«الجيش الوطني» يعلن «حماية المتظاهرين» شرق ليبيا

الاحتجاجات تطال مقرات حكومية في بنغازي... وتتجدد ضد «الوفاق» في طرابلس

محتجون يقطعون طريقاً في بنغازي مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
محتجون يقطعون طريقاً في بنغازي مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

«الجيش الوطني» يعلن «حماية المتظاهرين» شرق ليبيا

محتجون يقطعون طريقاً في بنغازي مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
محتجون يقطعون طريقاً في بنغازي مساء أول من أمس (أ.ف.ب)

أعلنت قيادة «الجيش الوطني» الليبي، في بيان، مساء أمس، عن دعمها لما وصفته بـ«حق الشعب في التظاهر ورفض الواقع المرير»، بعد امتداد المظاهرات التي شهدتها مناطق ليبية متفرقة إلى شرق البلاد.
وأكد الجيش أنه «يقف إلى جانب الشعب في سبيل تحقيق مطالبه العادلة والخروج بمظاهرات للمطالبة بحقوقه»، وأن قواته «مستمرة في حماية المتظاهرين». ودعا المحتجين إلى «التظاهر في الساحات العامة والميادين على أن تكون المظاهرات وضح النهار حتى يتم تأمينها بشكل جيد».
وعاشت المنطقة الشرقية في ليبيا ليلة من الاحتجاجات العنيفة، ليل السبت - الأحد، بعدما تحولت مظاهرات دخلت يومها الثالث على التوالي ضد تدهور الأوضاع المعيشية، إلى مظاهر عنف، وحاول متظاهرون إحراق مقر الحكومة الموازية برئاسة عبد الله الثني في مدينة بنغازي، تزامناً مع محاولة اقتحام مديرية أمن المرج.
واندلعت احتجاجات في المرج وبنغازي، إضافة إلى مدينة سبها ووادي البوانيس وبعض بلديات المنطقة الجنوبية. ونجحت السلطات المحلية في السيطرة على حريق بمدخل مقر حكومة الثني في بنغازي أضرمته مجموعة، بينها مسلحون، اتهمتها الشرطة بـ«البلطجة».
وقال شهود إن الاحتجاجات اندلعت أيضاً في وقت متأخر من مساء أول من أمس في البيضاء، المقر السابق للحكومة، وفي سبها في الجنوب، وللمرة الأولى في المرج التي تعد معقلاً لقوات «الجيش الوطني». وكما حدث في مظاهرات المنطقة الغربية أخيراً؛ خصوصاً في طرابلس، خرج مئات المحتجين في مدن شرق البلاد للاحتجاج على النخبة السياسية وأوضاع المعيشة المتردية، ومنها انقطاعات الكهرباء المطولة وأزمة مصرفية حادة. ولاحظت وزارة الداخلية في الحكومة، جنوح بعض المتظاهرين إلى الاعتداء على المقرات الحكومية، ومحاولة اقتحام بعض الإدارات الأمنية بقوة السلاح، مشيرة إلى أنها قامت بواجباتها في حماية المتظاهرين السلميين وتأمين المظاهرات. وقالت مصادر أمنية إن «مديرية أمن المرج اضطرت إلى إطلاق النار في الهواء لتفريق مجموعة من المحتجين حوّلت مسار المسيرة ضد انقطاع الكهرباء وتردي المعيشة إلى أمام مقر المديرية والمطالبة بتغيير مديرها، كما تعرض قسم المرور والتراخيص لمحاولة إشعال النار فيه».
وطبقاً لتقارير وشهود عيان، تعرض مقر المديرية إلى «إطلاق نار ومحاولة حرق برمي أجسام مشتعلة داخل أسوارها من قبل محتجين، قبل أن تنجح عناصر الشرطة مع قوات الجيش التي تم نشرها في السيطرة على الوضع». وقال ناطق باسم المديرية لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمور ممتازة جداً وعادت الشرطة لتأمين المدينة»، بينما تحدثت مصادر عن اعتقال مجموعة من الأشخاص بينهم 3 غير ليبيين حاولوا اقتحام مقر مديرية الأمن لإحراقه.
