نار جماعي استهدفت احتفالا يهوديا بعيد حانوكا على الشاطئ الشهير مساء الأحد. ووصفت السلطات الهجوم بأنه عمل إرهابي معادٍ للسامية، لكنها لم تقدم حتى الآن سوى القليل من التفاصيل حول الدوافع الأعمق للاعتداء.

لكن ألبانيزي قدّم الثلاثاء أحد التلميحات الأولى بأن الرجلين جُنّدا قبل ارتكاب «مذبحة جماعية« وقال «يبدو أن ذلك كان مدفوعا بأيديولوجية تنظيم داعش... الأيديولوجية التي كانت سائدة لأكثر من عقد والتي أدت إلى أيديولوجية الكراهية هذه، وفي هذه الحالة، إلى الاستعداد للانخراط في القتل الجماعي».

وأوضح ألبانيزي أن نافيد أكرم البالغ 24 عاما لفت انتباه وكالة الاستخبارات الأسترالية عام 2019 «بسبب صلته بآخرين» لكن لم يُعتبر تهديدا وشيكا وقتها. وأشار إلى أنه «تم توجيه الاتهام إلى اثنين من الأشخاص الذين كان على صلة بهم وأودعا السجن، لكنه لم يُعتبر في ذلك الوقت شخصا محل اهتمام».

وأطلق الرجل وابنه النار على الحشد عند الشاطئ لمدة 10 دقائق قبل أن تفتح الشرطة النار على ساجد البالغ 50 عاما وتقتله. أما نافيد الذي أصيب برصاص الشرطة فنقل إلى المستشفى حيث يرقد في حالة حرجة.


زيلينسكي: مواقفنا مختلفة مع الأميركيين بمسألة الأراضي في محادثات السلام

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس في مقر المستشارية في برلين بألمانيا 15 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس في مقر المستشارية في برلين بألمانيا 15 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
TT

زيلينسكي: مواقفنا مختلفة مع الأميركيين بمسألة الأراضي في محادثات السلام

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس في مقر المستشارية في برلين بألمانيا 15 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس في مقر المستشارية في برلين بألمانيا 15 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الاثنين، إن مسألة الأراضي لا تزال قضية شائكة في محادثات السلام لإنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا، لكنه عبّر عن اعتقاده أن الولايات المتحدة ستساعد كييف في التوصل إلى حل وسط.

وأضاف في حديثه للصحافيين في برلين أن أوكرانيا مستعدة للعمل العادل الذي يؤدي إلى اتفاق سلام قوي، وأن مفاوضي كييف سيواصلون التحدث إلى نظرائهم الأميركيين، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

المستشار الألماني فريدريش ميرتس والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يعقدان مؤتمراً صحافياً في المستشارية ببرلين 15 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

«قضايا معقّدة»

وتحدث الرئيس الأوكراني عن موقفين «مختلفين» بين بلاده والولايات المتحدة حول إمكان تنازل كييف عن أراضٍ لموسكو بهدف إنهاء الحرب.

وقال زيلينسكي إثر اجتماع بين مفاوضين أوكرانيين وأميركيين في برلين «هناك قضايا معقدة، خصوصاً تلك المتصلة بالأراضي... فلنقل بصراحة إن مواقفنا لا تزال مختلفة».

وأكد زيلينسكي أن المحادثات بين مفاوضي السلام الأميركيين والأوكرانيين لم تكن سهلة، لكنها كانت مثمرة، وإن روسيا تستخدم هجماتها على أوكرانيا كوسيلة ضغط في تلك المحادثات.
وأضاف زيلينسكي أنه لم تَسلَم محطة طاقة واحدة في أوكرانيا من الضربات الروسية على منظومة الطاقة في البلاد

«إحراز تقدم حقيقي»

من جهته، أعلن كبير المفاوضين الأوكرانيين في المحادثات مع الولايات المتحدة حول الخطة الهادفة إلى إنهاء الحرب مع روسيا، الاثنين «إحراز تقدم حقيقي»، وذلك إثر الاجتماع المغلق في برلين.

وكتب رستم عمروف على منصة «إكس» أن «المفاوضات بين أوكرانيا والولايات المتحدة كانت بناءة ومثمرة، مع إحراز تقدّم حقيقي. نأمل أن نتوصل إلى اتفاق يقرّبنا من السلام بحلول نهاية هذا اليوم».

