رحلة مجدي نجيب «شاعر الألوان» بين الأساطير الشعبية في معرض فني

عبر 30 لوحة بـغاليري «قرطبة» بالقاهرة، يستطيع زائر معرض «شاعر الألوان» التعرف على رحلة الشاعر والفنان التشكيلي المصري مجدي نجيب في عالم الأساطير الشعبية الذي كرس له معظم حياته وأعماله الفنية.
وتبرز لوحات المعرض تجربة نجيب الفنية الثرية، والتي بدأت مطلع ستينات القرن الماضي؛ إذ عاش مجدي نجيب (84 عاماً)، مشواراً حافلاً بين الشعر والفن التشكيلي، وأخلص للشعر بشكل أكبر وقدم أغنيات بارزة لكبار نجوم الغناء العربي، من بينهم عبد الحليم حافظ «كامل الأوصاف»، وفايزة أحمد «العيون الكواحل»، وكتب لشادية «قولوا لعين الشمس»، كما غنى له هاني شاكر، وعفاف راضي، وأنوشكا، وقدم نحو 23 أغنية للمطرب محمد منير، من بينها «شبابيك، ممكن، حواديت»، كما طرح دواوين عدة، من بينها «صهد الشتا»، و«ليالي الزمن المنسي».
وبمجرد أن تطأ قدمك قاعة «قرطبة» ينتابك إحساس بالبهجة بحالة الزخم اللوني في اللوحات وكأنها معزوفة غنائية، ففيها الآلات الموسيقية والراقصون بملابسهم الزاهية، وتتكامل أعماله في رؤية بصرية كاشفة عن تأثره بالأجواء الشعبية التي تعبر عنها عناصر فنية كالعروس والحصان.
ويقول «شاعر الألوان» مجدي نجيب لـ«الشرق الأوسط»، «أعشق الألوان مثل الأطفال، فحين أجد ألواناً أشعر كأني طفل حصل على قطعة شوكولاتة، لكنني لا أضع تخطيطاً للألوان، بل أرسم وألوّن بإحساسي وبشكل تلقائي».
وعن علاقة الشعر بالفن التشكيلي، يؤكد «لا يوجد فرق بينهما لدي، فأنا أحب الشعر والرسم، وأرى أنهما يكملان بعضهما، فقد أبدأ في قصيدة ولا أصل لنهايتها فأرسمها ليخرج الإحساس قريباً مما كنت أتطلع إليه، لكن رسم اللوحة يستغرق وقتاً أكثر من القصيدة أو الأغنية».
ويضم المعرض لوحات رسمها الفنان على الخشب رغم أنه يفضل الرسم على التوال «أرسم على الورق في مجلات الأطفال، وبعض اللوحات أبداها برسم (سكتش) على الورق ثم أرسمها على التوال أو الخشب، لكنني أفضّل التوال لأنه يحتفظ بالألوان كما هي بينما الخشب تتغير درجة اللون به مع الوقت».
وعلى رغم موهبته الفنية الكبيرة، فإن معرض «شاعر الألوان» يعد رابع معارض نجيب الفنية الفردية؛ إذ أقام قبل عامين معرض «أساطير» الذي جاءت لوحاته في أجواء الأساطير القديمة بما يشبه تجربته الشعرية، وعن قلة معارضه الفنية يقول «لقد طغى الشعر على الرسم عندي منذ البداية، لكن الآن يحدث العكس ويستحوذ الرسم على وقتي تماماً وأقضي أغلب النهار في الرسم لأنني أحب الضوء الطبيعي، كما أن كتابة الشعر والأغاني لم تعد مجدية، فاخترت أن أعيش مع الألوان، وبين وقت وآخر تلح عليّ أغنية جميلة لأكتبها، لكن لا يوجد أصوات مشجعة ولا موسيقيون، بل الأعمال الغنائية أصبحت متشابهة، وأنا لا أحب أن أشبه أحداً؛ لذا يأخذني الرسم وأجد نفسي فيه بشكل أكبر، ولدي معرض جديد آخر أنجزت لوحاته منذ فترة وأنتظر افتتاحه».
يهدف معرض «شاعر الألوان» إلى نقل تجربة الفنان الكبير الذي طغت شهرته كشاعر على موهبته كفنان تشكيلي، رغم تميز وثراء تجربته الفنية المستمدة من الأساطير الشعبية والموروث الشعبي من الفن الإسلامي والقبطي والفرعوني، بحسب محمد الجبالي، مدير قاعة «قرطبة»، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»، «هناك خط موازٍ بين الفن التشكيلي والغناء لدى مجدي نجيب، فهو يقدم في لوحاته معزوفات غنائية مما يعكس تأثر لوحاته بكونه شاعراً غنائياً».
وأكد الجبالي أن «لوحات المعرض تسلط الضوء على تجربة (شاعر الألوان) كلها؛ فهو صاحب أسلوب مميز لا يشبه أي فنان آخر؛ إذ يجمع فيه بين الأصالة والمعاصرة مستخدماً باليتة ألوان مبهجة».
واختتم حديثه قائلاً «لأنه فنان أثرى حياتنا الثقافية والفنية منذ ستينات القرن الماضي وحتى الآن، فكان لا بد من تكريمه في هذا المعرض سواء كشاعر أو كفنان تشكيلي».