وحثّ المجلس التسييري لبلدية المرج، المواطنين على «ضبط النفس والهدوء للمحافظة على المدينة والمطالبة بالحقوق بالطرق السلمية»، كما دعا مجلس حكماء وأعيان المدينة إلى «عدم الاقتراب من المواقع الأمنية والعسكرية وتفادي انتهاج سياسة التخريب». وتزامنت هذه التطورات مع تجمع لعشرات المحتجين خارج مبنى تابع لحكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج في طرابلس، احتجاجاً على إصداره قرارات بتعيينات حكومية مثيرة للجدل، استجابة لدعوة من الصادق الغرياني المفتي السابق للبلاد. ورفع المحتجون شعارات للتنديد بحكومة السراج وقراراتها، اتهمتها بـ«الانقلاب على ثورة فبراير ر(شباط)» التي أطاحت نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011.
وصبّ المحتجون جام غضبهم على تعيين محمد بعيو لتولي مؤسسة الإعلام التابعة للحكومة، واعتبروه «أحد فلول النظام السابق»، إذ أصدر ما يسمى بـ«حراك بركان الشعب» الذي يضم مقاتلين تابعين لحكومة «الوفاق» ومؤسسات مدنية وإعلامية، بياناً طالب فيه السراج بالتراجع عن تعيين بعيو واختيار «شخصيات وطنية نظيفة تؤمن بمدنية الدولة».
وتعبيراً عن استمرار تدهور الأوضاع المعيشية في طرابلس، منح المجلس البلدي لحي الأندلس مهلة يومين للحكومة لتنفيذ مطالبه بشأن حل أزمة الكهرباء ومكافحة تفشى وباء «كورونا»، مهدداً بإعلان الإضراب التامّ وإغلاق المصالح الحكومية كافة.
إلى ذلك، وفي أول ظهور إعلامي له بعد توليه منصب رئيس الأركان العامة لقوات «الوفاق»، بحث الفريق أول محمد الحداد في اجتماع موسع في العاصمة مع آمر غرفة عمليات سرت والجفرة العميد إبراهيم بيت المال وضباط غرفة العمليات الرئيسية والميدانية وآمري المحاور، الأوضاع الميدانية بمحاور غرب سرت. وقالت غرفة عمليات تأمين وحماية سرت والجفرة التابعة لحكومة «الوفاق» إن الاجتماع استهدف «الوقوف على بعض الأمور الفنية المتعلقة بالقوات من توفير بعض الاحتياجات والإمكانات المهمة»، مشيرة إلى أن الحداد «أبدى استعداده لتجهيزها في أقرب وقت».
من جهة أخرى، كان مقرراً مساء أمس أن يعلن «الجيش الوطني» موقفه من إعلان السفارة الأميركية المفاجئ أول من أمس عن تعهد المشير خليفة حفتر إعادة فتح المنشآت النفطية بالكامل في البلاد. ونوّه اللواء أحمد المسماري الناطق الرسمي باسم الجيش، إلى احتمال إصدار «بيان مهم»، فيما كشفت مصادر مقربة من حفتر لـ«الشرق الأوسط» إجراءه مشاورات مكثفة خلال الساعات الماضية مع أطراف إقليمية ودولية عدة.
وفي حين نقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر أن مفاوضات الجيش بشأن إعادة فتح النفط بما يضمن عدم تعرض إيراداته للسرقة لا تزال مستمرة، نقلت وكالة «رويترز» عن مصدر مقرب من حفتر أن الأخير «استطاع تحقيق شرط التوزيع العادل لإيرادات النفط للمرة الأولى في تاريخ ليبيا»، متوقعاً صدور إعلان رسمي وشيك. وقال مهندسون في حقلين للنفط وميناء إن المنشآت لا تزال مغلقة، بينما أحجمت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط المملوكة للدولة، ومقرها طرابلس، عن التعليق على الإعلان الأميركي. وقالت السفارة الأميركية لدى ليبيا في بيان لها، مساء أول من أمس، إن حفتر نقل إلى الحكومة الأميركية التزامه الشخصي بالسماح بإعادة فتح قطاع الطاقة بالكامل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».