لكن المكتب الإعلامي لرستم عمروف عاد وأوضح للصحافيين أنه من غير المتوقع التوصل لأي اتفاق، الاثنين، وأن المقصود هو أنه «يأمل في مواءمة مواقفه» مع موقف الوفد الأميركي.

وقال عمروف إن الموفدين الأميركيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر «يعملان بشكل بنَّاء جداً لمساعدة أوكرانيا في إيجاد طريق نحو اتفاق سلام دائم».

جاريد كوشنر (يمين) صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب والمبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف (يسار) يغادران فندق أدلون في برلين في 15 ديسمبر 2025 لحضور اجتماع في المستشارية لإجراء محادثات حول كيفية إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية (أ.ف.ب)

«ضمانات أمنية قوية»

إضافة إلى ذلك، قالت الولايات المتحدة، الاثنين، إنها عرضت على أوكرانيا ضمانات أمنية قوية أشبه بما يوفّره حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وأبدت ثقة بأن روسيا ستقبل بذلك، بينما وصفته واشنطن بأنه اختراق على مسار إنهاء الحرب.

ووصف مسؤولون أميركيون المحادثات التي استمرت ساعات مع الرئيس فولوديمير زيلينسكي في برلين بأنها إيجابية، وقالوا إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب سيتصل في وقت لاحق، الاثنين، بكلّ من زيلينسكي والأوروبيين للدفع قُدماً بالاتفاق.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يلتقي مع المفاوضين الأميركيين جاريد كوشنر وستيف ويتكوف والمستشار الألماني فريدريش ميرتس والقائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي في أوروبا الجنرال أليكسوس غرينكويتش من القوات الجوية الأميركية... في برلين 14 ديسمبر 2025 (رويترز)

ولفت المسؤولون الأميركيون إلى أنه يتعيّن على أوكرانيا أيضاً القبول بالاتفاق الذي قالوا إنه سيوفّر ضمانات أمنية مماثلة للمادة الخامسة من معاهدة حلف «الناتو» التي تنص على أن أي هجوم على أحد الحلفاء يُعد هجوماً على الجميع.

وقال مسؤول أميركي طلب عدم كشف هويته إن «أسس ذلك الاتفاق تستند بشكل رئيسي إلى وجود ضمانات قوية حقاً، على غرار المادة الخامسة (من معاهدة الحلف)، إضافة إلى ردع قوي للغاية» بحجم الجيش الأوكراني.

وأضاف: «تلك الضمانات لن تبقى مطروحة على الطاولة إلى الأبد. إنها مطروحة الآن إذا جرى التوصل إلى خاتمة جيدة».

وسبق أن استبعد ترمب انضمام أوكرانيا رسمياً إلى الحلف الأطلسي، وتماهى مع روسيا في اعتبارها أن تطلعات كييف للانضواء في التكتل هو أحد أسباب الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية في عام 2022.

خلال المفاوضات الأوكرانية الأميركية بحضور المستشار الألماني فريدريش ميرتس في قاعة مؤتمرات في المستشارية ببرلين 14 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

«ثقة» بقبول روسي للاتفاق

وأعرب مسؤول أميركي آخر عن ثقته بقبول روسيا بالاتفاق. وقال هذا المسؤول: «أظن أن الأوكرانيين سيقولون لكم، وكذلك سيقول الأوروبيون، إن حزمة البروتوكولات الأمنية هذه هي الأكثر متانة التي اطلعوا عليها على الإطلاق. إنها حزمة قوية جداً جداً».

وتابع: «أعتقد، ونأمل، أن الروس سينظرون إليها ويقولون في قرارة أنفسهم، لا بأس، لأن لا نية لدينا لانتهاكها»، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

لكنه شدّد على أن «أي انتهاكات ستُعالَج من خلال حزمة الضمانات الأمنية».

وأقرّ المسؤول الأول بعدم التوصل لاتفاق بشأن الأراضي. ويتحدّث ترمب عن حتمية تنازل أوكرانيا عن أراضٍ لروسيا، وهو ما يرفضه زيلينسكي تماماً.

وقال المسؤول الأميركي الأول إن الولايات المتحدة ناقشت مع زيلينسكي طرح «المنطقة الاقتصادية الحرة» في المنطقة المتنازع عليها عسكرياً في الوقت الراهن.

وأضاف: «أمضينا وقتاً طويلاً في محاولة تحديد ما سيعنيه ذلك وكيف سيُطبَّق. وفي نهاية المطاف، إذا تمكّنا من تحديد ذلك، فسيكون الأمر متروكاً للأطراف لحلحلة القضايا النهائية المتّصلة بالسيادة».

