وزير التربية السوري «يتجاهل» مخاوف الأهالي مع بداية العام الدراسي

شارك التلاميذ في التمارين الصباحية وسط تحذيرات طبية من اشتداد الفيروس

ثلاثة ملايين و800 ألف تلميذ وتلميذة بدأوا عامهم الدراسي في سوريا أمس (إ.ب.أ)
ثلاثة ملايين و800 ألف تلميذ وتلميذة بدأوا عامهم الدراسي في سوريا أمس (إ.ب.أ)
TT

وزير التربية السوري «يتجاهل» مخاوف الأهالي مع بداية العام الدراسي

ثلاثة ملايين و800 ألف تلميذ وتلميذة بدأوا عامهم الدراسي في سوريا أمس (إ.ب.أ)
ثلاثة ملايين و800 ألف تلميذ وتلميذة بدأوا عامهم الدراسي في سوريا أمس (إ.ب.أ)

أثار وزير التربية السوري، دارم طباع، جدلاً في اليوم الأول لافتتاح العام الدراسي، بعدما ظهر وهو يشارك في تمارين الرياضة الصباحية بمدرسة «الشهيد أسامة محمد محمد» المختلطة المحدثة للتعليم الأساسي في ضاحية الأسد بريف دمشق. وأظهرت الصور التي نشرتها وسائل الإعلام الرسمية، الوزير يصطف خلف عضو القيادة المركزية لحزب البعث ياسر الشوفي، ويؤديان حركات رياضية بالملابس الرسمية، فيما اعتُبر رفضاً لكافة الدعوات الصادرة عن الجهات الطبية لتأجيل موعد افتتاح العام الدراسي، بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، وخشية حصول قفزة في أرقام الإصابات، لا سيما بين تلاميذ الحلقة الأولى من التعليم الأساسي.
وأعلنت وزارة التربية في دمشق، أمس الأحد، بدء نحو 3 ملايين و800 ألف طالب وتلميذ من مختلف المراحل التعليمية عامهم الدراسي في 13 ألفاً و280 مدرسة، في «ظل إجراءات احترازية للوقاية من فيروس كورونا»، وذلك بعد تأجيلها نحو أسبوعين عن موعدها المقرر في الأول من شهر سبتمبر (أيلول)، بسبب تفشي الوباء. وأصدرت وزارة التربية، في 20 أغسطس (آب) الماضي، بروتوكولاً صحياً للعودة إلى المدارس، كما أعلنت عن قيامها بحملات تعقيم للمدارس، إلا أن ذلك لم يبدد شكوك الأهالي بتحقيق شروط النظافة والسلامة الصحية في مدارس مكتظة ينحشر في كل شعبة منها حوالي 40 طالباً، كل ثلاثة منهم يجلسون في مقعد واحد، كما أن غالبية المدارس تفتقر لدورات مياه نظيفة بسبب شح الماء. ولم يحد من هذه المخاوف إعلان مدير التربية في دمشق، سليمان يونس، قبل يومين، بأن المديرية عملت على تعقيم جميع المدارس قبل عودة الطلاب، وجهزت دورات المياه والخزانات، ووزعت المعقمات عليها.
ونشرت وكالة الأنباء السورية، أمس، تقريراً وصوراً حول بدء العام الدراسي بجولة لوزير التربية دارم طباع، على عدة مدارس في دمشق وريفها، ظهرت فيها المدارس نظيفة، واتباع إجراءات التباعد داخل الشعب، مع تزيين بالبالونات الملونة وتلاميذ بعضهم يرتدي كمامة، الأمر الذي أثار السخرية بأن تلك المدارس جهزت لالتقاط صور للوزير، لكنها لا تعبر عن الواقع الذي يعرفه الأهالي تماماً في بلد دمرته حرب مستمرة منذ عشر سنوات. لكن الوزير استهل منصبه الجديد بإصرار على تجاهل التحذيرات الطبية ونداءات الأهالي وحملات مقاطعة المدارس التي أُطلقت عبر منصات التواصل الاجتماعي، والرسائل التي ناشدت وزارة التربية تأجيل افتتاح العام الدراسي لغاية بداية الشهر العاشر، بناءً على تحذيرات طبية من احتمال انفجار أرقام الإصابات بفيروس كورونا مجدداً. ونبه عميد كلية الطب البشري بجامعة دمشق، نبوغ العوا، إلى أن الأطفال «ناقل جيد للمرض»، مقترحاً تأجيل بدء الدوام المدرسي 15 يوماً لطلاب المرحلة الابتدائية، «لأنه ليست لديهم شهادات كالإعدادية والثانوية». وفي السياق ذاته، حذر مدير عام الهيئة العامة لـ«مشفى المواساة»، عصام الأمين، من إعادة فتح المدارس، لأن أي تجمع أو اختلاط حالياً هو وسيلة لانتشار فيروس «كورونا». وجاء رد وزير التربية طباع على تلك الاقتراحات بالقول عبر وسائل الإعلام الرسمي، إن «الأطفال أكثر وعياً، بدليل أن العدد الأكبر من الإصابات كان عند الكبار، بالأخص الأطباء، وذلك لأن الأطباء أهملوا اتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية. أما الأطفال فكانوا أكثر وعياً لمتابعتهم حملات التوعية عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي». كما رفض مقترح عميد كلية الطب، وقال: «نحترم عميد كلية الطب البشري بآرائه المطروحة فيما يتعلق بتأجيل المدارس، لكنه لم يغلق المشافي ولا الجامعة المشرفة عليها».
وتلقى عميد كلية الطب البشري رد الوزير باستهجان كبير، مؤكداً على أن طرحه هو «اقتراح طبي» بهدف «مراقبة منحنى الإصابات خلال أسبوعين باستمراره بالشكل الأفقي لإمكانية عودة الطلاب إلى المدارس دون خوف، بحيث لا تتعرض جميع العائلات السورية للإصابة، ويتصاعد المنحنى»، مشيراً إلى أن الأطفال الذي تتراوح أعمارهم بين 4 إلى 12 عاماً هم أكثر الأشخاص، نقلاً لفيروس كورونا المستجد، لأن (الأطفال) لا تظهر عليهم الأعراض». كما حذّر من عدم قدرة جميع المدارس السورية على «الالتزام بالتعقيم واستخدام الصابون والمياه». وحول مطالبة وزير التربية بإغلاق المشافي، قال العوا: «إغلاق المشافي لا يعادل تأخير المدارس، وليس على قدر الاقتراح، وفي حال تم إغلاق المشافي أين سنضع ونعالج المرضى!». كانت وزارة الصحة بدمشق قد أعلنت تراجع الإصابات اليومية بفيروس كورونا المستجد إلى النصف في 12 سبتمبر الحالي، حيث وصل عدد الإصابات إلى 3506 إصابات، توفي منهم 152 شخصاً.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».