وقاد الوفد الأميركي المفاوض في برلين المبعوث الخاص لترمب ستيف ويتكوف وصهر الرئيس جاريد كوشنر.


مفوض الأمم المتحدة للاجئين يندد بالتقليص «غير المسؤول» للمساعدات الإنسانية

المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي يدلي ببيانه خلال افتتاح المنتدى العالمي لاستعراض التقدم المحرز الذي أجرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين... في جنيف بسويسرا 15 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي يدلي ببيانه خلال افتتاح المنتدى العالمي لاستعراض التقدم المحرز الذي أجرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين... في جنيف بسويسرا 15 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
TT

مفوض الأمم المتحدة للاجئين يندد بالتقليص «غير المسؤول» للمساعدات الإنسانية

المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي يدلي ببيانه خلال افتتاح المنتدى العالمي لاستعراض التقدم المحرز الذي أجرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين... في جنيف بسويسرا 15 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي يدلي ببيانه خلال افتتاح المنتدى العالمي لاستعراض التقدم المحرز الذي أجرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين... في جنيف بسويسرا 15 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

ندد المفوض السامي للاجئين في الأمم المتحدة، اليوم (الاثنين)، بالاقتطاعات في المساعدات الإنسانية هذا العام، معتبراً أنها «غير مسؤولة».

وقال فيليبو غراندي في مستهل اجتماع متابعة للمنتدى العالمي حول اللاجئين في جنيف: «طبعت العام الفائت سلسلة من الأزمات: إنها عاصفة فعلية»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأشار إلى «الفظائع اللامتناهية التي ترتكب في السودان وأوكرانيا وغزة وبورما (ميانمار)»، مندداً كذلك ﺑ«الانهيار المفاجئ وغير المسؤول والذي يفتقر إلى رؤية بعيدة المدى للمساعدة الدولية».

مأوى لعائلة فلسطينية نازحة في مخيم الشاطئ للاجئين في مدينة غزة... 14 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

وخفّض تمويل مفوضية اللاجئين بنسبة 35 في المائة منذ بداية العام. وتواجه العديد من المنظمات الدولية الأخرى تقليصاً كبيراً للمساعدة الدولية، وخصوصاً منذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، علماً بأن الولايات المتحدة كانت أكبر ممول للمساعدة الإنسانية.

ولاحظ غراندي أن هذا الوضع «يدمر القطاع الإنساني ويتسبب بقدر كبير ومن دون طائل من المعاناة».

وأوضح أن 2025 كان عاماً «تعرّض فيه اللاجئون غالبا لتشويه صورتهم واعتُبروا بمثابة كبش فداء في أماكن عدة».

أشخاص يتجمعون للحصول على هدايا خيرية بعد فرارهم من منطقة متنازع عليها في مخيم للاجئين في مقاطعة أودار مينتشي... كمبوديا 11 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

وأضاف غراندي الذي تنتهي ولايته مع نهاية العام بعدما أمضى عشرة أعوام في منصبه: «يستغل المتاجرون بالبشر معاناتهم لتحقيق الربح، ويستغل السياسيون وضعهم لكسب الأصوات في الانتخابات».

وأشار أيضاً إلى «سياق عالمي يجاز فيه للكراهية أن تنشر في شكل متزايد الانقسامات العنصرية».

ويرتقب أن يعلن المانحون التزامات في هذا الاجتماع في وقت تواجه مفوضية اللاجئين أزمة عميقة، علماً أن عدد النازحين قسرا في العالم والذي قُدّر في منتصف 2025 ﺑ117.3 مليون شخص، تضاعف في عشرة أعوام.

لاجئون من شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية وصلوا حديثاً بعد اندلاع قتال جديد يصطفون في نقطة توزيع الطعام في مخيم نياروشيشي للعبور في مقاطعة روسيزي في رواندا... 11 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

وبسبب اقتطاعات واشنطن التي كانت تؤمن 40 في المائة من موازنة المفوضية، وقيود مالية فرضتها دول مانحة أخرى، أُجبرت المنظمة على إلغاء أكثر من ربع وظائفها منذ بداية العام، واستغنت عن نحو خمسة آلاف من المتعاونين معها.

ويأتي اجتماع جنيف بعيد تعيين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الرئيس العراقي الأسبق برهم صالح على رأس المفوضية. ويحتاج تعيينه إلى موافقة الجمعية العامة للمنظمة الأممية.